الجوع والكوليرا والهجرة ـ آلام اليمنيين مستمرة
٩ مايو ٢٠١٧منذ شهور لم تعد القمامة تُجمع بانتظام أو البتة في كثير من المدن اليمنية، ولاسيما في الضواحي حيث تتراكم النفايات التي تُلمس عواقبها بقوة. وفي أكتوبر الماضي سبق وأن سُجلت الحالات الأولى من مرض الكوليرا، وحصلت إلى حد الآن 108 حالة وفاة، وهناك شكوك في وقوع عدوى بالمرض في أكثر من 23.000 حالة.
والحالات الأولى تظهر في الغالب في ضواحي المدن. "نحن قلقون من أن يتطور المرض إلى وباء"، قال غسان أبو تشار المتحدث باسم منظمة أطباء بلا حدود في حديث مع وكالة الأنباء الفرنسية. وبعد مرور سنتين على الحرب انهار نظام الصحة اليمني، كما أكد المتحدث الذي أوضح أن الكثير من المستشفيات دُمرت.
وأكد كذلك متحدث باسم وزارة الصحة اليمنية تفشي الكوليرا، إذ أوضح أن حالات المرض سُجلت في عشر محافظات.
الخوف من أكبر مجاعة في العالم
ويعاني السكان أكثر فأكثر من عواقب الحرب مثل العدوى بالأمراض مثل الكوليرا. والكثير من الناس يعانون بسبب عدم النظافة من الإسهال والتقيأ.
ومنذ تفجر الحرب في 2013 توفي، حسب الأمم المتحدة نحو 10.000 شخص. ويحتاج حوالي 7.5 مليون طفل لمساعدة طبية ملحة. و2.2 مليون طفل يعانون من سوء التغذية ونصف مليون تقريبا من نقص في الغذاء. وحذرت الأمم المتحدة في نهاية أبريل من أن نحو 17 مليون يمني تهددهم المجاعة التي لا يمكن تجاوزها إلا من خلال تقديم مساعدات سريعة وشاملة. وقبل أيام صرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن اليمن بات "مسرحا لأكبر مجاعة في العالم". والمجاعة تزيد من حدة ظروف العيش القاسية في هذا البلد حيث يصل متوسط العمر حسب أطباء بلا حدود إلى 62 عاما. وللمقارنة نذكر بأن متوسط عمر الرجال في ألمانيا يصل إلى 77 عاما والنساء إلى 82 عاما. وتصل نسبة وفاة الرضع في اليمن إلى 75 نسبة ألفية.
الحاجة إلى حل سياسي
ولا يمكن التوصل إلى نهاية للأزمة بدون حل سياسي للنزاع، كما أكدت ذلك شابية مانتو، المتحدثة باسم هيئة إغاثة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة لقناة الجزيرة الإخبارية. وقالت مانتو "يجب حل الأزمة، ثم يمكن بعدها تقديم المساعدة". في حين أن علامات استفهام كبيرة ماتزال محيطة بنهاية النزاع في اليمن. فبعد تمرد مقاتلين حوثيين شيعة في بداية 2015 ضد قوات الرئيس عبد ربه منصور هادي تدخل فورا تحالف عسكري تقوده العربية السعودية بغارات جوية في النزاع. وهذا التحالف يدعم الرئيس منصور هادي وينفذ هجمات ضد مواقع المتمردين. كما تشارك في النزاع بصفة غير مباشرة مجموعات مسلحة مثل القاعدة وتنظيم "داعش" الإرهابي اللذان يحاولان توطيد مكانتهما في البلاد.
حرب بالوكالة
النزاع في اليمن هو في مجمله حرب بالوكالة بين العربية السعودية وإيران، كما يقول خبير الشؤون السياسية سيباستيان سونس من الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية الذي قال:"في المقام الأول هو نزاع سياسي واستراتيجي". ومن زاوية سعودية يعود النزاع لكون إيران منذ 2003 بوجه خاص أي السنة التي سقط فيها صدام حسين في العراق تحاول ممارسة التأثير في العالم العربي. وهذا الموقف تجدر في السنوات الأخيرة. "العربية السعودية تجد نفسها في كثير من البلدان في مواجهة حلفاء إيرانيين. وهذا ليس في العراق وحده، بل أيضا في سوريا والبحرين واليمن ولبنان. هذه البلدان تخضع حسب وجهة نظر سعودية لتأثير إيران".
الآمال معلقة على ترامب
وتتجه الأنظار حاليا إلى رحلة الرئيس الأمريكي ترامب نهاية مايو إلى العربية السعودية. وفي منتصف مارس سبق لترامب أن قابل نائب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في واشنطن. وقال مستشار للأمير السعودي بعد اللقاء إن اللقاء يجسد "تغييرا واضحا في العلاقات ـ وذلك على المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية وكذلك في القضايا الأمنية".
وقال المستشار إن الإجماع كان واضحا بين بن سلمان والرئيس الأمريكي "حول التوسع الإيراني في المنطقة".
ويعبر ترامب بالنظر إلى رحلته المرتقبة عن تفاؤل، إذ أنها ستنطلق "بعقد لقاء تاريخي في العربية السعودية مع شخصيات قيادية من العالم الإسلامي".
وفي حال التفوق من خلال هذه المحادثات في تقليص قلق العربية السعودية، سيكون لذلك تأثير على الحرب في اليمن. فالدبلوماسيون في واشنطن والرياض وكذلك اليمنيون ليس وحدهم من يربط توقعات كبيرة باللقاء.
كرستين كنيب/ م.أ.م