الانتخابات الألمانية– مشاركة متزايدة للموطنين من أصول مهاجرة
١٣ أغسطس ٢٠١٣حُب خوان دياز للعاصمة برلين جعله يقرر العيش في هذه المدينة المعروفة بتنوع ثقافاتها وتعدد جنسياتها. خوان دياز هو مواطن أمريكي، استقر والداه الكوبيان في ميامي بعد فرارهما من نظام فيدل كاسترو. ومنذ سبعة أعوام أصبح دياز يحمل أيضا الجنسية الألمانية "لرغبته في الحصول على الحق في التصويت والمساهمة في اختيار أعضاء البرلمان و المستشار"، كما يقول.
وفق البيانات الأخيرة التي قام بها مكتب الإحصائيات الاتحادي الألماني عام 2011، يقدر عدد المقيمين من أصول أجنبية في ألمانيا بحوالي 16 مليون شخص. ويتعلق الأمر هنا بمواطنين هاجروا شخصيا إلى ألمانيا أو بأشخاص ولدوا فيها من أبوين مهاجرين. ولا يتمتع جزء كبير من هذه الشريحة المجتمعية في ألمانيا بحق التصويت إما لصغر سنهم أو لعدم توفرهم على الجنسية الألمانية، لأن التصويت في الانتخابات يشترط أن يكون للناخب جنسية ألمانية. ويستثني قانون الانتخابات الألماني من هذا الشرط مواطني دول الاتحاد الأوروبي المقيمين في ألمانيا، حيث يسمح لهم بالمشاركة في الانتخابات المحلية والأوروبية دون المشاركة في الانتخابات التشريعية.
وحسب الإحصائيات الرسمية سيحق لحوالي ثلث عدد المواطنين من أصول أجنبية في ألمانيا الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية المقبلة التي ستجرى في 22 من سبتمبر المقبل. وهي نسبة في تزايد مستمر بسبب تزايد عدد الأجانب الحاصلين على الجنسية الألمانية، حيث بلغ عددهم عام 2011 أكثر من مائة ألف.
توزيع أصوات الناخبين من أصول مهاجرة
من جهة أخرى اعتبرت دراسة قام بها المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين أن إقبال الناخبين من أصول أجنبية على صناديق الاقتراع غالبا ما يكون ضعيفا مقارنة بالشرائح الاجتماعية الأخرى، حيث وصلت نسبة المشاركة في انتخابات 2011 حوالي 72,3 في المائة، في حين كانت نسبة التصويت لدى المواطنين الألمان الأصليين بـمستوى 81,5 في المائة.
ويؤكد خوان دياز على رغبته في المشاركته في الانتخابات البرلمانية المقبلة. ويقول المواطن الألماني الجديد من من أصول أمريكية وكوبية: " أشعر دائما بالسعادة عندما أتوصل ببطاقة التصويت. فالتصويت هو حق دستوري أساسي، وأنا لا أريد التخلي عنه". وبسبب وظيفته كوسيط في النزاعات يتنقل دياز كثيرا بين دول البلقان، لكن ذلك لا يمنعه من المشاركة في الانتخابات خصوصا وأنه يمكن التصويت في ألمانيا عبر البريد.
وفي دراسة أجرتها إنغريد توتشى من المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية، فإن أغلب الناخبين من أصول أجنبية يمنحون أصواتهم للحزب الديمقراطي الاشتراكي أو للحزب الديمقراطي المسيحي. وخلصت إنغريد في دراستها إلى أن طبقة العمال الذين قدموا من جنوب أوروبا ويوغسلافيا وتركيا للعمل في ألمانيا خلال الخمسينات والستينات من القرن الماضي، يميلون الى انتخاب الحزب الديمقراطي الاشتراكي، في حين يفضل المواطنون من أصول ألمانية، قدموا من الاتحاد السوفياتي السابق للاستقرار في ألمانيا بعد فترة الحرب الباردة، التصويت للحزب الديمقراطي المسيحي أوالاتحاد المسيحي الاجتماعي المحافظين.
استقطاب الناخبين المهاجرين رهن بمواقف الأحزاب من قضايا الهجرة
وتعتقد توتشي بأن تفضيل الناخب من أصول أجنبية لهذا الحزب أو ذاك يرتبط بتعامل الأحزاب مع قضايا الهجرة والمهاجرين. حيث تمكن الحزب الديمقراطي المسيحي مثلا من كسب تعاطف كثير من مهاجري دول شرق أوروبا والمنحدرين من أصول ألمانية بسبب ما وفر لهم من دعم في العملية الاندماجية في ألمانيا. وبالمقابل أدت المواقف السلبية للحزب الديمقراطي المسيحي اتجاه مهاجرين آخرين إلى تراجع شعبية الحزب في بعض الأحيان. من جهة أخرى تقول توتشي بأن الرؤية الدينية لهذا الحزب أو ذاك لا تلعب دورا كبيرا في قرار الناخب من أصول أجنبية حيث إن " الدين أو المستوى التعليمي أوالوظيفة ليس لها سوى تأثير طفيف على تحديد ميول الناخبين من أصول أجنبية".
وتشير الدراسة أيضا إلى أن ميول المواطنين للألمان من أصول أجنبية في منح أصواتهم أصبح يتغير من جيل لآخر. فحسب بيانات تعود إلى عام 2011 فإن 18 في المائة من أبناء الجيل الثاني من المهاجرين يفضلون التصويت لحزب الخضر بينما يرغب 40 في المائة منهم للتصويت للحزب الديمقراطي الاشتراكي أو الحزب الديمقراطي المسيحي، وبالتالي فلا تختلف نسبهم عن نسب غيرهم من الناخبين.
دياز لا يرغب في الإفصاح عن أسم الحزب الذي يريد التصويت لصالحه في 22 من سبتمبر المقبل. وقد سبق له أن اشتغل مع أحد السياسيين المنتمين للحزب الديمقراطي المسيحي، كما شارك أيضا في جلسات لحزب الخضر وهو يحرص باستمرار على حضور المناقشات السياسية التي تجريها جميع الأحزاب السياسية في العاصمة برلين. ويقول دياز بأنه كان عرضة للتمييز في الكثير من المناقشات السياسية حيث كان يقول له الألمان" أنت أجنبي وليس لك الحق في التحدث"، وهو ما كان يغضبه كثيرا. أما الآن فقد أصبح له حق التأثير في القرار السياسي عبر المشاركة في الإدلاء بصوته لاختيار من يمثله في البوندستاغ.