السوريون في مصر: المضايقات الأمنية ضدنا لم تنقطع
٢٧ أكتوبر ٢٠١٣"كان المصريون يرسلون مندوبين من السفارة السورية والفلسطينية لإقناعنا بالرحيل وذلك بأسلوب تهديد واضح" هكذا يقول أب سوري مقيم في مصر، حين تحدث لـ DWعربية عمّا وصفها "سوء معاملة المصريين له ولباقي السوريين، باعتبارهم من الإخوان المسلمين حتى لو كانوا مسيحيين أو دروزاً". والسبب، حسب هذا المواطن السوري الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، يعود إلى "وقوف الرئيس المصري المعزول محمد مرسي مع اللاجئين السوريين، ومشاركة بعضهم في اعتصام رابعة العدوية المؤيد لمرسي، بدليل رفع علم الثورة السورية هناك". إلأا أنه علم رفع أيضا أيضا في ميدان التحرير الذي انطلقت منه مظاهرات مناهضة لمرسي، "لكنهم يرون ما يريدون" يضيف اللاجئ السوري بمصر.
التعميم
من جهته، استبعد المخرج السوري المعارض عروة النيربية ما يتردد على لسان السوريين بوجود تنسيق أمني سوري مصري مشترك، وذلك نظرا لتعامل السلطات المصرية المثقل بدرجات عالية من التعميم. فهي لا تفرق، بين المعارضين والموالين للأسد، مع العلم أن هناك من "السوريين من ساند الإخوان حراً وبطوعه أو مرغما أيضا، ومنهم من اكتفى بالتعبير عن رأيه، وبينهم المستثمر والصناعي والتاجر. بيد أن أكثرهم عائلات منكوبة وغير معنية بما هو أكثر من كسب قوت عيشها. وهناك عائلات ترفض الفكر الإخواني تماما، وأخرى موالية للأسد؛ كما أن غالبية السوريين في مصر التزمت بالفعل بنصائح المعارضة السورية، بالوقوف على الحياد إزاء ما يجري. وهؤلاء يتعرضون اليوم لشتى أنواع الإقصاء والتحرش والاعتداء على أساس قومي".
"المطلوب دعم السيسي"
وحول علاقة مصر بالنظام السوري بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي، ردّ عروة النيربية في حوار مع DW عربية، أن العلاقة بينهما اليوم هي أفضل حالا مما كانت عليه حتى أيام الرئيس السابق حسني مبارك؛ وذلك في وقت تتقاطع فيه مصالح الجهات الأمنية المصرية مع مصالح بشار الأسد، من باب أن كل معارض هو إرهابي، وأن السلطة الأمنية/ العسكرية هي "الوطن" برمّته.
وفي هذا الإطار، "بدأت السلطات المصرية، تقدم الجيش السوري الحر، إعلاميا وشعبيا، بوصفه جماعة إرهابية وبشار الأسد كشخصية "إيجابية" لأن غالبية المشتاقين لمبارك في مصر لا يمكنهم التعبير عن شوقهم هذا صراحة، لكنهم يقومون بذلك مع بشار الأسد"، يقول النيربية. يضاف إلى ذلك، محاولة بعض دول الخليج التأثير على السوريين المقيمين في مصر، إذ ضغطت جهات رسمية خليجية -باستثناء قطر- على جهات معارضة سورية بدعم السيسي بشكل علني، بل وأوقفت دعمها لها أحياناً، بسبب تفضيل الأخيرة البقاء على الحياد تجاه ما يحدث في مصر، حسب المخرج السينمائي.
"شيطنة" السوريين
أما عن الاعتقالات التي يتعرض لها السوريون، فأوضح لـDW عربية ناشط سوري، 35 عاما، بأنها كانت تتم عبر طرق مختلفة، منها اقتحام بيوتهم في مدينة 6 اكتوبر والدقي في القاهرة، أو عشوائيا من خلال الحواجز المقامة من قبل الجيش والأمن المصريين، أو في أحيان كثيرة عبر إيقاف الميكروباص في الأماكن ذات الكثافة السورية كمدينة 6 اكتوبر ومدينة العبور أو طريق القاهرة الإسكندرية، وسؤال الركاب عما إذا كان سوريون بينهم، ليتم احتجازهم بعد التعرف عليهم.
