الانتخابات الفلسطينية أمام استحقاقات وعقبات جديدة
يستعد قرابة 340،1 مليون ناخب فلسطيني للتوجه الى صناديق الاقتراع يوم 25 كانون الثاني/يناير لاختيار ثاني مجلس تشريعي منذ قيام السلطة الفلسطينية بعد سنة من توقيع اتفاقات اوسلو سنة 1993، بمشاركة حركة المقاومة الاسلامية حماس التي لا تزال ترفض تلك الاتفاقات. وتشهد هذه الانتخابات تنافسا حادا على مقاعد المجلس التي رفع عددها الى 132
بعد ان كان 88 مقعدا، حيث كثفت القوائم الرئيسية المتنافسة، وخصوصا قائمتي فتح وحماس، حملتها الدعائية التي يفترض ان تتنهي منتصف ليل 23 كانون الثاني/يناير. وتأخرت حركة فتح في بدء حملتها جديا بعد اطلاق دعوات لتاجيل لانتخابات من داخل الحركة المنقسمة بين تيارين رئيسيين وسط اتهامات بالفساد ودعوات الى الاصلاح والتغيير تتزعمه الكوادر الشابة في الحركة.
معادلات واستحقاقات صعبة!
لا شك أن هذه الانتخابات تكتسب أهمية قصوى في المنطقة لان نتائجها قد تفرض معادلات جديدة كليا في المنطقة. فلأول مرة تشارك حركة اسلامية ذات شعبية كبيرة في الشارع الفلسطيني في انتخابات عامة، يرجح أن تكون على أثرها ممثلة بقوة داخل المجلس التشريعي. وقد رفضت الحركات الاسلامية الفلسطينية دوما المشاركة في المجلس الوطني الفلسطيني، الامر الذي أهل حركة فتح، المنافس الرئيسي لحماس، لاحتكار أغلبية مقاعد المجلس لصالحها. أما اليوم فقد غدا الامر مختلفا. فبمشاركة حماس قد تخسر فتح أغلبيتها في المجلس، كما أن أن تمثيل حماس القوي في المجلس سيكون له استحقاقات غاية في الاهمية على صعيد عملية اتخاذ القرار في أجهزة السلطة الفلسطينية وبالتالي على مستقبل عملية السلام في الشرق الاوسط. ومما يزيد من تعقيد الامور أن حركة حماس التي ترفض الاعتراف باسرائيل وباتفاقيات أوسلو مرفوضة أمريكيا واسرائيليا. فهل نشهد في القريب العاجل حالة جمود من جديد ترجعنا الى فترة احتجاز الرئيس الفلسطيني ورفض التعامل معه.
موقف ألمانيا من مشاركة حماس
صرح وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير أمس الخميس بعد لقائه الرئيس المصري حسني مبارك في القاهرة ان من حق حركة المقاومة الاسلامية (حماس) المشاركة في الحكومة الفلسطينية شرط ان تتنازل عن العنف. وقال شتاينماير للصحافيين "من حق اي جهة ان تشارك في الحكومة طالما ستتنازل عن العنف بما فيها حماس." ونقلت وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية عن الوزير الالماني ان المحادثات مع الرئيس المصري تناولت مسالة الانتخابات الفلسطينية والوضع في العراق والملف النووي الايراني. أما اسرائيل فقد رفضت التعامل مع حماس رفضا باتا ومنعتها من اجراء اية نشاطات انتخابية في القدس الشرقية. الا ان الجميع يعرف أن تمثيل حماس في المجلس التشريعي سيفرض واقعا جديدا، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: الى أي مدى تستعد حماس ويستعد معها الاسرائيليون والامريكيون للتعاطي مع الواقع الجديد؟
القوائم المتنافسة والنظام الانتخابي
يخوض الفلسطينيون الانتخابات في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية بعد موافقة اسرائيل على السماح بمشاركة فلسطينيي القدس الذين يفترض ان يدلوا باصواتهم في مراكز بريد كما جرى في الانتخابات التشريعية الاولى سنة 1996 وخلال الانتخابات الرئاسية سنة 2005. ويتم تنظيم الانتخابات مناصفة وفق نظامي القائمة الوطنية والدوائر. وتتنافس 11 قائمة في الانتخابات وتبلغ نسبة الحسم لدخول المجلس التشريعي 2% من الاصوات حسب لجنة الانتخابات المركزية. وبناء عليه، يتوقع حسب استطلاعات الراي ان تمثل خمس قوائم في المجلس التشريعي ابرزها قائمة حركة فتح برئاسة مروان البرغوثي المعتقل لدى اسرائيل، وقائمة حماس، "التغيير والاصلاح"، برئاسة اسماعيل هنية. وتتقارب نتائج هاتان القائمتان في الاستطلاعات، يليهما قائمة "فلسطين المستقلة" برئاسة مصطفى البرغوثي، وقائمة "الشهيد ابو علي مصطفى" للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، و"الطريق الثالث" وهي قائمة مستقلة برئاسة سلام فياض وعضوية حنان
عشراوي.
