الحج: موسم العبادات وجني الأرباح
٢٧ نوفمبر ٢٠٠٩يشكل موسم الحج محركاً قوياً لعجلة الحركة الاقتصادية في المملكة العربية السعودية. فخلال هذا الموسم يتولى حوالي مائة ألف شرطي للحفاظ على الأمن وسلامة الحجاج فضلا عما يقارب عشرين ألف طبيب وممرض يقدمون الرعاية الصحية اللازمة. ويقدم سبعة آلاف مطعم منتشر فوق طرقات الحج وجبات سريعة، كما يؤمن أكثر من ستين ألف باص نقل الحجاج بين الأماكن المقدسة.
وتصل أرباح التجارة أيام الحج إلى ستة مليارات يورو كل سنة، بما في ذلك الهدايا التذكارية التي يشتريها الحجاج وذبائح العيد. وقد ألحقت الأزمة الاقتصادية التي عاشها العالم وانتشار مرض أنفلونزا الخنازير أضراراً كبيرة أيضاً بشركات سياحية في كل أنحاء العالم يشكل الحج مصدر الربح الرئيسي لها. فقد أدخلت أنفلونزا الخنازير الخوف إلى عدد كبير من الراغبين بالسفر وأثنتهم عن عزمهم على السفر لأداء فريضة الحج.
الحج مصدر الربح لشركات سياحية
ومن بين الشركات المتضررة من تراجع عدد الحجاج هذه السنة شركة مايا للأسفار في القاهرة. وكما يقول رئيسها ناصر العبد الله " تسعون بالمائة من الزبائن استفسروا إذا كان السفر إلى مكة ممكناً هذه السنة، وسألوا أيضاً عن مفعول اللقاح وإذا كان خالياً من المضاعفات". ويضيف ناصر العبد الله أن الذي لعب دوراً هاماً في حدوث هذه الخسائر هو أن الزبائن الذين دفعهم الخوف إلى إلغاء رحلاتهم، كانوا في الغالب من التجار الأثرياء الذين يحجزون في فنادق خمسة نجوم. وفي هذا السياق يقول "إنهم تجار أثرياء يملكون ما يكفي من المال لأداء فريضة الحج، لكنهم لا يضحون بأنفسهم وأموالهم في حال وجود خطر إصابتهم بالمرض".
مكتب ناصر العبد الله للأسفار يطلب مقابل رحلة من خمس نجوم ما يعادل 8000 يورو. وكانت شركات السياحة المصرية قد بدأت تشعر بالقلق عندما تراجع عدد الراغبين في السفر إلى العربية السعودية لأداء العمرة خلال رمضان في شهر آب/ أغسطس من 500000 إلى 130000 ألف شخص. وقد تكبدت هذه الشركات من جراء ذلك خسائر كبيرة، لأنها كما يقول ناصر العبد الله " كانت قد سددت مقدماً مبالغ للحجز في الفنادق، ولم تتمكن من استرجاع أموالها عندما بقي عدد المسافرين إلى الحج أقل من العدد المنتظر".
تخوف من طغيان الاتجاه التجاري على مفهوم الحج
تقدر نسبة تراجع عدد الحجاج إلى العربية السعودية هذه السنة بخمسة عشر بالمائة ونسبة تراجع العائدات بمقدار الثلث. وكانت نسبة الحجوزات في الفنادق قد تراجعت خلال النصف الأول من هذه السنة بخمسة وأربعين بالمائة. وقد أعرب سامي العنجوي من مركز دراسات موسم الحج عن تخوفه من أن تضيع فكرة الحج الأصلية في خضم ازدياد التركيز على الناحية التجارية ويقول "إن التيار السائد والأعمال التي تجري ليس لها أي علاقة بتاريخ مكة والمدينة ولا بطبيعة مكة ولا المدينة ولا بطبيعة الحج."
ويعبر عن تخوفه من أن يصل الأمر على الرغم من كل هذه الجهود وهذه النفقات إلى ما صفه "بالحج الميكانيكي" الذي ليس له "علاقة بالحج الأصلي الذي حجه النبي محمد والنبي إبراهيم". وعلى الرغم من تراجع عدد الحجاج هذه السنة تعتزم حكومة العربية السعودية المضي في تطوير قطاع السياحة. وقد قدم مهندسون ألمان مخططات لبناء مطار دولي في المدينة، وهناك أيضاً مخططات ملموسة لبناء خط سكك الحديد بالغ السرعة يربط بين مكة ومطار جدة الذي يأتي عن طريقه معظم الحجاج.
الكاتب هانس إيل / منى صالح
مراجعة: طارق أنكاي