السلفي أبو ناجي.. مروج للكراهية تحت مجهر سلطات ألمانيا
١٥ نوفمبر ٢٠١٦"يُقدم الإسلام على أنه دين العنف والكراهية والزواج القسري والإرهاب"، هكذا يبدأ إحدى مقاطع الفيديو على الإنترنت لجمعية "الدين الحق". أحد مؤسسي هذه الجمعية، التي تم حظرها اليوم الثلاثاء (15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016) من قبل وزارة الداخلية الألمانية، هو إبراهيم أبو ناجي، ألماني مسلم من أصل فلسطيني. ويعد أبو ناجي أحد السلفيين البارزين في ألمانيا. هدفه المعلن هو "تحسين صورة المسلمين والإسلام في ألمانيا"، أو شرح" الإسلام الحقيقي"، كما قال الداعية السلفي قبل ثلاث سنوات في مقابلة له مع DW.
أبو ناجي يعتبر نفسه مجرد مسلم، مشيراً إلى أن مصطلح السلفية يُستخدم من قبل وسائل الإعلام والسياسة بهدف تقسيم المسلمين. ويضيف الداعية أن"دعاة الصهيونية" هم من جعلوه هدفاً للحكومة الألمانية.
"مجرد مسلم"
"سلفي، إسلامي - نحن مسلمون فقط"، هذا ما يوضحه بعض الشباب المتعاطفين وامرأة واحدة على الأقل في مقطع فيديو على موقع جمعية "الدين الحق" على الإنترنت. ورغم حظر الجمعية، كانت الصفحة متاحة حتى صباح اليوم. الفيديوهات تبدأ وكأنها إعلان تجاري ينقل شعوراً معيناً، وبعد بضع ثوان فقط يظهر أبو ناجي في إحدى شوارع المدن الألمانية الكبرى، أمام طاولة عليها مصاحف، يتم توزيعها على غير المسلمين.
الهدف من ذلك هو أن يتمكن الألمان من التعرف بشكل صحيح على الإسلام، كما أعلنت المبادرة التي انطلقت سنة 2012 بشعار "اِقْرَأ"، في محاولة لتوزيع 25 مليون نسخة، أو "قرآن لكل أسرة ألمانية"، كما يطمح أبو ناجي.
وفي الآونة الأخيرة لم تقتصر حملات توزيع القرآن على ألمانيا فقط، بل شملت 15 بلداً آخر، بما في ذلك فرنسا وبريطانيا والسويد والنمسا والبحرين ومنذ يونيو/ حزيران 2016 في البرازيل أيضاً.
أبو ناجي الذي يبلغ من العمر الآن 52 سنة، جاء من قطاع غزة إلى ألمانيا عندما كان في الـ18 من العمر. وذلك بهدف دراسة الهندسة الكهربائية. ولكن بدلاً من التركيز على دراسته الجامعية، فتح متجراً لبيع الملصقات.
وقبل تسع سنوات، اضطر أبو ناجي إلى إعلان إفلاسه بعد مطالبته بضرائب وصلت قيمتها ل 70 ألف يورو. بعدها كرًس حياته للدعوة داخل المشهد السلفي، صحبة أبرز السلفيين في ألمانيا ومن بينهم أبو ولاء العراقي أو سفين لاو، الذي يحاكم الآن في ألمانيا بتهمة دعم تنظيم "داعش" الإرهابي.
وبالإضافة إلى ذلك يقدم أبو ناجي ندوات ومحاضرات في مساجد مختلفة. كما يقوم بتقديم الإرشادات على قناة يوتيوب لمعتنقي الإسلام الجدد، وذلك بالتعاون مع الداعية السلفي، المثير للجدل، بيير فوغل.
من التطرف الديني إلى السلفية العنيفة
هذا ويعتبر أبو ناجي، حسب هيئة حماية الدستور (المخابرات الألمانية)، من السلفيين الأكثر نفوذاً وتأثيراً في ألمانيا. وحسب التعريف المتداول، فهو ينتمي إلى إحدى التيارات الأكثر تشدداً في تفسير الإسلام.
