التضخيم والتزييف يهزَان ثقة الشباب بالإعلام العربي
٣٠ يونيو ٢٠١٣أظهرت دراسة قام بها بها المركزالثقافي البريطاني ومركز جونجيرهارت للأعمال الخيرية والمشاركة المدنية بالجامعة الأميركية بالقاهرة أن ثقة الشباب في وسائل الإعلام العربية تراجعت إلى مستوى خطير لأسباب أبرزها عدم رضاهم عن أدائها المهني بعد الثورات العربية، وهو الأمر الذي أدى إلى اتساع الهوة بين الشباب ووسائل الإعلام وخاصة المرئية منها. أزمة الثقة هذه أثرت أيضا على تطلعات الشباب العربي وأدت إلى وجود حالة من الإحباط في أوساطهم مردها إلى كون الإعلام عوض أن يحتضن هؤلاء الشباب ومطالبهم قام بإبعادهم عن النقاش العمومي في بلدانهم ودخل في معارك سياسية أفقدته الكثير من المهنية والحيادية.
"في السابق كنا ننظر لوسائل الإعلام العربية على أنها تأتي بحقائق ووقائع غير مزيفة خاصة أثناء الحرب على العراق وأفغانستان. غير أن تغطيتها لأحداث جعلتنا ندرك بأنها تنقل الكثير من الأخبار الخاطئة التي لا تمت للواقع بصلة"، تقول حنان خالد، وهي شابة يمنية وناشطة حقوقية ل DWعربية مضيفة بأن "الانحياز وعدم الحيادية في نقل الأخبار إضافة إلى إبعاد الشباب عن النقاش العمومي في واقع ومستقبل بلدانهم" دفعتهم إلى انتقاد وسائل الإعلام، لاسيما في الدول العربية التي شهدت وتشهد حراكا واحتجاجات جماهيرية.
خطاب العنف في الفضائيات أخطر ما يهدد مصر
شهد الربيع العربي تلاحما كبيرا بين القنوات التلفزيونية والشباب المحتج في مختلف الدول العربية. كما أعطت الفضائيات زخما إعلاميا كبيرا للاحتجاجات الشعبية، لكن بعد الفترة الانتقالية تغيرت الأمور كثيرا وأصبحت وسائل الإعلام تلعب دورا سياسيا أكثر منه دور إعلامي، ووصل الأمر إلى ما يمكن تسميته ″فوضى إعلامية من كثرة القنوات التلفزيونية، لكن الأمر الأخطر هو خطاب التحريض على العنف والكراهية الذي تروج له بعض الفضائيات والذي يزيد من حجم الاحتقان في المجتمع″، حسب تعبير الصحفي المصري أحمد حجاب صحفي مصري الذي شارك في الثورة المصرية، مضيفا أن هناك مشكلة أخرى وهي أن "العديد من الصحفيين ليسوا مدربين على الفصل بين أرائهم الشخصية وأدائهم المهني الذي يتطلب منهم الموضوعية″، وإذا كانت فوضى القنوات وخطاب العنف الذي تروج له بعض القنوات في مصر هو الذي أدى في كثير من الأحيان إلى ″تعقيد المشاكل وتضخيمها أكثر من بسط الحقائق كما هي″ فإن مشكلة تزييف الوقائع والحقائق أدت في كل من تونس واليمن إلى حنق الشباب على القنوات التلفزيونية.
شباب من تونس واليمن: نريد إعلاما صادقا
″لا أفهم ماذا يستفيدون من ترويع الناس وتضخيم الأحداث من خلال صورة مخالفة تماما لما يقع على أرض الواقع، عندما تكون هناك مواجهات بسيطة فهم يضخمونها حتى تغلق المحال والمدارس وتعطل حياة الناس″ تقول الشابة اليمنية حنان خالد تعبيرا عن عدم رضاها عن أداء القنوات التلفزيونية سواء اليمنية أو العربية الأخرى مضيفة أن ″الإعلام يساهم في الانفلات الأمني الذي يعرفه اليمن حتى أن الشعب أصبح يعيش حالة إحباط بسبب الأخبار عن الاشتباكات والمواجهات التي لا وجود لها على أرض الواقع″، التهويل وتضخيم الأحداث وعدم نقل الواقع هو الذي أدى إلى حالة من الإحباط لدى الشباب التونسي أيضا بعد الثورة، حيث تصف الناشطة الحقوقية أسماء العبيدي الوضع الإعلامي هناك بأنه ″لا يرقى لتطلعات الشباب ولم يكن في مستوى المرحلة الحساسة التي تمر بها تونس، لذلك أنا لست راضية عن الفضائيات التونسية وغير التونسية التي تغير الحقائق وتخرج المعلومة من سياقها إضافة إلى غياب الحرفية والمهنية في التعامل مع الأخبار"، وبناء عليه ترى بأن هناك "حاجة إلى إعلام نزيه يعطي فرصة للشباب كي يعبر عن نفسه وعن قدراته″.
الفضائيات العربية لا تساير تطلعات الشباب
ابتعاد القنوات العربية عن عرض ما يدور في الشارع العربي وجنوحها نحو التهويل والتضخيم أدى إلى إضعاف مصداقيتها في أوساط الشباب الذي كان يرى فيها وسيلة من وسائل التغيير والتنمية بعد الثورة. الخبير الإعلامي عبد الوهاب الرامي فسر فقدان الثقة اتجاه الفضائيات العربية بالقول: ″حين يرى الشباب العربي أن الانتفاضات العربية التي كان يشارك فيها ولو افتراضيا من خلال الفضائيات، لم تؤت الأكل المرجو منها، فإن الإحباط ينتابه مما يؤثر حتما على علاقته بهذه الفضائيات″، كما أن القنوات العربية لم تستطع أن تكون في مستوى تطلعات الشباب العربي ولا أن تسايره في رغبته نحو حرية التعبير عن رأيه وهذا ما عبر عن عبد الوهاب الرامي بقوله: ″حين يلمس الشباب استكانة التلفزيون العربي مقارنة مع ما يتطلع إليه من أدوار، فإنه يصاب بالإحباط، ويسحب ما بقي من ثقة في هذا النوع من الإعلام الذي يعتبره في أفضل الحالات ترفيهيا، ولا يهدف إلى إذكاء الوعي في اتجاه إرساء الديمقراطية″،مؤكدا في الوقت ذاته ″أن الثورة الرقمية، وخاصة الإنترنت، وضمنها شبكات التواصل الاجتماعي، أججت النقد الموجه من الشباب للتلفزيونات العربية″.