الجالية اليهودية في المكسيك ترفض جدار ترامب
٤ فبراير ٢٠١٧ما الذي خطر على بال رئيس الوزراء الإسرائيلي لدى إرساله تغريدة على موقع تويتر في نهاية الأسبوع الماضي؟:"الرئيس ترامب على حق. شيدت جدارا على الحدود الجنوبية لإسرائيل. الهجرة غير الشرعية توقفت. نجاح كبير. فكرة عظيمة".
هل كان يريد تحقيق امتياز أكبر لدى الرئيس الأمريكي للحصول على تنازلات أكثر من ترامب؟ فهذا سبق وأن أعلن عزمه نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. أو أن نتانياهو كان ينوي الدفاع عن ترامب عندما تسبب قرار منعه سفر رعايا سبع دول إسلامية في فوضى؟
كيفما كانت النية خلف ذلك، فإن تويت رئيس الوزراء الإسرائيلي أحدث موجة غضب أكثر من الترحيب." الجالية اليهودية في المكسيك تبتعد عن تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو حول الجدار الفاصل. في هذه النقطة نحن لا نشاطره الرأي، ونرفض موقفه"، كتب موزيس رومانو رئيس اللجنة المركزية للجالية اليهودية بالمكسيك. وعبر في بيان صحفي عن تضامنه مع مواطنيه المكسيك في الولايات المتحدة وطالب بمعاملة لائقة لهم.
وعندما ظهر الضرر، نفى نتانياهو أن يكون قد نوى في مضمون التويت الإشارة إلى المكسيك. في حين أن الجميع في العالم يدرك أن "جدار ترامب" يعني الجدار الفاصل بين المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية.
سوء تفاهم فقط
في رسالة مفتوحة إلى بنيامين نتانياهو ألمح الحاخام مارسيلو ريتنير نائب رئيس الأخوة اليهودية المسيحية في المكسيك إلى أن تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي يتنافى مع "القيم اليهودية للأخوة والعدالة" ويكشف جهلا بالوضع القائم، علما أن المكسيك لا توجد في حرب مع جارتها.
وفي الأثناء طالب الرئيس الإسرائيلي نظيره المكسيكي بتجاوز الأزمة الدبلوماسية، واعتذر عن "سوء التفاهم". أما السفير الإسرائيلي في المكسيك فقد أكد أن المكسيك وإسرائيل لهما تاريخ مشترك طويل في الصداقة والعلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية.
أمريكا، المهجر ووطن اليهود
تاريخ اليهود في القارة الأمريكية يعود إلى فترة بعيدة في الماضي. فخلال رحلته الأولى كان كريستوف كولومبوس مرفوقا بيهود كتموا دينهم بسبب اضطهادهم من قبل الملوك الكاثوليك. وكان يوجد بينهم أطباء ومترجمين ملمين بالاسبانية والعبرية والعربية. وفي النصف الثاني من القرن الـ 19 لبى الكثير من اليهود الناطقين بالألمانية دعوة القيصر ماكسميليان في المكسيك. وحتى اليهود الروس الذين اضطهدوا في وطنهم هاجروا إلى المكسيك، وكذلك اليهود السفاردين الذين طلبوا اللجوء هناك بعد انهيار كيان الإمبراطورية العثمانية. واليوم نجد يهودا من حلب السورية جزءا من المجتمع المكسيكي المتعدد الثقافات. البلاد رحبت بهم مثل أولئك الذين فروا من اضطهاد النازيين والذين فتح لهم المكسيك الأبواب بعدما قفلتها الولايات المتحدة الأمريكية، كما تذكر بذلك الكاتبة المكسيكية من أصل يهودي زابينا بيرمان.
علاقات ثنائية هامة
وتفيد بيانات وزارة الاقتصاد في المكسيك أن حجم التجارة الثنائية بين البلد الأمريكي اللاتيني وإسرائيل حقق في 2015 قيمة 841.9 مليون دولار. كما أن المكسيك تحتضن استثمارات إسرائيلية كبيرة. فشركة الصيدلة الكبيرة TEVA اشترت بمبلغ ملياري دولار شركة RIMSA المكسيكية العملاقة. ومنذ زمن بعيد تربط البلدين علاقات ثقافية واجتماعية، وتضم الجالية اليهودية في المكسيك نحو 67.500 شخص، وهي ثالث أكبر جالية في أمريكا اللاتينية بعد الأرجنتين والبرازيل التي تشمل حسب التقديرات نصف مليون نسمة.
وماذا تعني الإهانات عندما تكون الوحدة في خطر؟ ليس من فراغ أن ينهي الحاخام ريتنير رسالته إلى نتانياهو بالقول:" أنا فخور بأن أكون يهوديا، وفخور بأن أكون مكسيكيا. هذا البلد احتضنني وعائلتي وأعطاني فرصة النمو والتجدر والعيش في سلام. نحن نرفض العنف ضد المهاجرين. وحتى الولايات المتحدة وإسرائيل فتحتا في السابق الأبواب لأولئك الذين كانوا يبحثون عن مستقبل لعائلاتهم. وهكذا عليه الحال بالنسبة إلى عائلة الرئيس الحالي ترامب".
خوسي أوسبينا بالنسيا/ م.أ.م