أضحت دراسة الصحافة الإلكترونية تحظى بإهتمام متزايد لدى الشباب الألماني
١٤ يناير ٢٠٠٧يعد قسم الصحافة الإلكترونية بمدينة العلوم "دارمشتات" أول تخصص في هذا المجال على المستوى الألماني، كما انه من أكثر الأقسام نجاحاً على المستوى الأوروبي لما يحصل عليه من جوائز ومنح من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية.
ويعكس هذا الأمر خبرة الأساتذة الذين يدرّسون فيه من جهة، وغنى وشمولية مواده النظرية والتطبيقية من جهة أخرى. يضاف إلى ذلك المشاريع والعلاقات القوية التي يقيمها مع وسائل الإعلام الألمانية، الأمر الذي يشكل الحافز الأكبر لإقبال الطلبة الكثيف على التسجيل فيه.
ويتطلب الانتساب إلى هذا القسم معدلات نجاح عالية في الثانوية العامة، إضافة إلى خبرة مسبقة في مجال العمل الصحفي. هذا وتستغرق مدة الدراسة فيه أربع سنوات يكتسب فيها الطلبة خبرات نظرية وعملية في العديد من المؤسسات الإعلامية. ومن أبرز المواد التي تُدرّس فيه تصميم الصفحات الإلكترونية والكتابة الصحفية والبحث والحقوق المتعلقة بهذا المجال، إضافة إلى التدريب على فن التصوير والإنتاج التلفزيوني. وينبغي على الطلبة أيضاً القيام خلال فترة الدراسة بدورة تدريبية لمدة ستة اشهر لدى إحدى وسائل الإعلام حسب الاختيار الشخصي. وفي ختام الدراسة يحصل الطالب على دبلوم صحافة الكترونية.
الصحافة الإلكترونية تنافس للصحافة التقليدية
يعكس الطلب المستمر على الأطر المؤهلة في مجال الصحافة الإلكترونية المنافسة التي اصبحت تشكلها بالنسبة إلى الصحافة التقليدية. " الصحافة الإلكترونية تعكس التطور المستمر للصحافة التقليدية، لكنها تتمتع بمرونة أكبر مقارنة بالأخيرة لكونها تجمع بين أشكال الإنتاج الصحافي كالنص المكتوب والمسموع والمرئي"، يقول الأستاذ لورينس ماير رئيس قسم الصحافة الإلكترونية بجامعة دارمشتات في مقابلة مع موقعنا. وعلى الرغم من ذلك هناك مخاوف من اختفاء الصحافة التقليدية لكون فئة عريضة من الشباب أصبحت تستمد معلوماتها الإخبارية من المواقع الإلكترونية للجرائد والمجلات وفقاً للخبير ماير. وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن آخر الإحصائيات على المستوى الألماني تفيد بأن ما يزيد على 57 بالمائة من الألمان يستفيدون من الشبكة العنكبوتية يوميا، وأن نسبة عالية منهم تتابع برامج الراديو أو تشاهد التلفاز-خاصة مباريات الدوري الألماني- عن طريق الإنترنت. وينعكس الاهتمام المتزايد بالصحافة الإلكترونية على سوق العمل الألمانية أيضاً التي لازالت بحاجة ماسة للعديد من خريجي الجامعات في هذا المجال.
قلة المختصين في الصحافة الإلكترونية
يشهد الإعلام العربي تحسنا ملحوظا مع انتشار الفضائيات، لكنه ما زال يعاني من عجز تقني والكتروني. ويأتي ذلك في وقت يزداد فيه دور الصحافة الإلكترونية في عالم الإعلام، إذ أن الإنترنت شئنا أم أبينا أضحت وسيلة إعلامية عالمية تصل الى جميع الناس وبكافة اللغات، خاصة وأن الخبر على الإنترنت يتعدى المكتوب الى ما هو مرئي و مسموع.
ومع الأسف لم تصل الصحافة الإلكترونية العربية وغير العربية إلى المستوى المطلوب حتى الآن لعدة أسباب أهمها قلة الخبرات في هذا المجال. على سبيل المثال هناك جرائد ومجلات منشورة على شكل صور في شبكة الإنترنت. وهناك مواقع إلكترونية تنشر نصوصها على شكل قطعة واحدة، بينما يتطلب النشر الإلكتروني نصوصاً على شكل فقرات وعناوين فرعية. وهذا ما يجعل السوق العربي بحاجة ماسة أيضا إلى متخصصين في هذا المجال، لاسيما وأن إمكانية دراسة الصحافة الإلكترونية لا زالت نادرة في معظم البلدان العربية. وعليه فإن هذه الدراسة تحظى باهتمام متزايد من قبل الطلاب العرب في بلد مثل ألمانيا رغم مشاكل اللغة التي يمكن التغلب عليها.
