الشرق الأوسط.. الاغتيالات تصب الزيت على نار التصعيد؟
٣١ يوليو ٢٠٢٤أثارت واقعتا اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية والقائد العسكري الأبرز في حزب الله سيد محسن المكنى بفؤاد شكر، المخاوف من تصاعد التوتر في الشرق الأوسط.
وأعلنت حماس الأربعاء (31 يوليو/ تموز) مقتل هنية في "غارة إسرائيلية" في طهران فيما لم تعلق اسرائيل على مقتله الذي جاء بعد يوم من استهداف غارة إسرائيلية فؤاد شكر أثناء تواجده في ضاحية بيروت الجنوبية، وأعلنت إسرائيل مسؤوليتها عن الغارة ومقتل شكر الذي عثر على جثته يوم الأربعاء، وتتهمه إسرائيل بالوقوف وراء الهجوم الذي وقع نهاية الأسبوع الماضي في الجولان وأودى بحياة اثني عشر فتى وفتاة.
وكانت إسرائيل قد وضعت هنية على رأس أهدافها في أعقاب هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل والذي أودى بحياة 1200 شخص في السابع من أكتوبر / تشرين الثاني الماضي وأدى إلى اندلاع الحرب الدائرة حاليا بين إسرائيل وحماس التي أسفرت عن مقتل نحو 40 ألفا في غزة.
وترى كيلي بيتيلو، الباحثة في شؤون الشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن واقعتي اغتيال هنية وفؤاد شكر "سيكون لهما التأثير الكبيرعلى المنطقة بأكملها." وأضافت في مقابلة مع DWأنه "من السابق لأوانه تحديد النتائج، لكن العواقب تنذر بأن الأمور قد تنزلق نحو الأسوأ".
التداعيات على حماس؟
وأوضحت بيتيلو أن مقتل هنية وشكر سوف يساهمان في تعزيز نفوذ حماس وحزب الله. الجدير بالذكر أن حزب الله ينظر إلى حماس كحليف، فيما تحظى المنظمتان بدعم إيراني.
ويذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كـ "منظمة إرهابية".
وتعتبر دول عديدة حزب الله اللبناني، أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية. ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول أخرى. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كـ "منظمة إرهابية".
وأضافت بيتيلو أن "إسرائيل - بقتل هنية - قضت على القيادة السياسية الأكثر اعتدالا داخل حماس. هنية كان طرفا محوريا في محادثات وقف إطلاق النار التي جرت بوساطة مصرية-قطرية-أمريكية".
وترى الباحثة أن واقعة مقتل هنية سوف "تمهد الطريق أمام اكتساب الذراع العسكري (في حماس) المزيد من الدعم من العديد من الفلسطينيين الذين سوف يرددون: انظروا إلى مصير هنية الذي انخرط في العمل الدبلوماسي".
وقالت إن واقعة الاغتيال سوف "تضع يحيى السنوار، القيادي الأكثر تطرفا في الجناح العسكري لحماس، على رأس السلطة داخل الحركة".
وتنقسم قيادة حماس إلى فصيلين؛ إذ يتخذ الفصيل السياسي من قطر مقرا له وكان تحت قيادة هنية، فيما يتواجد الفصيل العسكري في غزة تحت قيادة يحيى السنوار منذ عام 2017.
ويرى مراقبون أن مقتل هنية سوف يؤثر على مسار تنفيذ التوافق الذي توصلت إليه فصائل فلسطينية خلال مباحثات في بكين قبل أسبوع، بشأن تبني "حكومة مصالحة وطنية مؤقتة لإدارة غزة بعد الحرب".
بيد أن الأمر الأكثر ترجيحا يتمثل في أن تؤدي عملية الاغتيال إلى تعليق مفاوضات وقف إطلاق النار التي تتضمن إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين الذين مازلت تحتجزهم حماس وإبرام هدنة في غزة وإطلاق سراح معتقلين فلسطينيين من السجون الإسرائيلية..
وفي مقابلة مع DW، قال سيمون فولفغانغ فوكس، الأستاذ المشارك في قسم الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية بالجامعة العبرية في القدس، إنه "لا يزال من الصعب تقييم الآثار المترتبة على كل هذا في الوقت الراهن، لكن هناك مخاوف من أن جميع الجهود المبذولة للتوصل إلى صفقة تفضي إلى إطلاق سراح الرهائن، أصبحت الآن أملا بعيد المنال رغم أننا كنا نتوقع انفراجه خلال الأسابيع الأخيرة". ويرى فوكس أن "حماس لن تكون قادرة على العودة إلى العمل كالمعتاد".
رد "محتمل" من حزب الله
وفيما يتعلق بتداعيات مقتل فؤاد شكر، قالت بيتيلو إن "مقتل الرجل الثاني في حزب الله يعني أن الأخير يتعرض لضغوط هائلة للانتقام. بالنسبة لحزب الله، فقد جرى أكثر من تجاوز خط أحمر بين ليلة وضحاها".
ولا يقتصر قلق الباحثة على احتمال تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل، بل يمتد إلى خوفها من أن يقدم حزب الله على تغيير قواعد دعمه لحماس. وفي هذا الصدد، قالت إن حزب الله "أكد حتى الآن أنه سيوقف هجماته على إسرائيل بمجرد التوصل إلى هدنة". وأشارت إلى أن مقتل شكر من شأنه أن "يزيد الضغوط على حزب الله سواء من الداخل أو من قبل حماس نظرا لمقتل هنية وأيضا من قبل إيران نظرا لأن مقتل هنية جرى خلال تواجده في طهران".
وفي هذا السياق، قال سيمون فولفغانغ فوكس إن "عملية اغتيال هنية في طهران تمثل بادئ ذي بدء إهانة لإيران"، مضيفا "التوقيت كان بالغ الأهمية. فقد شارك عدد من ممثلي ما يسمى بـ "محور المقاومة" في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بيزشكيان".
وأضاف أن "اختيار توقيت عملية الاغتيال بالتزامن مع هذا الحضور الرمزي يظهر أن [إسرائيل] رغبت في بعث رسالة مفادها أن: إيران لا تستطيع بالفعل حماية حتى ضيوفها وإن أيادي إسرائيل تتجاوز حدودها".
وتتفق في هذا الرأي كيلي بيتيلو، قائلة: "كانت الأنظار جميعها متجهة إلى طهران، وبما أن عملية الاغتيال حدثت على الأراضي الإيرانية، فسوف تضطر إيران إلى الرد".
وتوعدت إيران على لسان مرشدها الأعلى علي خامنئي، "برد قاس ومؤلم" على اغتيال هنية فيما أعلنت الحكومة الحداد في البلاد لمدة ثلاثة أيام.
أعده للعربية: محمد فرحان