العراق سدد تعويضات الكويت- خبراء متفائلون وغضبٌ بين المغردين
٢٣ ديسمبر ٢٠٢١أعلن البنك المركزي العراقي طي واحد من أكثر الملفات استنزافاً لاقتصاد العراق، بعد أن تم دفع كافة التعويضات المالية التي أقرّتها الأمم المتحدة لصالح الكويت بسبب حرب الخليج، و البالغة 52.4 مليار دولار، وسط تفاؤل بانتعاش اقتصادي وانفتاح على الاستثمار العالمي.
وقال البنك في بيان (الخميس 23/12/2021) إنه "تم تسديد الدفعة الأخيرة المتبقية من تعويضات دولة الكويت، وقيمتها 44 مليون دولار، وبذلك يكون العراق، بعد أكثر من 31 عاما من غزوه الكويت، قد أتمّ سداد كامل مبلغ التعويضات التي أقرّتها لجنة الأمم المتحدة للتعويضات التابعة لمجلس الأمن الدولي، بموجب القرار 687 لعام 1991".
قرار أممي "قاسٍ"!
وكان عام 1991 قد شهد تشكيل لجنة من الأمم المتحدة للتعويضات، وفق القرار الأممي رقم 705، ألزمت بغداد على إثره بدفع 52.4 مليار دولار للأفراد والشركات والمنظمات الحكومية وغيرها، ممن تكبدوا خسائر مباشرة ناجمة عن غزو واحتلال الكويت.
ويعتمد العراق في 98 بالمئة من إيراداته السنوية على تصدير النفط، وكان ما نسبته 30% من عائدات النفط العراقي يسلم للجنة الأممية على أن يبيع ما قيمته ملياري دولار كل ستة أشهر. وفي عام 1997 وفي إطار النفط مقابل الغذاء سمح مجلس الأمن للعراق برفع مبيعاته لتصبح 5.256 مليار دولار أمريكي تذهب 30% منها إلى الكويت.
وكان العراق قد توقف عن تسديد المدفوعات في عام 2014 في أثناء الحرب على تنظيم "داعش" الذي سيطر على ثلث البلاد، لكنه استأنفها عام 2018 باستقطاع 0.5% من قيمة كل برميل نفط يتم تصديره.
وفي عام 2019 ارتفعت نسبة الاستقطاع الى 1.5% لتسدد لصندوق الأمم المتحدة كتعويضات حرب. وفي عام 2020 أصبحت نسبة الاستقطاع 3%، شريطة أن ينتهي سداد التعويضات خلال 4 سنوات، بحسب ما نشرت شبكة الاقتصاديين العراقيين.
انتقادات للكويت والولايات المتحدة
في هذا السياق، طالب مغردون عراقيون بتعويض بلادهم على ما حاق بها من خراب وتدمير بسبب الغزو الأمريكي على أن تشارك الكويت أيضاً في التعويض
الأمر نفسه طالب به كثير من المغردين خاصة ما يتعلق بتعويضات عن الغزو الأمريكي:
فيما انتقد آخرون حصول هيئات وشركات وأفراد كويتيين لم يتضرروا من الحرب على تعويضات أرهقت الاقتصاد العراقي وأفقرت العراقيين، على حد قولهم:
وبحسب الخبراء، فإن ملف التعويضات كان يكلف العراق ما بين 6 إلى 7 ملايين دولار يومياً، ومع انتهاء هذا الفصل القاسي في الاقتصاد العراقي فإن قيمة هذه الأموال من صادرات العراق الحالية - التي تبلغ أكثر من ملياري دولار سنوياً - ستضاف إلى موازنة البلاد وتسد باباً من أبواب النفقات.
إلى أين ستذهب الأموال؟
يقول مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية مظهر محمد صالح إن "ملف التعويضات كلف العراق الكثير من الناتج المحلي الإجمالي ومن مجهودات اقتصاده"، موضحاً، أن "هذا المبلغ ليس بالقليل، حيث إنه كافٍ لبناء منظومة شبكة كهرباء تنعش العراق لسنوات طويلة"، مضيفاً أن "هذه الحرب الطائشة تحمّلها شعب العراق، وإغلاق ملف تعويضات الكويت يعتبر صفحة جديدة في تاريخ العراق الاقتصادي".
