الشباب الألماني: اهتمام بالسياسة وعزوف عن الأحزاب
٢٦ أغسطس ٢٠١٢يعالج بوشيدو في أغانيه مواضيع المخدرات والدعارة والعنف المسلح، كما يتناول في أغانيه قضايا الأجانب في مدينة برلين، أما الأغاني المرتبطة بمواضيع السياسة فعددها قليل. وبالمقابل تضمنت بعض أغانيه مواقف استفزازية ضد النساء والمثليين جنسيا. وفي وقت سابق صدر ضده حكم قضائي بعد قيامه بضرب أحد الأشخاص.
مغني الراب بوشيدي في البرلمان الألماني
في البوندسطاغ الألماني أجرى المغني المثير للجدل تدريبا عمليا لمدة أسبوع، وساعده في ذلك النائب البرلماني كريستيان فان ستستن من حزب الإتحاد الديمقراطي المسيحي مما أثار ضجة كبيرة في البلد. وقد وصف بوشيدو البرلمان بأنه "منطقة من مناطق اللعب والمغامرة". وتشكل طريقة عمل البرلمان وسير جلساته كما تعرف عليها المغني أخيرا عن كثب عالما يجهله محبو بوشيدو أيضا. وغالبا ما يكون المهاجرون من الطبقات الاجتماعية الدنيا الأكثر تعاطفا مع هذا الفنان المزداد بمدينة بون عام 1978 واسمه الحقيقي أنيس محمد يوسف فرشيشي.
عزوف الشباب عن السياسة
بناءا على دراسة قامت بها المؤسسة الألمانية للتربية السياسية(BpB) ومعهد زينوس في مدينة هايدلبرغ، فإن الفئات العمرية ما بين 14 و19 عاما تجهل الكثير عن الأحزاب والسياسيين والبرلمان، رغم أهمية تلك المؤسسات في التمثيلية الديمقراطية. ويقول كلاوس هورلمان، أحد المشاركين في هذه الدراسة، في حوار مع DWفيله "يرى حوالي 20 بالمائة من الشباب فجوة بينهم وبين الأحزاب، وهذا ما يدعو الديمقراطية إلى التساؤل عن مكانة الأحزاب التي تشكل أحد أعمدة الدولة المنظمة لها".
"بوشيدو يخاطب الشباب بلغة يفهمونها..."
يستنتج مارك كالمباخ، باحث تربوي في معهد زينوس في مدينة هيدلبرغ، في لقاء مع DWأن المستوى التعليمي للشباب المهمش اجتماعيا غالبا ما يكون ضعيفا وتلقائيا بشكل يبعده عن السياسة. ويضيف كالمباخ "عندما يعالج نجم غنائي كبوشيدو مشاكل هؤلاء الشباب بلغة يفهمونها، فالكثير منهم ينصتون له". ويرى المتحدث أن التدريب العملي الذي أجراه بوشيدو في البوندسطاغ أثار أيضا اهتمام محبيه.
تلميذ يدخل عالم السياسة
منذ سنتين بدأ اهتمام التلميذ هاو فو من مدينة بيرن كاستل في ولاية راينلاند بفالز بالسياسة كرجل إطفاء متطوع. ويقول هاو فو: "عند رجال الإطفاء استنتجت أن السياسة مهمة، حيث إن المسئول عن رجال المطافئ في بلديتي هو الذي يملك سلطة القرار بخصوص ميزانيتنا". و دخل هاو فو عام 2010 إلى صفوف الحزب الاشتراكي الديمقراطي ومنذ ذلك الوقت يشارك الشاب في لقاءات حزبه في الولاية حيث حصل على عضوية في برلمان الشباب وينشط داخل أحدى الجمعيات.
ويقول هاو فو "عندما أقرأ المشاريع القانونية والملفات التي تقدمها المعارضة أشعر بالملل، بسبب أسلوبها" لكنه يعترف أن خلف ذلك يوجد نشاط شخص يسعى الى التأثير في المجتمع بشكل عام. وينظم ها فو أنشطته السياسية عبر مواقع التواصل الاجتماعية كالفايسبوك وتويتر ويشارك في نقاشات على الانترنيت. وبينما يعتبر بعض زملائه الذين يكبرونه سنا أن الأنشطة السياسية عبر مواقع التواصل الاجتماعي لا تدخل في إطار العمل السياسي بالمعني الضيق، فإن هاو فو يعتبر أن مستقبل الأحزاب رهن بذلك.
"العزوف عن الأحزاب لايعني العزوف عن السياسة"
ويرى الباحث مارك كلامباخ أن لدى الشباب رغبة أكبر في المشاركة في انجاز المشاريع داخل إطار زمني محدد وأنهم ينتظرون نتائج إيجابية يستفيدون منها مباشرة. ورغم عدم وجود دور كبير للسياسة في أوساط الشباب، إلا أن ذلك لا يعني عدم الاهتمام بالسياسة. فالحديث عن السياسة في أوساط الشباب الحالي قائم كما كان الأمر لدى أوساط الشباب في ستينات وسبعينات القرن الماضي.
وكمثال على الحركات السياسية الجديدة يجب الإشارة الى الحركة الإحتجاجية „احتلوا" الرافضة للسلطة المطلقة للمؤسسات المالية العالمية أو مظاهرات حركة مكافحة التزييف التجاري. فالمصالح السياسية والمشاركة السياسية تتخذ طرقا جديدة تتسم بالشعور الجماعي. ويعتبرالباحث التربوي كولمباخ أن" الشباب لديهم الإحساس أن السياسيين ليست لديهم نظرة شاملة على كل المواضيع فيبحثون باستمرار عن مستشارين لهم". ويعتبر المتحدث أن صعود حزب القراصنة المطالب بالشفافية السياسية دليل على رغبة الشباب في إيجاد أشكال سياسية جديدة ويشكل اشارة انذار للأحزاب السياسية التقليدية. وفي هذا الصدد يلاحظ الخبير هورلمان قائلا: " حاليا هناك ملل من الأحزاب لكن ليس هناك ملل تجاه السياسية".
بعد انتهائه من التدريب العملي في البوندسطاغ أكد المغني بوشيدو نيته في إنشاء حزب سياسي، كما قال بأنه يخطط ليصبح عمدة برلين على المدى البعيد. غير أن السؤال الذي لا يستطيع الباحثون الجواب عليه هو ما إن كانت أغاني بوشيدو حول التجارة بالمخدرات والدعارة والعنف المسلح، ستساعد الفنان في كسب أصوات الناخبين وتحقيق طموحاته أم لا؟.