الشكوك تحيط بمهمة البحرية الألمانية أمام السواحل اللبنانية
٣٠ أكتوبر ٢٠٠٦أعلن بيان رسمي صادر عن مكتب رئاسة الحكومة الإسرائيلية أن رئيس الحكومة ايهود اولمرت قدم يوم أمس الأحد اعتذاره "على سوء التفاهم"، الذي تكرر في لبنان اثر الحوادث التي وقعت بين سلاح الجو الإسرائيلي والبحرية الألمانية قبالة الشواطىء اللبنانية. وقال البيان إن "رئيس الوزراء شرح لوفد من البرلمانيين الألمان يقودهم رئيس الكتلة البرلمانية للحزب المسيحي الديمقراطي فولكر كاودر معنى ما حصل وقدم اعتذاره على سوء التفاهم الذي حصل الأسبوع الماضي".
كما أضاف البيان أن "رئيس الوزراء شدد على أهمية مشاركة القوة الألمانية في القوة الدولية المنتشرة في لبنان وشدد أيضا على أن اتصالات مباشرة ستقوم بين القوات الألمانية والإسرائيلية لمنع تكرار حوادث من هذا النوع". كما أوضح البيان أن اللقاء مع البرلمانيين الأعضاء في حزب المستشارة انجيلا ميركل استغرق 40 دقيقة. ومن المقرر أن يزور وزير الدفاع الالماني، فرانتز يوزف يونغ، إسرائيل في الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل ويلتقي نظيره عمير بيريتس، على خلفية الأحداث التي وقعت أخيرا بين الألمان والإسرائيليين قبالة شواطىء لبنان.
حوادث عابرة.....
تسلمت البحرية الألمانية اعتبارا من 15 تشرين الأول/اكتو بر قيادة القوة الدولية (اليونيفيل) البحرية، التي تهدف بشكل أساسي إلى منع وصول أسلحة إلى أيدي حزب الله. وقد شهدت هذه المهمة بداية صعبة، ففي الأسبوع الماضي وقع حادث بين سفينة استطلاع ألمانية مع طائرات إسرائيلية أطلقت النار في الهواء فيما كانت تحلق فوقها، وهو ما نفته إسرائيل. غير أن الناطق باسم هيئة أركان قوات التدخل الألمانية في بوتسدام أكد على صحة الرؤية الألمانية، وأوضح أن الحادث شاركت فيه ست طائرات مطاردة إسرائيلية أطلقت إحداها مرتين النار قرب السفينة الألمانية، مشيرا إلى إن الإسرائيليين استخدموا أيضا صواريخ تمويه (تستخدم لتغيير مسار صواريخ محتملة).
..... أم استفزازات مقصودة؟
ومن جانبه نفى وزير الدفاع الإسرائيلي عمير بيريتس يوم الأربعاء الماضي في اتصال هاتفي مع نظيره الالماني ان تكون الطائرات الإسرائيلية أطلقت النار قرب سفينة ألمانية. وأوضحت متحدثة باسم بيريتس أن هذا الأخير أكد للوزير الالماني "عدم قيام اي طائرة إسرائيلية بفتح النار باتجاه بارجة ألمانية وان إسرائيل لا تنوي مهاجمة القوات الألمانية". كما أوضحت ناطقة باسم الجيش الإسرائيلي ان طائرتين إسرائيليتين رصدتا وجود مروحية تدخل المنطقة الحدودية بين إسرائيل ولبنان قبالة الناقورة. وقالت المتحدثة: "اقتربت الطائرات الإسرائيلية من المروحية التي لم تعرف عن نفسها بحسب الإجراءات المقررة". وأشارت إلى ان الطائرات الإسرائيلية لم تطلق النار وان المروحية عادت أدراجها ثم حطت على سفينة ترفع العلم الالماني.
وعلاوة على ذلك ذكرت مجلة "فوكوس" في عددها الصادر يوم الاثنين أن طائرات حربية إسرائيلية صوبت سلاحها في الآونة الأخيرة باتجاه مروحيات ألمانية كانت تحلق قبالة الساحل اللبناني دون إطلاق النار عليها، موحية بان مثل هذا الحادث يتكرر من وقت لآخر. وبحسب مقاطع حصلت عليها وسائل الأعلام الألمانية يوم السبت الماضي من مجلة "فوكوس"، التي لا تذكر تاريخ هذا الحادث، فان طائرات حربية إسرائيلية وجهت جهاز تصويبها الإشعاعي على المروحيات الألمانية وتوقفت قبل أن تطلق النار.
برلين: "حرية تحرك البحرية الألمانية محدودة"
وكان وزير الدفاع الالماني، فرانتز يوزف يونغ، قد أقر يوم الجمعة الماضي بان حرية تحرك البحرية الألمانية التي تتولى قيادة القوة الدولية البحرية في لبنان، محصورة في منطقة تمتد من الساحل اللبناني الى مسافة ستة أميال بحرية. وقال يونغ، الذي تعرض إلى إنتقادات حادة من المعارضة الألمانية لقيامه بالتعتيم عن النطاق الحقيقي لمهمة البحرية الألمانية أمام أعضاء لجنة الدفاع في البرلمان الألماني إن السفن الألمانية لا يمكنها دخول هذه المنطقة إلا بطلب من السلطات اللبنانية، أو إذا كانت تلاحق سفينة، أو إذا كان هناك شبهات "أكيدة" بتهريب الأسلحة عبر البحر.
انتقادات لاذعة للمعارضة الألمانية
ويأخذ بعض نواب حزب الحزب الليبرالي المعارض على الحكومة أنها أخلت بوعدها القائل بأنه لا توجد "أي منطقة حظر" لمناورات البحرية الألمانية التي تتولى منذ 15 تشرين الأول/أكتوبر قيادة يونيفيل البحرية. لكن ناطقا باسم الحكومة الألمانية قال إن التدخل يجري "بشكل جيد جدا في التطبيق".
ورغم المحاولات الحثيثة التي تبذلها الحكومة الألمانية من اجل التقليل من شان الحوادث الخطيرة بين البحرية الألمانية والطائرات الإسرائيلية، إلا أن التفسيرات المتناقضة حوله تطرح جملة من الأسئلة التي لا مفر منها حول التكليف الحقيقي للبحرية الألمانية أمام السواحل اللبنانية. وفي هذا الإطار طالب الحزب الليبرالي المعارض، على لسان زعيمه غيدو فيسترفيله "بكشف ملابسات هذه الأحداث بشكل كامل"، لأن "الحكومة الألمانية لم تقيم الوضع بشكل سليم". كما طالب بعرض الفيديو، الذي سجلته سفينة الاستكشاف الألمانية "ألستر" أثناء اقتراب الطائرات الإسرائيلية منها من أجل كشف وقائع هذه الأحداث. يذكر أن فيسترفيله وحزبه كانا قد عارضا المشاركة العسكرية الألمانية في قوات اليونيفيل، معللين ذلك بأنه مازال ثمة غموض كبير يحيط بمخططات نشر القوات البحرية الألمانية قبالة السواحل اللبنانية، خاصة منها ما يتعلق بوجود ضباط لبنانيين بصفة مراقبين على متن البواخر الألمانية ودورهم على متن تلك السفن.