الطريق الصعب نحو دستور مصري جديد
٩ أكتوبر ٢٠١٢يخضع الدستور المصري الجديد للكثير من التجاذبات، المحكمة الإدارية العليا حلت أول مجلس تأسيسي. والمجلس التأسيسي الحالي مهدد بالحل أيضاً. ومن الصعب تقييم التطورات في البلاد، إذ لم تنته بعد محاكمات الكثير من المؤسسات المصرية. ويهيمن الإسلاميون على المجلس التأسيسي الحالي. ويناقش المجلس مشروع دستور جاهزاً تقريباً ومتنازعاً عليه بشدة. ومن المتوقع أن تصدر المحكمة الإدارية حكمها بشأن قضية حل المجلس التأسيسي الثاني أو عدم حله بعد بضعة أسابيع، فرغم أنه كان من المقرر أصلاً أن تصدر حكمها بهذا الشأن في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، إلا أنه تم تأجيل إصداره مجدداً.
في ظل هذا الوضع تستمر الهجمات على المجلس التأسيسي. ويشارك الأستاذ رجب سعد طه من معهد دراسات حقوق الإنسان في القاهرة خبراء كثيرين في تشاؤمهم. وتبدأ انتقادات طه بأهلية الكثير من أعضاء المجلس. "وقع المجلس التأسيسي في أزمة شديدة بسبب هيمنة الإسلاميين عليه من جهة ومن جهة أخرى بسبب نقص الأعضاء المؤهلين فيه، إذ أن عدداً قليلاً جداً منهم فقط لهم الخبرة في شؤون القانون الدستوري".
تقييد الحقوق الأساسية
لكن الجزء الأكبر من هذه الانتقادات يخص محتوى مشروع الدستور. فالليبراليون بشكل خاص يتهمون المجلس التأسيسي الذي يهيمن عليه أعضاء من الإخوان المسلمين والسلفيين، بمحاولة تقييد الحقوق الأساسية. وينتقد رجب سعد طه محاولة تقييد حرية الإعلام بالقول: "إن هناك بندا يسمح بحظر نشر المعلومات إذا تعلق بالأمن القومي. وحظرت الحكومة بحجة ضرورة الحفاظ على الأمن القومي على الجامعة الأمريكية في القاهرة استخدام كتاب تاريخ معين"، فهذا الكتاب يتطرق أيضاً إلى دور العسكريين الذين يعتبرهم المصريون أبطالاً، بفضل عقود من الدعاية السياسية. فكتاب يتناول دور الجيش بالنقد غير مرغوب فيه. ورغم أن حظر كتاب التاريخ تم اعتمادا على الدستور الحالي، إلا أن المبدأ في ذلك هو نفسه، إذ لا يوجد تعريف لمفهوم الأمن القومي. ولذلك يمكن للحكومة أن تسيء استخدام مثل هذا البند.
إلا أن المخاوف لا تتوقف عند هذا الحد فقط، إذ أن منتقدين كثيرين ينطلقون من احتمال إقدام الأخوان المسلمين والسلفيين على إقامة دولة إسلامية، فالسلفيون طالبوا بأن يحسم علماء الأزهر في المستقبل فيما إذا كانت القوانين العلمانية قابلة للانسجام مع مبادئ الشريعة، إذ أن الأزهر يعتبر أحد أهم المراجع السنية المختصة بتفسير الشريعة. وفي هذه الحالة سيتحول الأزهر في رأي رجب سعد طه إلى مؤسسة تزيد أهميتها على أهمية البرلمان المنتخب.
حرية الأديان مهددة
على العكس من رجب سعد طه أكد مدير المكتب الصحفي لحزب الحرية والعدالة للإخوان المسلمين "أن الأزهر سيقوم بدور استشاري. إلا أن القرارات النهائية، سيتخذها البرلمان، فالأغلبية في المجلس التأسيسي متفقة على أن الأزهر لن يكون إلا مؤسسة استشارية فقط".
علاوة على ذلك فمن المحتمل تقييد حرية الأديان، فالسلفيون والإخوان يؤكدون بكل جلاء أنهم يريدون السماح للمسلمين والمسيحيين واليهود فقط بممارسة طقوسهم وشعائرهم الدينية علناً. إلا أنهم يرفضون السماح بذلك للأقلية البهائية مثلاً. ويبرر مدير الخدمات العلمية لحزب الحرية والعدالة أسامة نور الدين ذلك بالقول: "إن المصريين لم يتبنوا أبدا أدياناً أخرى. ولا تسمح تقاليدنا بقبول هذه الأديان الأخرى في المجتمع، فذلك سيؤدي إلى إثارة نزاعات اجتماعية كثيرة".
هل سيتم حل المجلس التأسيسي الحالي أيضاً؟
اتحد الأعضاء غير المسلمين في المجلس التأسيسي لتأكيد انتقادهم، بل باتوا يفكرون الآن في تأسيس بديل له، رغم أن محاولات مماثلة فشلت في الماضي.لكن حتى لو تم حل المجلس التأسيسي الحالي، فإنه ليس من المحتمل أن يؤدي ذلك إلى تغير جذري، كما يقول رجب سعد طه، "فالناطق باسم الإخوان المسلمين أكد أن الرئيس سيعين نفس أعضاء المجلس مرة أخرى. وهذا يعني الاستمرار في وضع مشروع الدستور الحالي".