ويأمل اقتصاديون عراقيون في أن تذهب هذه الأموال التي كانت تستقطع من الموازنة العراقية إلى التنمية وخصوصاً المشروعات الاستثمارية التي تقوم بتشغيل القوى العاملة والمنتجة.
ويتوقع مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية أن يصدر قرار من مجلس الأمن الدولي مع بداية العام المقبل لإخراج العراق من مشاكل الفصل السابع بميثاق الأمم المتحدة والتخلص شيئاً فشيئاً من أكثر من 40 قرارا من مجلس الأمن فُرضت عليه بسبب حرب الكويت، ما كبل اقتصاده تماماً على مدى عقود حتى الوقت الحاضر.
وأشار صالح إلى أن "العراق أمامه آفاق كبيرة للاندماج في الاقتصاد العالمي"، موضحاً أن العزلة التي يعيش فيها العراق كبيرة للغاية ولاتزال طائرات العالم لا تصل مطار بغداد إلا من بعض البلدان الإقليمية، وهذا جزء من الحصار الذي لايزال يعتبر العراق منطقة حرب بكل ما يشكل ذلك من تكاليف للتأمين والشحن ويؤخر من نقل التكنولوجيا والتعاطي مع التقدم الاقتصادي".
مستقبل اقتصادي أفضل؟
ويؤكد خبراء اقتصاديون أن العراق في حاجة إلى خطة تنمية عشرية للاستفادة من أموال النفط، تبدأ بالبنية التحتية وتنتهي بالمشاريع المدرة للدخل، مع توقعات بأن يكون عام 2022 هو بداية لتحسن كبير في الاقتصاد خاصة مع إغلاق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لتعود البلاد إلى الحياة الاقتصادية الطبيعية وتندمج في المجتمع الدولي.
ويرى الخبير الاقتصادي باسم انطوان أن "إغلاق ملف تعويضات الكويت سيعيد الثقة بالعراق واستثماراته، إضافة إلى تحسين صورته وسمعته بين دول عدة وشركات لخدمة أبناء البلد، فضلاً عن ثقة المواطنين الأجانب في العراق"، لافتاً إلى أن "الخروج من البند السابع ستتبعه بعض الإجراءات، ولكن هي خطوة للأمام، وتبقى على جهود البنك المركزي في هذه العملية"، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء العراقية
وأوضح انطوان أن "قيمة مبلغ التعويضات ستستمر بعد إغلاق الملف ووضعه في صندوق سيادي، لنكون أسوة بباقي دول الخليج ويكون هذا الصندوق ذا نتائج مجزية".
أما نبيل جعفر الأستاذ في جامعة البصرة فقال إنه أصبح لزاماً على الحكومة العراقية "أن تطلب إخراج العراق من الفصل السابع إلى السادس وتحرير حساباته المالية، خصوصاً عائدات النفط التي تذهب الى البنك الفيدرالي الأمريكي ليستقطع منها حصة تعويضات الكويت".
وبين أن "التوجهات الحكومية بعد هذا الملف هو تأسيس صندوق سيادي تودع به الـ3% التي كانت تذهب إلى الكويت، لاستثمارها في الداخل والخارج وتكون نوعاً من المصدات تجاه الأزمات الدولية التي تحل بالعراق بوصفه من الدول الريعية".
أما المحلل الاقتصادي طارق الأنصاري فقال إن "المكاسب التي حققها العراق من إنهاء ملف تعويضات الكويت هو تخفيف العبء على الموازنة العراقية، لأن القرار استند أساساً من قبل مجلس الأمن إلى الطرف المتضرر من دون الأخذ في الاعتبار الطرف المسبب، مع مغالاة كبيرة لا تتناسب وحجم الضرر الذي وقع على الكويت".
فيما قال المحلل الاقتصادي أسامة التميمي إن الحكومات المقبلة ملزمة باستثمار الفائض المالي الذي يمثل المبالغ المستقطعة من العراق لصالح صندوق الأمم المتحدة للتعويضات وبشكل دوري وتوجيهها إلى عجلة التنمية الوطنية لإقامة مشاريع متنوعة تخدم الاقتصاد المتنامي وفق خطط اقتصادية واعدة".
عماد حسن