الحيرة تخيم على قطاع إنتاج الطاقة المتجددة قبيل الانتخابات الألمانية
أصابت الحيرة الكثيرين من ممثلي قطاع إنتاج الطاقة المتجددة في ألمانيا بعد لقاءهم بالمرشحة لمنصب المستشارية عن الحزب المسيحي الديموقراطي المحافظ انجيليكا ميركل. ففي الاجتماع الذي عقدته جمعية منتجي الطاقة الكهربائية الألمان (VDEW) أدلت السيدة ميركل، أقرب المرشحين للفوز بمنصب المستشارية، بتصريحات شعر الحاضرين حيالها بالغموض. حيث صرحت ميركل بأن حكومة يتزعمها المحافظون سوف تواصل التركيز على قطاع الطاقة المتجددة، لكن هذه الحكومة "ستقوم بعدد من الإصلاحات في هذه المجال". وأضافت أن المحافظين سيعيدون النظر في مبدأ تقديم دعم حكومي لهذا القطاع كما تفعل الحكومة الحالية، ووصفت هذا الدعم بأنه "غير مجدي اقتصادياً".
وعلق السيد رالف بيشوف مدير جمعية طاقة الرياح الألمانية على تصريحات ميركل بعد الاجتماع قائلاً "أشعر بالغموض حيال ما تنتويه السيدة ميركل في حالة وصولها إلى الحكم، فهي شددت على دعم المحافظين لقطاع الطاقة البديلة المتجددة لكنها لم تقل لنا كيف". غير أن كلمة ميركل لاقت اعجابا وتصفيقا شديدين من الكثير من ممثلي القطاع الذين ينتمون إلى الأحزاب المحافظة، وعبروا عن ارتياحهم إزاء خطط المحافظين بالاعتماد على سلسلة متنوعة من مصادر الطاقة تشمل النفط والفحم والطاقة النووية، إضافة إلى مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 12.5 بالمائة ولكن مع تقليل الدعم المقدم لها.
العودة إلى المفاعل
فيما يخص الطاقة النووية أعلن المحافظون عن نيتهم في حالة وصولهم إلى الحكم إلغاء خطة حزب الخضر المتعلقة بإغلاق كافة المفاعلات النووية الألمانية بحلول عام 2020، وأكدوا تمسكهم باستمرار عمل المفاعلات بعد هذا التاريخ لزيادة إنتاج الطاقة. وعلل المحافظون تمسكهم بالطاقة النووية بحاجة ألمانيا الماسة إلى الاحتفاظ بمكانتها في سوق تصدير تكنولوجيا الطاقة النووية. وقالت ميركل إن قرارا أيديولوجيا بإغلاق المفاعلات النووية لا يأخذ بعين الاعتبار المطالب الاقتصادية الداخلية، مشيرةً إلى أن تسابق دول مثل الهند والصين إلى زيادة قدراتها النووية يفتح سوقاً يجب على الخبرة الألمانية الاستفادة منه لا تجاهله.
يذكر أن حزب الخضر تبنى خطة إغلاق المفاعلات النووية فور وصوله إلى الحكم، معلنا تقديم الدعم إلى مصادر الطاقة البديلة والمتجددة، وذلك بسبب المخاطر البيئية الناتجة عن النفايات النووية. وهي خطة تتماشى مع أفكار وفلسفة الحزب الذي ولد من رحم حركات السلام والحفاظ على البيئة في فترة الستينات والسبعينات.
إزدهار الطاقة المتجددة
استطاع قطاع إنتاج الطاقة المتجددة زيادة عدد العاملين فيه ليصل إلى العام الماضي إلى 130 ألف عامل، أي ما يعادل ضعف عددهم عام 1998 حين تولى تحالف الحزب الاشتراكي الديموقراطي مع الخضر الحكم. ويقول ممثلو القطاع أنهم يأملون أن يصل الرقم إلى 500 ألف عامل في الأنشطة المختلفة للقطاع مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية. ويقدر عائد قطاع الطاقة المتجددة بـ 11.5 بليون يورو (14 بليون دولار) سنوياً، يتم توظيف ثلثي المبلغ في استثمارات تعود بالمزيد من أماكن العمل.
ويعد النجاح الذي لاقته سياسة الاعتماد على مصادر الطاقة البديلة والمتجددة أحد الركائز التي يقوم عليها البرنامج الانتخابي لحزب الخضر. وفي هذا السياق يقول يورغن تريتين وزير البيئة من حزب الخضر "إن خطة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة التي اعتمدتها الحكومة عام 2000 جعلت الخبرة والتقنية الألمانية تتصدر السوق في هذا المجال". وأعرب تريتين عن خيبة أمله من خطط المحافظين التي ستؤدي إلى تدمير قطاع الطاقة المتجددة، حسب قوله، مضيفا أنه متأكد من أن الناخب سيهتم بمعرفة أي الشركات وأي الوظائف ستتضرر إذا وصل المحافظون إلى الحكم.
حيرة وأمل
بالفعل عكست الهزة التي تعرضت لها أسعار أسهم شركات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في أسواق المال بعد إعلان المستشار الألماني غيرهارد شرودر عن إجراء انتخابات برلمانية مبكرة، عكست مخاوف القطاع من تراجع حجم الأعمال في حالة تغير الحكومة حيث فقدت هذه الأسهم 2 بالمائة من قيمتها. غير أن المستثمرين في قطاع الطاقة المتجددة لا يشاركون ممثليه مخاوفهم من مقدم حكومة جديدة. ويرى بعض المحللين أن ذلك يرجع إلى الإشارات التي صدرت عن المحافظين بأنهم لن يقدموا على تغيير ميزانية دعم قطاع الطاقة المتجددة قبل عام 2007 على أقرب تقدير.
ويأمل المستثمرون في أن ينجح قطاع الطاقة المتجددة في اكتساب الزخم الكافي للنمو المستمر بصرف النظر عن نوعية الحكومة التي تجلس في برلين، لا سيما وأن الضغوط الدولية تتزايد للحد من نسبة الغازات المنبعثة من مصادر الطاقة التقليدية، والتي تسبب أضرارا بالغة بالبيئة، كاتفاقية كيوتو على سبيل المثال التي دخلت حيز التنفيذ هذا العام.
المصدر: دويتشه فيله