التداوي بالأعشاب الطبية في العراق ينافس نظيره الكيميائي
٢٤ أكتوبر ٢٠١١عباس الحسيني، صاحب إحدى المعاشب الطبية في العاصمة بغداد، يقضي معظم أوقات نهاره بخلط وتركيب المستحضرات "الطبية لمختلف أمراض مراجعيه"، إذ يرى أن "طب الأعشاب أوسع بكثير من الطب الحديث وذلك لوجود الدواء لكل داء". ويشير الحسيني إلى أن مستحضراته الطبية أتت بنتائج إيجابية للأمراض التي تمت معالجتها. وعرفت "عيادات العشابين" في بغداد إقبالاً متزايداً على مستحضرات الأعشاب للأغراض العلاجية، يفوق في بعض الأحيان نظيرتها الكيميائية.
ويشير الحسيني (53عاماً)، الذي اكتسب مهنة التداوي بالأعشاب منذ نعومة أظافرة على يد أحد العشابين، إلى أن "عملية توصيف العلاج للمريض تتم على ضوء نتائج التقرير الطبي الصادر عن الطبيب المختص، مع مراعاة حالة المريض من الناحيتين النفسية والجسدية". وفي حديث مع دويتشه فيله يبين الحسيني أن أبرز الحالات المرضية التي تتم معالجتها في عيادته هي في العادة "ضعف القدرة الجنسية لدى الرجال وعلاج العقم وأمراض السكر وضغط الدم والترشيق وغيرها من الحالات الأخرى".
أسعار رخيصة
يفسر الحسيني الإقبال على هذا النوع من العلاج برخص هذه المستحضرات وقلة أعراضها الجانية مقارنة بنظيراتها الكيميائية، وعن مصادر الأعشاب المستخدمة في عيادته يضيف قائلاً: "أغلب الأعشاب المستخدمة في المستحضرات نستوردها من سوريا والهند والصين وإيران، فضلاً عن وجود الأعشاب المحلية".
التقدم في المجالات الطبية خلال سبعينات القرن الماضي وثمانيناته كاد ان يعصف بـ"المعاشب الطبية" في العراق، لكن ما أن حلت سنوات الحصار الاقتصادي، الذي فرض على العراق خلال تسعينات القرن الماضي، حتى أزدهر انتشارها لشح الدواء الكيميائي. وزاد هذا الانتشار خلال السنوات الأخيرة التي تلت عام 2003 من جراء تردي واقع المؤسسات الصحية وهجرة الكثير من الأطباء الاختصاصيين لمستشفياتهم، فضلاً عن ارتفاع أسعار الأدوية وكثرة المغشوش منها أو عدم فاعليتها، مما دعا الكثير من المرضى إلى الاتجاه نحو أخصائيي الطب الطبيعي والتداوي بالأعشاب.
خلو من الأعراض الجانبية
"التداوي بالأعشاب الطبية الطبيعية كان ملاذي الأخير لعلاج مشكلة تساقط الشعر التي تفاقمت لدي بعد بلوغي سن الـ21، إذ جربت أنواعاً عديدة من العلاج الكيميائي. لكن جميع محاولاتي باءت بالفشل"، هذا ما قاله محمد عامر كمال، الذي كان يأخذ علاجه من إحدى محلات الأعشاب في بغداد.
وأشار كمال (24 عاماً) إلى انه اتجه إلى فكرة العلاج بالأعشاب بفضل نصيحة قدمها له أحد أصدقائه بعد أن ضاق ذرعاً باستخدام المنتجات المصنعة التي يُعلن عنها هنا وهناك. ويضيف بالقول: "أنفقت أموالاً كثيرة تصل إلى مئات الدولارات على هذه المنتجات ولكنها لم تأت بأي نتيجة، فيما يصل سعر العبوة الواحدة من العلاج الطبيعي نحو 20 دولاراً وتكفي لمدة شهر كامل".
وأضاف كمال أن " هذه المستحضرات حالت دون تزايد تساقط شعري، بل وأصبح ينمو من جديد بعد أن بدأت بالتداوي بواسطة العلاج الطبيعي الطبي قبل شهور قليلة باستخدام زيت خاص متكون من خليط من الزيوت النباتية والأعشاب وأنا الآن في نهاية مشوار علاجي"، بحسب قوله.
أما عمار قيس علوان، فيفضل هو الأخر التداوي بالأعشاب على الأدوية الكيميائية إلى جملة أسباب أبرزها: "تردي واقع المؤسسات الصحية في العراق بالإضافة عن دخول أنواع متنوعة ومختلفة من الأدوية المنتهية الصلاحية فضلاً عن ارتفاع أسعارها وكل هذه العوامل ساعدت على افتتاح المعاشب الطبية في العراق"، كما يقول.
ويقول علوان (45 عاماً)، في حوار مع دويتشه فيله: "كنت في السابق استخدم الأدوية الكيمائية بكثرة نظراً لارتفاع نسبتي السكر وضغط الدم لدي، مما سبب لي أعراضاً جانبية أبرزها فقدان شهية الطعام وكذلك شعوري بدوار مستمر، إلى أن قررت استبدال الأدوية الكيميائية بالتداوي بالأعشاب".
مركز وحيد للتداوي
وعن حقيقة نتائج هذه المستحضرات، التي قد تبدو "خيالية" أو "سحرية" وانتشار المعاشب الطبية، سألت دويتشه فيله مدير مركز طب الأعشاب التابع لوزارة الصحة العراقية، الدكتور عدي عبد الله. ويقول عبد الله إن مركزه عمل وبالتنسيق مع الوزارة على وضع ضوابط وشروط معينة لمنح إجازة فتح "المعاشب الطبية" في العراق، والتي تتمثل بأن يكون العشاب من حملة الشهادات الأكاديمية المتخصصة في هذا المجال وأن يجتاز دورات عدة. وبحسب عبد الله فقد كانت هذه الإجازات تُمنح في السابق لأي شخص يرغب في الحصول عليها. ويعد المركز المتخصص في التداوي بالأعشاب الطبية الوحيد من نوعه في العراق منذ 1989.
ويضيف عبدالله بالقول إن "عدد المعاشب الطبية في عموم المحافظات العراقية بلغت نحو 355 معشباً مجازاً من قبل وزارة الصحة العراقية"، مؤكداً أن وزارة الصحة أولت اهتماماً كبيراً بهذا الطب، الذي وصفه بــ"الأصيل" وأخصائييه من العشابين. وبحسب المتحدث فإن المركز أغلق الكثير من المعاشب الطبية غير المجازة من قبل وزارة الصحة.
وتنتشر العديد من محلات العشابين في الأسواق المحلية في العاصمة بغداد واغلب المدن العراقية، فيما يتكفل العشابون بمعالجة مرضاهم بصورة دورية ومدد معينة تتمثل بعلاج الأمراض المزمنة والمستعصية والعقم وتساقط الشعر والترشيق والتسمين والأمراض الجلدية وغيرها من الأمراض.
مناف الساعدي/ بغداد
مراجعة: يوسف بوفيجلين