ملاحقة المسيحيين وتهجيرهم من سوريا
٢٤ أكتوبر ٢٠١٣
يعاني جلال من صدمة وحالة اكتئاب شديدة منذ أن اغتال أحد قناصي القاعدة شقيقه في مدينة القصير، لأنه مسيحي ويقول: "أكاد أجن من شدة الحزن"، ويضيف بالقول: "إنهم يريدون تهجيرنا من سوريا" فهؤلاء الجهاديين الذي قدموا من الدول المجاورة ومن ألمانيا ودول أوروبية أخرى "للجهاد" ضد نظام الأسد يستهدفون المسيحيين أيضاً حسب جلال، الشاب المسيحي البالغ من العمر 29 عاماً والذي قُتل 20 شخص من عائلته واضطر للهروب من سوريا بعد تهديده بالقتل. "رأيت اسمي على قائمة منشورة في الانترنت" تتضمن أسماء المسيحيين الذين سيتم قتلهم "من قبل إرهابيي القاعدة"، يقول جلال.
"نحن المسيحيون نشعر في الفترة الأخيرة بالتهديد من قبل جماعات إسلامية متطرفة محددة"، يقول رئيس أساقفة السريان الأرثوذكس في دمشق ديونيسيوس جان قوّاق، الذي يختار كلماته بعناية ويؤكد أن الجماعات المتطرفة لا تهدد المسيحيين فقط و"إنما المسلمين المعتدلين أيضاً".
وتجدر الإشارة إلى أن مهاجمة الجماعات الإسلامية المتطرفة لمدينة معلولا المسيحية القريبة من دمشق، وكنيستين في الرقة أو اختطاف أُسقفين سوريين في أبريل/ نيسان الماضي من قبل مجهولين، يُعتقد وبحسب شهود عيان أجانب أيضاً أن كل ذلك يؤثر على المسيحيين ويدفعهم للنزوح والهجرة، إذ أن "ثلث المسيحيين غادروا سوريا هرباً من المعارك المستمرة منذ أكثر من عامين" والنسبة في تزايد مستمر.
طلب المساعدة من أوروبا
وما يقلق الأسقف قواق هو احتمالية ألا يستطيع النازحون العودة إلى سوريا مستقبلاً كما حصل لهم في تركيا، ويقول: "المسيحيون موجودون في سوريا منذ ألفي عام، وهم جزء أساسي من الموزاييك الاجتماعي في سوريا. إننا نأمل ونريد ألا يتم تهجير المسيحيين من المنطقة".
ولتجنب هذا الأمر سافر قواق إلى أوروبا، حيث أتلقى مسؤولين سويديين وموظفين في منظمات إغاثية ألمانية ومسؤولين في وزارة الخارجية الألمانية وأطلعهم على معاناة الناس في سوريا وأعداد النازحين، بهدف الحصول على المزيد من المساعدات الإنسانية والحض على بحث حل سياسي للصراع في سوريا. وهو مقتنع بأن على الغرب أن يفعل المزيد لجلب طرفي الصراع إلى طاولة المفاوضات إذ أنه وحسب اعتقاده "هناك مجال للتسامح".
لكن أي مجال التسامح والمعارضة ترفض أي حل لا يضمن رحيل الأسد؟ يجيب على ذلك الأسقف قواق بأنه "يجب عدم التقدم بمطالب قبل الذهاب إلى المفاوضات، الحوار الحقيقي يجب أن يبدأ بدون شروط مسبقة"، وإلا فإن الصراع والقتل سيستمر لسنوات وربما لعقود، مع مصير مجهول للمسيحيين، يضيف قواق.
السيطرة على أملاك المسيحيين
خبير شؤون الشرق الأوسط والناشط الحقوقي الألماني يوخن لانغر يحذر هو الآخر من الخطر المحدق بالمسيحيين في سوريا، ويقول "إن إمكانية الجيش السوري لحماية المسيحيين محدودة" فالنظام يعجز عن حماية المناطق التي يسيطر عليها، فنقاط التماس بين القوات الحكومية ومقاتلي المعارضة تتغير يومياً، والخطر الأكبر على المسيحيين "يكون عندما تصل المعارك إلى المناطق التي يقيمون فيها". فالمسيحيون وكما باقي السوريين، حياتهم مهددة نتيجة القصف والمعارك التي تدور في قراهم وأحيائهم. وفي بعض المناطق هناك استهداف محدد ومقصود للمسيحيين من قبل جبهة النصرة، حسب رأي لانغر.
أما بيوت عائلة جلال وحقولها في القصير، فيقول إنها تمت السيطرة عليها وتوزيعها على المسلمين من جيرانهم، ويضيف: "لقد كانت عائلتنا معروفة في القصير، لذلك تمت مهاجمتنا ولأننا مسيحيون". ويروي جلال قصصاً عن اختفاء أصدقاء له على حواجز لأنهم يحملون أسماء مسيحية.
كان جلال موظفاً في وزارة السياحة السورية، ويقول إنه لا يؤيد الأسد ولكنه مع بقاء النظام لأنه "في ظل نظام الأسد كان المسيحيون في أمان". ولهذا فغالباً ما يتهم المسيحيون بتأييد نظام الأسد، أو على الأقل أنهم يتهمون بالحيادية وعدم الوقوف إلى جانب المعارضة بوضوح. وهو ما يرفضه الأسقف جان قواق بقوله: "إن العالم كله يحشر المسحيين في زاوية: زاوية تأييد النظام. وهذا ليس صحيحاً مطلقاً"، إذ أن المسيحيين أيضاً مثل باقي فئات الشعب السوري بينهم المؤيدون للأسد والمعارضون له ومن يقفون على الحياد مثل خالد، وهو مسيحي سوري يدرس في ألمانيا واسمه الحقيقي غير ذلك يقول: "كنت دائماً معارضاً للأسد، ولكن الآن؟... حين ينتصر المتطرفون ويسيطرون، حينها لا أعرف ما هو الأسوأ". ويضيف بأنه يصلي ويدعو من أجل الوصول إلى حل سلمي وإنهاء الصراع في سوريا.