في مستشفى الشارتيه البرليني ـ تكامل الطب التقليدي والطب البديل يعد بفرص علاجية طيبة
١٨ مارس ٢٠٠٩عانى السيد موللر كثيرا من الأوجاع الشديدة التي أصابت ساقه اليسرى منذ أعوام، حيث تؤلمه مع كل خطوة يخطوها، واستشار العديد من أطباء العظام ولكنهم لم يقدموا له نصائح مفيدة، وكان تشخيصهم لآلامه مبهما وغير محدد. كما أن المدرس موللر رفض الخضوع لعملية جراحية في ساقه استجابة لرأي بعض الأطباء خاصة بعد أن تعلم كيف يتعايش مع آلامه.
واستمر الحال كذلك حتى سمع عن نوع جديد من العلاج في مستشفى شاريتيه الجامعي بالعاصمة الألمانية برلين، حيث يلتقي الطب التقليدي بالطب البديل في أحد أقسام الاستقبال بالمستشفى، إنه قسم العلاج الوقائي والعلاج المتكامل. هناك يلتقي أساتذة من جميع التخصصات الطبية ويجمعون بين تجاربهم وعلمهم في قسم واحد ويستخدمون كذلك طرق الطب البديل ضمن أساليبهم العلاجية. قلما وجد في المستشفيات الألمانية قسم يستخدم مثل هذا الأسلوب العلاجي. كما أن هذا العلاج غير منتشر على مستوى العالم.
قسم العلاج المتكامل
لا تكاد تكون هناك من الوهلة الأولى فروق بين قسم الاستقبال في أكبر مستشفى جامعي في أوروبا، مستشفى شاريتيه برلين، وأقسام الاستقبال في المستشفيات الأخرى. الأمر لا يختلف في ظاهره عن بقية هذه الأقسام، فهناك نساء ورجال يجلسون في قاعة الانتظار وهناك طبيب في الغرفة القريبة يفحص أحد المرضى. ولكن هناك شيء أساسي مختلف عن بقية الأقسام المماثلة في المستشفيات الأخرى، وعن ذلك يقول موللر:"يتم النظر للمرضى ككل ولا يركز الأطباء خلال معالجتهم على جانب واحد من الجوانب الطبية، فهناك مراعاة لظروف حياتهم ورغباتهم وتصوراتهم".
ويضيف:"أطباء مستشفى شاريتيه يسمعون مرضاهم أكثر ويوجهون لهم أسئلة أكثر ولا يركزون على شيء واحد خلال العلاج". وهذا بالضبط هو أول ما يحرص عليه معهد شاريتيه للطب الاجتماعي وطب الأوبئة والطب الاقتصادي، الذي يعنى بالبحث عن أقل السبل العلاجية تكلفة وأسرعها نتيجة، كل هذه التخصصات موجودة في قسم الاستقبال الذي أسسته المستشفى قبل نحو عام ويتبع المعهد.
لا يعمل في هذا القسم عشرة من أصحاب التخصصات المختلفة فقط، مثل متخصصون في الطب العام والطب النفسي والإرشاد الغذائي، بل وأيضا ثلاثة أساتذة متخصصون في الطب البديل أو الطب التكميلي، وهذا شيء فريد في المستشفيات الجامعية الألمانية كلها.
تكامل الطب التقليدي والطب البديل
ويقول مدير المعهد البروفيسور شتيفان فيلليش (49 عاما) موضحا مغزى الفكرة الجديدة:"كان ممثلو الطب التقليدي يقفون حتى الآن موقف المتشكك بل المعادي لأصحاب الطب البديل، فالأطباء التقليديون لا يصدقون غالبا إلا ما تعلموه في جامعاتهم و كتبهم في حين أن منتقديهم من أصحاب الطب البديل يقسمون الأيمان على أن لديهم طرقا بديلة وناجعة في العلاج ولديهم ارتباط أوثق بالمرضى".
ويهدف أستاذ طب الباطنية، البروفيسور فيلليش، إلى إنهاء هذا الانقسام من خلال هذا الطب المتكامل. وفي هذا السياق يقول:"أعتقد أن الطب المتكامل هو شكل من أشكال الطب الحديث، وهو الطب الوحيد القادر على تحسين طرق علاج المرضى وتلبية رغباتهم المتنوعة للغاية". ورغم أن فيلليش يعتقد بأن الطب التقليدي لا يمكن أن يعوض في الكثير من الجوانب خاصة الأمراض الطارئة مثل إسعاف المصابين بالذبحة الصدرية أو السكتة الدماغية، ولكنه يضيف:"غير أنه إذا كان هناك إنسان يعاني من مرض مزمن فإن فرص علاجه بوسائل الطب التقليدي تكون محدودة".
شهرة واعترف شركات التأمين
ويجري المعهد أبحاثا عن فوائد الوسائل العلاجية في الطب البديل، وذلك لأن الجامعة ـ كما يقول فيلليش ـ لا تريد أن تجعل من مرضاها حقل تجارب لهذه الطرق البديلة، وبالتالي حتى لا تستخدم سوى الوسائل التي ثبتت جدواها الطبية بالفعل. انتشرت هذه البادرة وهذه الخطوة الطبية الجديدة في ألمانيا خلال عام من تأسيس القسم الجديد بمستشفى شاريتيه الجامعي وتناقلها الناس فيما بينهم. وأصبح نحو ألف مريض يتردد على القسم بشكل منتظم لتلقي العلاج فيه. كما يقدم القسم الجديد استشاراته للأقسام الأخرى بالمستشفى. وأصبحت بعض شركات التأمين الصحي تدفع تكاليف هذه الطرق العلاجية التي تجمع بين الطب التقليدي والطب التكميلي خاصة فيما يتعلق بالطرق العلاجية التي ثبتت جدواها علميا. غير أن المرضى مازالوا يضطرون لدفع تكلفة معظم الوسائل العلاجية. ولكن ذلك غير مهم للمدرس موللر على سبيل المثال الذي وجد في هذا الطب الجديد ضالته المنشودة وشعر بتحسن ساقه وتراجع حدة الألم فيها وبعد أن تأكد له عدم حاجته للخضوع لجراحة قد تنجح وقد تفشل وبعد أن عاد ليركض إلى جانب كلبه.
(ع.ج.م/ / د ب أ)