اما على مستوى الدوائر فتقسم الاراضي الفلسطينية الى 16 دائرة، 11 منها في الضفة الغربية بما فيها القدس، وخمس في قطاع غزة. ويبلغ عدد الناخبين المسجلين في الضفة الغربية بمن فيهم سكان القدس الشرقية حوالي 811 الفا، وفي قطاع غزة 529 الفا. وبلغ عدد المرشحين في الدوائر 414 مرشحا وضمن القوائم 314 مرشحا. وتم تحديد الف مركز اقتراع في الاراضي الفلسطينية ستفتح من السابعة صباحا وحتى السابعة مساء. لكن لجنة الانتخابات المركزية والمراقبين الدوليين ابدوا خشيتهم من ان تؤدي العراقيل الموضوعة امام حرية حركة الناخبين الى التاثير سلبا على نسبة المشاركة.
عقبات أمام سير العملية الانتخابية
قالت لجنة الانتخابات المركزية ان "سلطات الاحتلال الإسرائيلي تقوم بفرض قيود شديدة على حرية الحركة في الضفة الغربية وقطاع غزة، ما يحول دون حرية التنقل خارج حدود مناطق السكن". ويشكل الجدار، حسب اللجنة، عقبة رئيسية في بعض المناطق امام انجاز العملية الانتخابية بشكل حر وشفاف. واشارت اللجنة الى ان بعض مراكز تسجيل الناخبين اغلقت بسبب منع التجول الذي يفرضه الجيش الاسرائيلي على بعض مناطق شمال الضفة الغربية. كما "تعرضت مراكز تسجيل الناخبين في القدس للاغلاق ومنعت السلطات الاسرائيلية طواقم لجنة الانتخابات المركزية من العمل داخل المدينة، واعتقلت موظفي المراكز فيها". ومنعت السلطات الاسرائيلية العديد من المرشحين من خوض حملتهم في القدس الشرقية واعتقلت ناشطين من حماس ومن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
الى جانب العقبات المتعلقة بالاحتلال الاسرائيلي هناك عقبة اخرى تتمثل في انتشار السلاح والمجموعات المسلحة. ومن أجل تفادي أية تجاوزات من قبل المسلحين الملثمين قررت اجهزة الامن والشرطة الفلسطينية اعلان حالة الطوارىء ونشر 13 الف شرطي في كافة المناطق الفلسطينية قبل ثلاثة ايام من الانتخابات. وقال مدير عام الشرطة الفلسطينية العميد علاء حسني لوكالة فرانس برس انه "تم وضع خطة امنية متكاملة، لحماية كافة مراكز وصناديق الاقتراع ووزعت المهام على كافة الاجهزة الامنية". وتتضمن الخطة عدم السماح بالظهور المسلح لاي كان غير رجال الامن والشرطة في محيط او داخل المراكز الانتخابية. وكانت كل من حركتي فتح وحماس قد أعلنا يوم الاربعاء الماضي خلال مؤتمر صحافي مشترك التزامهما بمنع الظهور المسلح يوم الانتخابات وبالقرب من مراكز الاقتراع.