الشباب القصر وهجرة المغاربة إلى إسبانيا
١٦ مارس ٢٠٢٤نشرت الصحافة الإسبانية في الأسابيع الأخيرة مقاطع فيديو لشباب مغاربة تتقاذفهم الأمواج والتيارات قبالة جيب سبتة الإسباني. ويظهر هؤلاء منهكين من شدة التعب، فمنهم من رمى بنفسه على صخور الشاطئ عند الوصول ومنهم من يبدو راكعا على ركبتيه محاولا التقاط أنفاسه.
ومن بين الـ60 مهاجرا الذين وصلوا في نهاية شباط/فبراير إلى هذه الشواطئ، لم تتجاوز أعمار نحو 20 منهمـ الـ18 عاما.
ومنذ بداية العام، وصل ما مجموعه 144 مهاجرا إلى سبتة عن طريق البحر، وتستضيف الدولة حاليا حوالي 230 مهاجرا في مركز الإقامة المؤقتة للمهاجرين في "لا إسبيرانزا".
المهدي عليوة، عالم اجتماع وأستاذ بجامعة الرباط الدولية، يرد على أسئلة مهاجر نيوز بشأن هؤلاء القاصرين أو الأطفال أحيانا، لا سيما بخصوص دوافعهم وراء اتخاذ هذه الطرقات المحفوفة بالمخاطر لترك المغرب، وحدهم في أغلب الأحيان، والوصول بالآلاف كل عام إلى سبتة أو جنوب شبه الجزيرة الإيبيرية.
في الأسابيع الأخيرة، وصل عشرات الشباب المغاربة إلى شاطئ بنزو في سبتة. بإمكاننا القول إن أعداد الواصلين ازدادت في الأشهر الأخيرة؟
كانت هناك ذروة طفيفة في عدد الوافدين في شباط/فبراير، لكن محاولات العبور إلى هذا المكان لم تنخفض أبدا. في هذه المنطقة من المغرب، دائما ما كان هناك قاصرون يتدربون على السباحة في البحر حتى يتمكنوا من المغادرة يوما ما. وفي الناظور، جنوب سبتة، كل يوم يركض الأطفال خلف الشاحنات المتجهة إلى إسبانيا في عبارات، وهذا يحدث منذ 20 عاما.
وكان هذا الجيب دائما مسرحاً لعمليات العبور بين المغرب وإسبانيا، إلا أن عسكرة الحدود جعلت الأمور أكثر تعقيدا، ما اضطر الشباب المغاربة إلى إيجاد حلول أخرى أكثر خطورة للتمكن من العبور.
بالإضافة إلى ذلك، يتأثر الشباب اليوم بشكل كبير بشبكات التواصل الاجتماعية، فعندما يرى أحدهم صديقا أو ابن عم ينشر صورة له في إسبانيا وهو يبتسم، يقول لنفسه إن هذا ممكن.
في أوائل شباط/فبراير، غرق بيكر ذو الـ17 عاما، أثناء محاولته الوصول إلى الجيب الإسباني، ولا يزال مراهق آخر يدعى حازم مفقودا منذ بداية كانون الأول/ديسمبر. هل تقوض هذه المآسي المتكررة عزيمة الراغبين بالهجرة؟
جاذبية إسبانيا لا تزال أقوى، حيث يرى الشباب من الساحل المغربي أضواء مدينة سبتة ليلا، ويبدو الجيب قريبا جدا منهم ويمكن الوصول إليه. وقد يكون الضغط العائلي عاملا مهما أيضا، فقد ترغب عائلات بإرسال أطفالها إلى إسبانيا نظرا إلى أن الجالية المغربية المقيمة هناك قوية. (مع ما يقرب من 800 ألف مواطن يقيمون بشكل قانوني، يمثل المغاربة أكبر جالية أجنبية في إسبانيا، متفوقين بذلك على الرومانيين والبريطانيين). كما يرغب بعض الشباب أحيانا في الانضمام إلى أحد أفراد الأسرة الذي انتقل بشكل قانوني إلى سبتة.
ولكن من بين هؤلاء القاصرين، هناك أيضا العديد من الأطفال المشردين. والجدير بالذكر أيضا أن هؤلاء الشباب الذين يصلون إلى سبتة أو يركبون القوارب في شمال المغرب ليسوا بالضرورة من المناطق القريبة، فقد يأتون من جميع أنحاء البلاد لمحاولة العبور.
هل يكون هؤلاء الأطفال برفقة أحد أفراد الأسرة أو أحد المعارف؟
لا، هم بمفردهم تماما، ويشكلون مجموعات صغيرة أثناء العبور أو الوصول إلى أوروبا. ويطلق عليهم في المغرب اسم "أولاد الحرام" أي "أبناء الخطيئة"، فقد ولدوا خارج إطار الزواج، وبالتالي يعتبرون غير شرعيين. أمهات هؤلاء الأطفال، يتعهدن بهم وهم رضع إلى أحد الأقارب، عم أو عمة، في محاولة للتخلص من العار. ومع مرور السنين، يُترك هؤلاء الأطفال وحدهم ويُهملون أكثر، وينتهي بهم الأمر في الشارع، فعندما يسمع أحدهم عن العبور إلى أوروبا حيث بالإمكان كسب المال يصبح هدفه الوحيد العبور إليها.
في عام 2023، اعترضت السلطات المغربية 87 ألف مهاجر، ما رأيكم بتكثيف المراقبة على السواحل المغربية سواء على البحر الأبيض المتوسط أو الأطلسي؟
هذه المراقبة التي يمولها الاتحاد الأوروبي جزئيا عبر اتفاقيات مع الرباط لا تزال غير فعالة. تريد أوروبا دائما المزيد من خفر السواحل والموارد، ولكن إلى ماذا سيفضي هذا الأمر؟ ومن سيعمل في موسم حصاد الفاكهة والخضروات في الصيف في إسبانيا إذا منع المهاجرون من الوصول؟ هذا منطق غير فعال.
صحيح أن المغرب يلعب أحيانا دورا دبلوماسيا في قضية المهاجرين ، لكن على أوروبا تحمل مسؤولياتها وتوفير قدر أكبر من حرية الحركة للمغاربة الذين سيحاولون العبور مهما اتُخذت إجراءات لمنعهم.
مارلين بانارا