النص الكامل للحوار مع البريفسور لورنس ماير رئيس قسم الصحافة الالكترونية في جامعة دارمشتات/ ألمانيا
"الصحافة الإلكترونية يمكن أن تصبح الصحافة الرئيسية"
النجاح الكبير الذي حققته الصحافة الإلكترونية جعلت منها محط أنظار المؤسسات الإعلامية التي ترى فيها حلاً للكثير من مشاكلها، كما يرى الخبير لورنس ماير في مقابلة مع موقع دويتشه فيله واليكم نص الحوار:
ما هي أبرز خصائص الصحافة الإلكترونية؟
الصحافة الإلكترونية هي استمرار للصحافة التقليدية بشكل يواكب التطور الإعلامي الذي نشهده في عصرنا الحالي. غير أنها تتميز عنها بنوع من المرونة على صعيد الجمع بين عدة أشكال من الإنتاج الصحافي كالنص المكتوب والمسموع والمرئي. وبهذا تجمع الصحافة الإلكترونية بين مختلف التقنيات المتوفرة في وسائل الإعلام التقليدية.
لكن المؤسسات الإعلامية ما تزال في الغالب تنظر إلى الصحافة الإلكترونية كعجلة احتياط في السيارة، ما هو رأيكم بذلك؟
هذه النظرة لها علاقة بنشأة المشاريع الإلكترونية التي لم تتوفر لها إمكانيات مادية وخبرات مسبقة في بادئ الأمر. وهكذا فإن الأمر كله كان نوعاً من التحدي في ذلك الحين، هذه الحالة دفعت بدورها أوائل المحررين الإلكترونين للاعتماد على أنفسهم وعلى أفكارهم الخاصة، مما انعكس سلبا على صورة الصحافة الإلكترونية لدى الصحافيين التقليديين المتمرسين الذين لم يبدوا أي اهتمام بهذا النوع من الصحافة في البداية.
هل يمكن القول بأن الصحافة الإلكترونية أصبحت مهنة قائمة بذاتها على ضوء الازدياد المستمر في الطلب على المتخصصين وأصحاب الخبرة فيها؟
بكل تأكيد، فعروض العمل في هذا المجال تعرف تزايداً مضطرداً. ويدعم ذلك النمو الكبير لقطاع الإعلان على شبكة الإنترنت بشكل يجعلها جاذبة للاستثمار في مجال الإعلام. ومن نتائج ذلك خلق فرص عمل إضافية للصحافيين المتخصصين. ويزيد من أهمية ذلك إن المواقع الإلكترونية تعتبر الحل للعديد من المشاكل التي تتخبط بها وسائل الإعلام بسبب فقدان عدد كبير من القراء أو المشاهدين.
إذا كان الإنترنت المصدر الرئيسي للمعلومات بالنسبة لفئات عريضة من الشباب، ماذا سيحدث مع الجرائد والمجلات ؟
حقيقة هناك بعض التخوفات من القضاء عليها عن طريق الإنترنت، لكني لا آخذها بمحمل الجد، ومع ذلك يمكن أن يحدث بعض التغيير في المستقبل القريب. فبدلاّ من أن يتم تمويل المواقع الإلكترونية الخاصة بالجرائد والمجلات عن طريق هذه الأخيرة، يمكن أن يحصل العكس.
ما هي نتائج التطور التكنولوجي على الصحافة الإلكترونية في المستقبل؟
يصعب الحسم في هذا الموضوع. لكن صحافة الفيديو في المواقع الإلكترونية أصبحت تحظى باهتمام كبير من قبل العديد من وسائل الإعلام. وينطبق ذلك أيضاً على ما يصطلح عليه بصحافة القراء التي يلعب فيها القارئ دور المنتج والمستهلك. فهذان النوعان من الصحافة أصبحا يلعبان دورا كبيرا تعلق عليه العديد من وسائل الإعلام الكثير من الآمال.
هل تعتبر المواقع الشخصية مكملة أم منافسة للصحافة الإلكترونية؟
المواقع الشخصية يمكنها أن تلعب العديد من الأدوار الإيجابية، فعلى سبيل المثال يمكنها أن تكون صلة ربط بين القارئ والكاتب. كما يمكن أن تكون وسيلة لتواصل بين عدد من المراسلين في بعض مناطق النزاع. هناك الملايين من المواقع الشخصية، بعضها يتسم بمستوى عال قد يتمم أو يضاهي الصحافة الإلكترونية.
سبق وشغلت رئاسة مشروع موقع قنطرة للحوار بين الأديان والثقافات، كيف ترون دور الإنترنت في تقارب الحضارات؟
للإنترنت دور جد كبير في هذا المجال، لأنها تستطيع تخطي الحدود بطريقة سهلة. ومن خلال التعدد اللغوي في الموقع الإلكتروني الواحد يمكن الوصول الى عدد كبير من القراء في مناطق مختلفة في العالم.
أجرى الحوار محمد الحرشي
* لورنس ماير رئيس قسم الصحافة اٌلإلكترونية في جامعة دارمشتات، قبل ذلك عمل مديراً لمشروع قنطرة ورئيساً لموقع جريدة دي تسايت Die Zeit الألمانية. كما كان من أوائل المحررين في موقع شبيغل.