السعوديات يراهنّ على أولمبياد لندن لإنعاش الرياضة النسائية
٢٤ يوليو ٢٠١٢من مميزات دورة لندن الأولمبية أنها ستشهد ولأول مرة مشاركة رياضيات من بلدان كقطر والسعودية ومملكة بروناي، وذلك تماشيا مع الميثاق الأولمبي الذي يقضي بمشاركة امرأة واحدة على الأقل في كل بعثة (كوتا نسائية). قطر قررت إرسال أربع رياضيات وهما بهية الحمد (رماية) ونور المالكي (ألعاب قوى) وندى عكرجي (سباحة) وآية مجدي (تنس الطاولة) ضمن وفد من ثمانية رياضيين. بينما أكدت السعودية بعد شد وجذب أنها ستسمح لرياضيتين اثنتين وهما وجدان علي سيراج عبد الرحيم (جودو وزن فوق 78 كلم) وسارة العطارة العداءة المتخصصة في سباق 800م بالمشاركة في أولمبياد لندن، بعدما قامت اللجنة الأولمبية بتوجيه الدعوة إليهما.
السعودية عللت قرارها، بكون اللجنة الأولمبية الدولية قدمت ضمانات باحترام "الشروط" التي وضعتها المملكة لمشاركة رياضياتها، بما في ذلك السماح لهن بارتداء "الزي الشرعي" والسفر رفقة المحرم. لكن ذلك لم يمنع من ظهور لغط داخل السعودية حول تلك الخطوة جمع بين مؤيدين ومعارضين؛ وهو لغط اعتبرته الكاتبة والأديبة السعودية د. ثريا العُريضي أنه لا يخرج عن إطار الجدل الدائر بين المحافظين والليبراليين داخل المجتمع السعودي حول كل القضايا التي تتعلق بالمرأة، بما فيها قيادتها للسيارة ومشاركتها في مجلس الشورى إلى غير ذلك. فالمحافظون باختلاف جنسيهما يعارضون فكرة "خروج المرأة من بيتها، مكان تواجدها الطبيعي" حسب اعتقادهم، فيما يطالب الليبراليون بفتح مجالات أوسع أمام المرأة السعودية تتجاوز قطاع التعليم والصحة.
خطوة أولى في مشوار طويل
الموافقة على مشاركة الرياضيات السعوديات في أولمبياد لندن اعتبرتها د. العريضي أنها خطوة، جاءت كحصيلة لمجموعة من التطورات على المستوى الداخلي. فقد بدا "واضحا، توجه السلطات الرسمية في الآونة الأخيرة إلى مزيد من "الانفتاح والتطور".
وهناك قناعة أن التشبث "بالنهج المحافظ قاد إلى نتائج سلبية، ومن تمّ هناك تراجع ملحوظ في المواقف المتشددة المعتادة، خاصة تلك المتعلقة بالمرأة، بينما ظهرت رغبة في فتح الأبواب أمام المرأة لولوج جميع القطاعات".
في المقابل، كانت لضغوطات اللجنة الدولية الأولمبية التي هددت بمنع مشاركة البعثة الأولمبية الرسمية برمتها في حال لم يتم السماح بالمشاركة للنساء في البعثة السعودية دورا إضافيا، إذ أن السعودية اليت يحظى منتخبها لكرة القدم بثقل في الساحة الآسيوية، لن ترض أن يُمنع وفدها من المشاركة في دورة لندن. وفي هذا الصدد أوضحت الإعلامية والرياضية، الكابتن ريما عبد الله التي أسست أول فرقة كرة قدم نسائية في السعودية، إلا أنه من "الصعب أن توافق دولة لها بصمة واضحة في المجال الرياضي، على إبعادها من المحافل الدولية الرياضية، علما أن الدوري السعودي لكرة القدم صنف مؤخرا في المرتبة الخامسة عشر على مستوى العالم".
"عقارب الساعة لن تعود للوراء"
كيف سيعكس هذا القرار على وضع المرأة في السعودية، وعلى الرياضة النسوية هناك؟ سؤال محسوم أمره بالنسبة للكابتن ريما عبد الله، التي تؤكد أن عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء. فقبل أولمبياد لندن ليس كبعدها، لأنه قرار "سيترك بصماته على مستوى الشارع والمسؤولين على حد سواء، مما سيعجِّل ببناء بنية تحتية لرياضة نسوية في البلاد". وتضيف الكابتن ريما عبد الله أن الملفت للنظر، أن التحرك القادم سيكون بشكل تنازلي، أي أن المشاركة في الأولمبياد سبقت مسألة "إعداد الرياضيات بشكل احترافي، بل وحتى توعية المرأة السعودية على أهمية الرياضة بشكل عام ومدها بفضاء مناسب لممارستها".
ويبقى الرهان معلق على الرياضيتين وجدان علي سيراج وسارة العطار وانجازاتهما المنتظرة في الأولمبياد، وهما قادرتان على "إسكات الأصوات المعارضة"، حسب ريما عبد الله. وتجدر الإشارة إلى أن السعودية وافقت على مشاركة الرياضيات اللواتي يعشن خارج المملكة العربية السعودية فقط، وقد تم استدعاءهما من قبل اللجنة الأولمبية بشكل مباشر، وهو ما وافقت عليه اللجنة الأولمبية السعودية.
وفاق بنكيران
مراجعة: حسن زنيند