الجماعات الإسلامية المتشددة: نفوذ عابر للحدود
١٠ يناير ٢٠١٤أثار خبر قتل نحو 50 رهينة مطلع الأسبوع ( 06 يناير/ كانون الثاني 2014 ) على يد منتمين لداعش ( الدولة الإسلامية في العراق والشام ) كثيرا من الذعر لدى المجتمع الدولي. وأظهرت الجريمة جدية الخطر الذي أصبحت تشكله هذه الجماعات الإسلامية المتشددة، المتمركزة في شمال وشرق سوريا.
وكان من بين الرهائن المقتولين، صحفيون وموظفو إغاثة بالإضافة إلى مدنيين. وقد جرت الجريمة في حي قاضي عسكر في حلب القديمة التي تسيطر عليها جماعة داعش الإسلامية المتشددة. وتسعى هذه الجماعة وغيرها من المجموعات الإسلامية المسلحة إلى إقامة دولة إسلامية في العراق والشام.
وجود قوي للإسلاميين
يبلغ عدد الإسلاميين المتشددين المسلحين من السُنة الموجودين في سوريا حاليا حوالي 100 ألف شخص، يتوزعون على حوالي مائتي جماعة مختلفة. و تقاتل هذه الجماعات لتحقيق هدفين اثنين، فهي من جهة تريد الإطاحة بنظام بشار الأسد، ومن جهة أخرى تريد إنشاء دولة إسلامية لكن دون وجود رؤية موحدة بين مختلف المجموعات الإسلامية حول شكل هذه الدولة.
وتعتبر جبهة النصرة أكبر هذه الجماعات من حيث العدد، إذ يفوق عدد عناصرها 15 ألف مقاتل. أما مقاتلو داعش فيبلغ عددهم نحو 7 آلاف مقاتل.
أكثر الأعمال دموية تُنسب لجماعة داعش، التي تُتهم مرارا بخطف مدنيين وتعذيبهم وتصفيتهم. ولا يقتصر النشاط المتزايد لهذه الجماعة على سوريا بل أمتد ليشمل العراق أيضا. ففي الأسابيع الأخيرة عززت داعش ( الدولة الإسلامية في العراق والشام) وجودها في محافظة الأنبار بعد تغللها في مدينتي الرمادي و الفلوجة حيث تخوض معارك دامية ضد الجيش العراقي الذي يحاول طردها منها. وهكذا اتخذ مقاتلو هذه الجماعة من مدن الصحراء ملجأ لهم.
المتشددون يستغلون احتياجات السكان
نجح كثير من المتشددين الإسلاميين في دخول سوريا عبر الحدود العراقية التي يصعب مراقبتها حسبما يرى خبير الشرق الأوسط في المعهد الألماني للدراسات العالمية والإقليمية شتيفان روزيني.
فبعد الحرب الأمريكية في العراق انتقل كثير من الجهاديين من سوريا لقتال القوات الأمريكية، لكن منذ 2011 تغيرت وجهة المقاتلين الإسلاميين نحو سوريا. فكما يوضح روزيني " في عام 2013 وحده نجح تنظيم القاعدة في تحرير حوالي 600 شخص من أعضائه من السجون العراقية وانتقلوا بعدها للقتال في سوريا".
ويستغل المقاتلون الإسلاميون احتياجات المواطنين في سوريا والعراق لأجل تحقيق أغراضهم. ففي العراق مثلا يشعر بعض السنة بتهميشهم من طرف حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي المنتمي للتيار الإسلامي الشيعي، وهو ما يجعل كثير من المناطق ذات الأغلبية السنية، خاصة الواقعة على الحدود السورية، تتعاطف مع الجماعات السنية المتشددة ظنا منها بأنها هي القادرة على حمايتها والدفاع عن حقوقها.
وفي سوريا أيضا أصبحت بعض الجماعات الجهادية تساهم بدورها ولو جزئيا في الحياة العامة من خلال تزويد السكان بالحاجات الأساسية من مأكل وملبس، مما عزز وجودها في بعض المناطق. لكن، وبسبب إيديولوجيتها المتشددة وجنوحها للعنف أصبح كثير من الناس يبتعدون عنها، بل يواجهونها بالسلاح في سوريا والعراق كما يؤكد الخبير شتيفان روزيني.
النظام السوري المستفيد الأكبر؟
حسب المصدر السوري لحقوق الإنسان، أسفرت المواجهات بين الجماعات الإسلامية في سوريا نهاية الأسبوع الماضي عن مصرع نحو 270 شخص. وقد دفع هذا الوضع بأحد قياديي جبهة النصرة وهو محمد الجولاني إلى توجيه رسالة مصورة، بثتها قناة الجزيرة القطرية، ودعا فيها إلى وقف القتال بالقول " نحن نؤمن بإسلام يتسع للفصائل المنافسة، لكن مجموعات غادرة استغلت ذلك لتنفيذ مخططات الغرب أو تحقيق مصالحها الخاصة".
انتشار الإرهاب في سوريا يصب في مصلحة حكومة الأسد التي أصبحت من خلال ذلك تجد مبررا لإلصاق صفة الإرهاب بكل فصائل المعارضة. و قد أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية (ناسا) بأن قضية الإرهاب ستكون على رأس جدول أعمال الحكومة السورية في مؤتمر السلام حول سوريا المقرر تنظيمه نهاية يناير الجاري.