وفي الوقت الذي كان يقدر عدد السلفيين المتشددين في ألمانيا قبل خمس سنوات بـ3800، وصل عددهم سنة 2015 إلى حوالي 7500، حسب هيئة حماية الدستور، التي تشدد على أن أقلية منهم فقط تدعو إلى العنف. ولكن الانتقال من السلفية الإيديولوجية إلى السلفية العنيفة قد يحدث بسرعة، كما تؤكد الهيئة.
وحسب تقريرها في ولاية شمال الراين- ويستفاليا لسنة 2011 فإن "أبو ناجي يغطي في المحاضرات والندوات التي يعقدها بانتظام الأيديولوجية السلفية بشكل شامل". وهو لا يقدم إرشادات دينية فحسب، بل يعبر أيضاً عن تأييده للجهاد كوسيلة "للدفاع عن العقيدة الإسلامية"، حسب التقرير .
وقد وُجهت لأبي ناجي عقب ذلك سلسلة من الدعاوى القضائية بتهمة التحريض على العنف، بما في ذلك القتل. ومن جهته قدم وزير الداخلية الألماني آنذاك، هانز-بيتر فريدريش، في يونيو/ حزيران 2012، دعوة للبدء في إجراءات حظر جماعة "الدين الحق". ولكن كل المحاولات القضائية لإلقاء القبض على أبي ناجي وحظر جمعيته لم تكن ناجحة. فتصريحاته ضد نمط الحياة الغربية وضد المثلية الجنسية ولصالح الشريعة الإسلامية تتنافى مع القيم الألمانية المتعارف عليها، ولكنها لا تعتبر جرائم جنائية، حسب القانون الألماني.
ورغم ذلك فإن مبادرة توزيع القرآن والخطاب المتشدد لقادة لجمعية "الدين الحق" يثير الكثير من الجدل في ألمانيا. وهو ما أكدته هيئة حماية الدستور، التي قالت في تقريرها لسنة 2015 بأن مبادرات توزيع القرآن، تشهد مشاركة أشخاص يعملون على "الدعوة للتطرف الإسلامي وتجنيد الجهاديين... كما تتزايد المؤشرات على أن هناك أشخاص شاركوا في البداية في مبادرة توزيع القرآن، بهدف المشاركة بعد ذلك في القتال في سوريا."
من جهته قال وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير بأن "حظر اليوم موجه ضد إساءة استغلال الدين من جانب أشخاص يروجون للأفكار المتطرفة ويدعمون المنظمات الإرهابية تحت ستار الإسلام"، مشدداً في الوقت ذاته على أن " الحظر غير موجه ضد توزيع (نسخ) القرآن أو ترجمة معانيه."
الجدير بالذكر هو أنه حتى قبل المداهمات الحالية وقرار حظر جمعية "الدين الحق"، تم إلقاء القبض على بعض أعضاء الجمعية. إلا أن أبي ناجي ما يزال حراً طليقاً.
وفي بداية هذه السنة تمت محاكمته بتهمة الاحتيال على النظام الاجتماعي، لأن أبي ناجي أخفى على مكتب المساعدات الاجتماعية، حصوله على نحو 50 ألف يورو عبر مبادرة توزيع القرآن. وحكم عليه بعدها بالسجن لـ13 شهراً مع إيقاف التنفيذ.
ولكن المحكمة لم تحظر مبادرة توزيع المصاحف في الشوارع الألمانية. وفي مداهمات صباح الثلاثاء لم تتمكن أجهزة الأمن من إلقاء القبض عليه. ويتوقع المحققون بأنه يتواجد حالياً في ماليزيا، حيث من المنتظر أن تنطلق مبادرة توزيع القرآن هناك قريباً، حسب معلومات استخباراتية.