الحركة النسوية في إيران... الريادة وتجديد الذات
١١ فبراير ٢٠١٩في شبابه وأيام دراسته الجامعية دعم صادق زيباكلام الثورة الإسلامية وأمضى سنتين من عمره في معتقلات الشاه. إلا أن أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران يعرف أيضاً معنى القمع في إيران الثورة. فقد حكم عليه بالسجن 18 شهراً لدعمه في مقابلة مع DW التظاهرات في إيران قبل عام.
"في الذكرى الأربعين للثورة الإسلامية في إيران يعيد الخطباء تكرار شعارات وعبارات طنانة بعيدة كل البعد عن الأهداف الحقيقية للثورة"، ويضيف المختص بالعلوم السياسية صادق زيباكلام في حديث خاص بـ DW "وعدتنا الثورة بالديمقراطية ودولة القانون وحرية الصحافة والتعبير دون الخوف من الاعتقال والتعذيب"، يقول صادق.
إيران الإسلامية: بين الأمس واليوم
البعض "يتمنى" عودة الشاه الذي أطاحت به الثورة الإسلامية: "في أحسن التقديرات لا تفوق نسبة من ما يزالون يؤمنون بالجمهورية الإسلامية 30 في المائة من الإيرانيين"، حسب تقدير زيباكام، الذي كرمته مؤسسة DW الإعلامية بجائزتها لحرية التعبير.
قبل أربعة عقود كانت الأمور غير ما هي عليه اليوم. آنذاك صوّت 98 من الإيرانيين لصالح قيام جهورية إسلامية. وحتى وإن كانت النسبة "غير صحيحة"، كما قال دبلوماسيون ألمان في طهران حينها، إلا أنه لم تكن شخصية آية الله الخميني كقائد للثورة موضوع شك أو تساؤل.
استطاع الخميني فرض وجهة نظره بشأن شكل نظام الحكم: نظام الولي الفقيه. ولم تستطع القوى العلمانية اليسارية والليبرالية منافسة آيات الله بعد الإطاحة بالشاه. وساعدت ميلشيات كالحرس الثوري الخميني في بسط سيطرته. ومن ثم جاءت حرب الثمان أعوام مع العراق هدية منحت النظام فرصة للإطاحة بمعارضيه تحت شعارات ضروريات المعركة.
موجات إصلاحية
مهما يكن من الأمر مرت البلاد بمراحل استطاعت بها تيارات وأصوات إصلاحية وليبرالية فرض نفسها لبعض الوقت. ارتبطت الموجة الأولى بالرئيس محمد خاتمي الذي حقق ببرنامجه الانتخابي الإصلاحي فوزاً ساحقاً في الانتخابات الرئاسية عام 1997. تضمن برنامجه الحريات الثقافية وحرية المرأة وضمان حقوق الأقليات. إلا أن النظام العميق لم يمنحه الفرصة لتحقيق مشروعه.
أدت احتجاجات على إغلاق صحيفة في صيف 1999 إلى قمع دموي من قبل السلطات واعتقال مئات الطلاب وأحكام إعدام لم يتم تنفيذها واعترافات تحت التعذيب بالتعاون مع قوى أجنبية. وتم التضييق على حرية الصحافة واعتقال مفكرين ليبراليين، من بينها شيرين عبادي التي ستفوز بعد ذلك التاريخ بجائزة نوبل للسلام.
الموجة الثانية الكبرى في تاريخ الجمهورية الإسلامية كانت قبل عشر سنوات عشية تزوير الانتخابات الرئاسية في 12 تموز/يوليو. قرر الملالي في ذلك الوقت فرض فوز محمد أحمدي نجاد ضد المرشح الإصلاحي مير حسين موسوي. بعد إعلان النتائج المزورة خرج مئات الآلاف إلى الشارع. واستمرت، ولو بشكل متقطع، تظاهرات "الموجة الخضراء" حتى تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2010 حتى قمعت بشكل نهائي من النظام وعلى رأسها الحرس الثوري.
وحسب المؤرخ البريطاني-الإيراني ميشائيل أكسورتي فقد تحول النظام بعد قمع الموجة الخضراء إلى ديكتاتورية عسكرية كالتي أطاح بها، ولكن بفعالية أكبر وبشكل أكثر كفاءة.
النساء رائدات التغيير
منصورة شجاعي تقول لـ DW إن النساء كنا على الدوام في مقدمات طلائع التغيير وتستشهد بتاريخ الحركة النسوية الإيرانية منذ الثورة الدستورية 1906 وحتى اليوم.
صحيح أن الثورة الإسلامية لم تسحب من المرأة الإيرانية حق التصويت، إلا أن سيطرة الملالي الرجال على الحكم أدى إلى انعكاسات سياسية سلبية على النساء. ووصلت رياح الثورة حتى إلى البيت؛ فقد حرمت المرأة من اتخاذ القرارات المهمة على مستوى الأسرة، وترك الأمر للأب أو الزوج. وللزوج الحق في منع المرأة من العمل خارج المنزل ومنعها من مغادرة المدينة أو إيران.
ولكن على الجهة المقابلة فقد أدت زيادة أعداد المتعلمين وحملة الشهادات الجامعية في إيران إلى تحسين وضع المرأة. وتشكل النساء نسبة أكثر من النصف هنا. وبالمقارنة مع دول مسلمة أخرى فإن نسبة تمثيلها في القطاع العام مرتفعة. "سيؤدي ارتفاع عدد المتعلمات بالضرورة وعلى المدى الطويل إلى تغييرات سياسية"، حسب ما يرى الخبير البريطاني-الإيراني.
التغيير "سلمياً" فقط
"في العشر سنوات الماضية على وجه الخصوص استغلت الإيرانيات كل فرصة للتعبير بشكل أكثر إصراراً على مطالبهن، وحتى خلف القضبان. في عهد أحمدي نجاد تم إلغاء لبس التشادور للمسجونات والمعتقلات". وقد تحقق ذلك الإنجاز على يد شيرين عبادي بعد إضرابها عن الطعام.
في عام 2018 تم اعتقال المحامية والمدافعة عن حقوق الإنسان نسرين ستوده من جديد. ومنذ ذلك التاريخ تقبع الفائزة بجائزة سخاروف لحرية الفكر في السجن بتهم من بينها التجسس ودعم التظاهرات المناهضة لارتداء الشادور في السجن. وتقول منصورة شجاعي إنها ونسرين وكل الناشطات الإيرانيات يؤكدن على التغيير عن طريقة المقاومة السلمية.
غير أن الأمر لا يتوقف على النضال ضد الحجاب أو ارتداء الشادور: "الحركة النسوية تحاول تجديد نفسها عن طريق طرق الربط بين حقوق المرأة والحقوق المدنية بشكل عام وذلك بغية تعبئة أكبر شريحة ممكنة في سبيل التغير"، تختم منصورة شجاعي حديثها مع DW.
شبانام فون هاين، هانس شبروس/خ.س