حقوق المرأة الإيرانية على مذبح الدولة الشمولية
١٨ أبريل ٢٠١٣استعادت اليوم آسية أميني حاسة البصر بعدما كادت تفقدها، وتروي تلك التجربة المريرة بقولها "الأطباء قالوا إنني تحت وقع الصدمة"، ولم يكن بمقدور الناشطة الإيرانية تحمل المزيد مما رأته وعايشته من معاناة النساء في السجون الإيرانية، خصوصا أحكام الإعدام بالرجم. "كل يوم كنت أجد نفسي أمام تحد جديد مع النساء المحكومات بالإعدام، كنت قريبة جدا منهن، والبعض منهن كن كبناتي، كان الأمر مريرا بالنسبة لي".
من الصحافة إلى النضال
عملت آسية أميني كصحافية إلى غاية 2003، حينما واجهتها معضلة غيرت مسار حياتها، فقد علمت أن فتاة لا يتجاوز عمرها 16 عاما وضعت في السجن بتهمة ربط علاقة جنسية خارج الزواج. وكانت الفتاة واسمها عاطفة صهاليح مهددة بعقوبة الإعدام بالرجم، وحين حققت أميني في الموضوع اكتشفت تعرضها للاغتصاب المتواصل منذ بلوغها سن العاشرة، وحصلت على مقابل مالي مقابل صمتها. بعد ذلك تحولت عاطفة إلى الدعارة واعتادت على ربح المال بتلك الطريقة. "لقد قرر القاضي الحكم عليها بالموت. وقد أظهرت تحقيقاتي أن الضوء لم يلقى على جميع جوانب الملف بشكل يبرر ذالك الحكم القاسي".
تكلفت آسية أميني بالبحث عن محامي يدافع عن عاطفة، إلا أنها لم تتمكن من تفادي تنفيذ الإعدام. "لقد تعلمت أن لدينا في إيران قانونا جائرا يسمح بالموت لمجرد ربط علاقة جنسية". وتدريجيا تمكنت أميني من الكشف عن مزيد من حالات رجم النساء التي عادة ما تتم في السر. وأمام ضغط المنظمات الحقوقية الدولية دأبت الحكومة الإيرانية على تأكيد بأن الإعدام بالرجم لم يعد ينفذ. وهكذا تحولت آسية أميني من صحافية إلى ناشطة حقوقية، ففقدت بذلك عملها وتحولت إلى العمل السري، كما أسست بصحبة آخرين عام 2008 "الحملة ضد الرجم".
وقد فهمت أميني أنها في مواجهة غول قانوني يؤسس للتمييز ضد النساء واضطهادهن، والتقت نساء كثيرات في السجن صدرت في حقهن عقوبة الإعدام لمجرد دفاعهن عن أنفسهن ومواجهتهن للمغتصبين. وبعضهن كان ضحية اعتداءات الزوج. "لقد التقيت نساء قتلن أزواجهن لأنهن لم تتمكن من الطلاق". فالنظام القانوني الإيراني الذي تسيطر عليه العقلية الذكورية يجعل من باب المستحيل لأي امرأة فرض الطلاق على زوجها.
نظام ينهج القمع والرقابة
لقد ساءت وضعية المرأة الإيرانية في عهد الرئيس أحمدي نجاد، كما توضح ذالك الصحافية الإيرانية ميترا شودايه التي تعيش في المنفى "الكثير من الناشطين يقبعون في السجون والباقون يعيشون تحت رحمة الخوف لأنهم يخضعون لمراقبة دائمة". وهي تجربة عاشتها آسية أميني عام 2009، قبل إعادة انتخاب أحمدي نجاد "حياتنا برمتها كانت تحت المراقبة، واعتقال أقاربنا، وقل نشاطنا رغم كل المحاولات التي قمنا يها. وبعد الانتخابات زاد الطين بلة وتفاقمت الأمور، ولم يعد بإمكاننا إجراء اتصالاتنا سواء بالهاتف أو بالبريد الإلكتروني، كل شيء كان خاضعا للرقابة". أربعة أشهر بعد الانتخابات اضطرت أميني إلى مغادرة إيران.
أميني لا تعقد آمالا كثيرة على إمكانيات تحول سياسي من الداخل عبر الانتخابات، إلا أنها تؤمن بتغيير ينطلق من المواطنين "أتمنى أن تساعدنا تجربة التمييز والاضطهاد على بناء طريق الديمقراطية. يجب على الديمقراطية أن تنبع من الناس، ولا أحد يمكنه التفكير عوض أنفسنا". وإلى حين تحقق هذا الحلم تواصل أميني الكتابة من منفاها النرويجي، سواء عبر مدونتها على الإنترنت أو بإصدار مؤلفات وكتب.