وفي هذا الإطار أشار الناشط السياسي شادي شحادة لـDW عربية لما تعرض له المخرج السوري حسام الدين ملص، الذي احتجز بتهمة حيازة السلاح ودعم الإخوان. ولأنهم لم يستطيعوا إثبات التهم الموجهة إليه، قاموا بترحيله بتهمة حيازته على لباس عسكري، رغم أن الجميع يعلم أن حسام ملص كان قد استخدم اللباس عند قيامه بدور أحد الضباط في الفيلم السينمائي "باب شرقي".
وإلى جانب ملص، يضيف شحادة، تمّ ترحيل معتز شقلب "رجل أعمال وعضو المجلس الوطني السوري الذي يقيم بالقاهرة لِما يتجاوز العشرين عاماً"، وذلك خلال ساعات قليلة. ويعزو شادي شحادة تعمد النظام المصري "شيطنة" السوريين إلى حاجته في زمن الأزمة إلى زراعة الخوف عن طريق خلق عدو خارجي، وكان هذا سهلا نظرا لأعداد السوريين الكبيرة في مصر.
دور الإعلام
وفي ظل حملات إعلامية مكثفة ضد السوريين عقب تنحية الرئيس السابق محمد مرسي من قبل الجيش، قرر فيكتيوريوس بيان شمس عضو ائتلاف اليسار السوري المقيم بالقاهرة رفع دعوى قضائية على الإعلام المصري بتهمة التحريض، خاصة ضد إعلاميين كيوسف الحسيني وتوفيق عكاشة ولميس الحديدي، لكن سرق منه جواز سفره ومتعلقاته الشخصية.
وحول تجربته في القاهرة يقول إنه يتجنب تماما المرور من ناحية ميدان التحرير: لأن "اللهجة السورية تستفز البعض أحياناً. والإعلام لعب دوراً في عملية "التجييش" ضد السوريين، بعد أن قام الأمن بتجييشه، فقام هو (الإعلام) بتجييش الجماهير ضد المواطن السوري. أما حالة العداء هذه فتخدم النظام السوري، لأنها تقوم بتشتيت السوريين في القاهرة كما تقوم بتفريغ أزمات المجتمع المصري. مع العلم أن كل من شارك في مظاهرات رابعة العدوية المؤيدة لمرسي هم واحد وعشرون شخصاً بالعدد، وأن أعداد من شاركوا في مظاهرات حركة تمرد من السوريين بالآلاف". وبالنسبة للأرقام، يقول فيكتوريوس إنه منذ عام كان عدد السوريين في مصر يقدر بحوالي 600 ألف سوري، 400 ألف منهم كانوا متواجدين في مصر قبل انطلاق الثورة السورية، و200 ألفا بين مؤيدين لبشار ومعارضين له دخلوا البلاد بعد انطلاقها. وهؤلاء تقلص عددهم بعد 30 يونيو لأقل من 100 ألف، مع العلم أن هناك 600 ألف سعودي يعيشون في مصر، ولا يتحدث عنهم أحد.
الضغط الدولي
في المقابل، استبعد الناشطون السوريون بأن يقوم الضغط الدولي والحقوقي على مصر بالتخفيف من معاناة السوريين في مصر، ويرجح فيكتيوريوس بيان شمس بأن يؤدي ذلك "إلى بعض التحسينات الظاهرية، كتجديد جوازات سفر السوريين من قبل السلطات بالقاهرة لمدة أسبوع أو عشرة أيام، ثم يعود الوضع كما هو عليه". ويضيف "المشكلة أن الجميع تخلى عن السوريين بعد 30 يونيو/ حزيران، بما في ذلك اليسار الذي فشل في حسم موقفه من الثورة السورية"، والنتيجة، يقول فيكتيوريوس: "في تقديري أنه في سوريا الجديدة لن تستطيع رؤية مصري واحد يسير في دمشق. السوريون مجروحون جداً من الموقف المصري الآن".