الرقابة في الإنترنت: صراع بين المعايير الصحفية والأرباح المادية
دعت لجنة في الكونغرس الأمريكي شركات كبيرة نشطة في مجال الإنترنت مثل ميكروسوفت وغوغل وياهو وتشيسكو إلى جلسة استماع يوم الأربعاء للتباحث في الاتهامات الموجهة إلى هذه الشركات في تعاونها مع الحكومة الصينية للرقابة على الإنترنت في الصين، جاء ذلك بعد ورود انباء عن تعاون مشترك بين آليات البحث الضخمة المذكورة أعلاه والحكومة الصينية. وبموجب هذا التعاون وافقت ماكينات البحث على طلب الحكومة الصينية بعدم إيصال كل المعلومات إلى عامة الناس.
الصين تدافع عن سياستها على الشبكة
دافعت الصين عن سياستها الداخلية تجاه رقابتها على مواقع الإنترنت في داخل البلاد، وقال ليو زينغرونغ نائب رئيس مكتب الإنترنت في مجلس الدولة حسب ما نشرته صحيفة "الصين اليوم" إن الصين تمنع مواقع "الجنس والإرهاب" فقط. وأضاف ليو قائلاً "إن الحكومة الصينية تريد من خلال رقابتها على مواقع الانترنت منع وصول الشباب الصيني إلى صفحات ضارة وغير شرعية." لكن خبراء في هذا المجال أشاروا إلى أن الحكومة الصينية تمنع نشر معلومات تنتقد سياستها الداخلية والحزب الشيوعي وكذلك طريقة القضاء على الحركة الديمقراطية عام 1989، هذا بالإضافة إلى مواضيع تتعلق بتايوان والدالي لاما، الزعيم الروحي لشعب التيبيت. ورفض المسؤول الصيني ما قيل عن أن الصين قامت باعتقال كتاب معارضين نشروا مقالات لهم في الشبكة العالمية وقال: "لم نعتقل أي شخص بسبب مقال نشر في الإنترنت". من جهتها أعلنت منظمات لحقوق الإنسان أن لديها معلومات عن أسماء 49 صينياً اعتقلوا بسبب كتابات غير مؤيدة للحكومة. يذكر أن الصين لا تزال تحجب مواقع عالمية كموقع هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي وموقع إذاعة صوت أمريكا، ولكن ليو زينغرونغ ادعى أن "خطوات الرقابة التي تتبعها بلاده تجاه مواقع الإنترنت تتطابق مع المعايير العالمية." هذا وتعد الصين ثاني اكبر مستخدم للإنترنت بعد الولايات المتحدة الأمريكية حيث يبلغ عدد المستخدمين فيها قرابة 110 ملايين صيني ويزداد عددهم يومياً بنحو 20 ألف مستخدم.
انتقاد مواقع البحث الضخمة
أثارت الأنباء الواردة عن تعاون مشترك بين شركات أمريكية مثل غوغل وياهو وميكروسوفت وبعض الأنظمة الشمولية موجة عارمة من الإدانة والانتقادات. ووجه الكونغرس الأمريكي انتقادا حادا أدان فيه ما ذكر عن رضوخ هذه الشركات لشروط صينية مقابل السماح لها بعرض منتجاتها في الأسواق الصينية، وتتمحور هذه الشروط حول منع ظهور مواقع معارضة للنظام الصيني في آليات البحث لدى غوغل وياهو وغربلة المقالات السياسية المعارضة للحكومة بالإضافة إلى مساعدة مواقع هذه الشركات على تقديم عناوين البريد الالكتروني ومعلومات شخصية لمعارضين صينيين ونشطاء في حقوق الإنسان. وقال توم لانتوس نائب رئيس لجنة حقوق الإنسان في الكونغرس الأمريكي إنه "توجد مؤشرات على أن الشركات الأمريكية قبلت بضغوطات الحكومة الصينية وهذا ما يتناقض مع القوانين الأمريكية لأنه يؤدي إلى الحد من حرية الكلمة."
ووافقت الشركات الأمريكية المذكورة على حضور جلسة الاستماع في الكونغرس في يوم الأربعاء في 15 فبراير/شباط الحالي. وكانت خطوة غوغل الأربعاء الماضي المتمثلة بمراقبة نتائج البحث في موقعها باللغة الصينية بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير وأدت إلى إدانة لجنة حقوق الإنسان الأمريكية لسياسة هذه الشركات في السوق الصينية التي يبدو أنها تنبئ بأرباح كبيرة جعلت هذه الشركات تقبل الشروط الصينية. ولم تأت الانتقادات من جهة الكونغرس فقط، بل وجهت منظمة مراسلون بلا حدود انتقادا لقرار شركة غوغل، واصفة إياه بأنه "اليوم الأسود لحرية الرأي في الصين." من جانبها دافعت مايكروسوفت مسبقاً عن سياسة شركتها في السوق الصينية قائلة في تصريح لها "إن ميكروسوفت لا تملك التأثير الكافي لتغيير سياسة حكومة ما."
سمير مطر