"الانتخابات الأردنية ستقصي المعارضة والبرامج السياسية"
٨ نوفمبر ٢٠١٠يتوجه ما يزيد على 2.5 مليون أردني يوم الثلاثاء (9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2010) إلى صناديق الاقتراع لانتخاب أعضاء مجلس نوابٍ جديد. ولن يشارك "الإخوان المسلمون"، وهم أبرز قوى المعارضة في هذه الانتخابات التي قرروا مقاطعتها. وتعد هذه سادس انتخابات تعددية منذ عملية التحول الديمقراطي التي بدأت عام 1989. ويشارك فيها 763 مرشحا يتنافسون على 120 مقعدا.
تأتي مقاطعة الأخوان للانتخابات هذا العام على خلفية أزمتهم التقليدية مع الحكومة، والمتمثلة في قانون "الصوت الواحد" المعتمد منذ عام 1993، والذي يرون أن هدفه الحد من حضورهم في مجلس النواب. ويعطي القانون امتيازات لمرشحي العشائر على حساب مرشحي أحزاب وقوى المعارضة.
وبينما يرى بعض المراقبين أن الساحة الأردنية مقبلة على "عهد جديد من العلاقة بين القوى الإسلامية والنظام قد تفتح المجال أمام عناصر أكثر تطرفا"، قال منير عبد الرحمن، المحلل السياسي الأردني المستقل : "لا أعتقد أن تسير الأمور في هذا الاتجاه، رغم تأثير الانتخابات على العلاقة بين الحكومة والحركة الإسلامية ودفعها إلى مزيد من التوتر، إلا أن هناك ملفات أخرى، تجعل كلا الطرفين يبحث عن جوانب مشتركة تبعدهما عن الاحتقان".
برلمان بلا معارضة يعزز مركز ممثلي العشائر
وعما إذا كانت المقاطعة قد تؤدي إلى خمول الحياة السياسية الأردنية خارج قاعات البرلمان وأروقته على مدار السنوات الأربع القادمة، قال: "لا أتصور ذلك، لأنه إلى جانب الجهة التشريعية المتمثلة في البرلمان، هناك حراك سياسي دائم، إضافة إلى وجود أحزاب ونقابات ومؤسسات ونشطاء مجتمع مدني ".
وفي حديث خص به "دويتشه فيله"، وضع عبد الرحمن تصوره لشكل مجلس النواب المقبل بالقول: "ستكون فيه المعارضة غائبة باستثناء بعض الشخصيات، لكنها لن تؤثر على تركيبة البرلمان، مما سيسهل على الحكومة تمرير القوانين والإجراءات التي تراها منسجمة مع خطها السياسي والاقتصادي". وأضاف المحلل أن المقاطعة ستؤدي إلى بروز قوى عشائرية موالية للنظام الملكي، إضافة إلى ما وصفه بـ "غياب البرامج السياسية والاقتصادية".
ضغوط خارجية لإعادة دمج الإسلاميين في الحياة السياسية
وحول تأثير مقاطعة "الإخوان" على عملية الإصلاح، أكد أن غياب القوى الإسلامية وغياب القوى المطالبة بالإصلاح سيضعف بطبيعة الحال من وتيرة هذه العملية،. لكنه أعرب عن اعتقاده بأن القوى الغربية، "سواء على مستوى الدول أو المنظمات، ستنظر للمقاطعة باعتبارها انتقاصا للعملية الانتخابية ". وأوضح "من هنا أتصور أن تكون هناك مطالب دولية بإصلاح القوانين الداخلية لإعادة إدماج الإسلاميين في العملية السياسية، لأن بقاءهم خارج السلطة، قد يؤدي إلى توترات، وهو ما لا ترغب فيه القوى الغربية".
وبما أن هذه ليست المرة الأولى التي يقاطع فيها "إخوان" الأردن الانتخابات البرلمانية، فقد فرضت المقارنة نفسها بين مقاطعتهم عام 1997 ومقاطعتهم هذه المرة، وحول المقارنة بين الحالتين قال عبد الرحمن: "من حيث المبدأ، هناك قاسم مشترك في أسباب المقاطعة يتمثل في قانون الصوت الواحد. أما الفرق فيتمثل في الظرف السياسي. في الماضي اعتقدوا أن هناك إمكانية لتغيير هذا القانون، لذلك قاطعوا الانتخابات، لكنهم بعد ذلك عادوا وشاركوا فيها على أمل تغييره، بيد أن الحكومة لم تستجب أيضا مما دفعهم للمقاطعة الآن للمرة الثانية".
ضغوط متزايدة باتجاه تغيير قانون "الصوت الواحد"
ويرى عبد الرحمن أن المقاطعة ستؤدي هذه المرة إلى زيادة المطالب بتعديل قانون الصوت الواحد، لأن "هناك آخرين من خارج المعارضة يطالبون بتغييره أو بتعديله، ومن بين هولاء شخصيات حكومية".
ويؤكد عبد الرحمن "الأمر الآن في يد مجلس النواب القادم، لأن التعديل مرهون بإرادته وبموقف الحكومة. صحيح أن البرلمان مهادن لكنه لا يستطيع تجاهل القوى الشعبية، ومقاطعة الانتخابات على كافة الأصعدة".
وردا على سؤال حول نفوذ حركة حماس داخل أخوان الأردن، قال "تسربت بعض المعلومات التي تفيد بأن حركة حماس قدمت مشورة ونصيحة للحركة الإسلامية الأردنية بالمشاركة، لكن القرار النهائي بقي في النهاية للأخيرة ولقياداتها التي قررت المقاطعة خلافا لرغبة حركة حماس".
وحول نسبة المشاركة المتوقعة في ظل مقاطعة "الإخوان" وبعض أحزاب اليسار، قال عبد الرحمن بأنه "طبقا للانتخابات السابقة كانت نسبة المشاركة 54 بالمائة على مستوى الدولة ككل". وقياسا على ذلك وعلى ضوء مقاطعة الإسلاميين، توقع المحلل الأردني أن تكون النسبة أقل، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن الحكومة قامت بعملية "تعبئة شعبية غير مسبوقة، الأمر الذي قد يرفع نسبة المشاركة إلى أكثر من 50 بالمائة.
أميرة محمد
مراجعة: ابراهيم محمد