دعوات لتشديد العقوبات على مرتكبي "جرائم الشرف" في الأردن
٨ سبتمبر ٢٠٠٩كثفت منظمات حقوق الإنسان والمنظمات المدافعة عن حقوق المرأة من ضغوطهم على الأردن للتحرك لوضع حدد لجرائم القتل التي ترتكب باسم ما يعرف "جرائم الشرف"، فقد حثت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان في تصريحات خصت بها موقعنا، المملكة الأردنية على وضع قانون صارم للحد من هذه الجرائم. ويشهد الأردن سنويا ما بين 15 و25 جريمة قتل تصنف على أنها "جرائم شرف" حسب دراسة أجراها مركز تطوير المجمع المدني، والتي أشار فيها إلى أن عدد ضحايا هذه الجرائم خلال الربع الأول من العام الجاري وصل إلى 11 حالة.
جدير بالذكر أن آخر ضحايا جرائم الشرف كانت فتاة قاصر تبلغ من العمر 17 عاما عندما فارقت الحياة نهاية الشهر الماضي إثر تعرضها لـ 14 طعنة بالسكين من طرف شقيقها. وأفادت مصادر أمنية أردنية أن الجاني أقدم على فعلته بعد أن سمع بعلاقة غرامية محتملة بين شقيقته وأحد شباب الحي.
القانون الأردني و"جرائم الشرف"
وتُلقي منظمات حقوق الإنسان والجمعيات النسائية باللائمة على قانون العقوبات في استفحال الظاهرة، فالقانون الحالي حسب نادية خليفة، الباحثة في مجال حقوق الإنسان في منظمة هيومن راتس وتش، يخفف من العقوبة على الجاني إذا ما تعلق الأمر بما يسمى "بجرائم الشرف". إذ تنص المادة 340 من قانون العقوبات الأردني على التخفيف من الحكم على من يقتل قريبة له وجدها تمارس الجنس خارج مؤسسة الزواج. كما تستفيد من العذر ذاته الزوجة، لكن إذا فاجأت زوجها يخونها مع امرأة أخرى "في مسكن الزوجية" فقط. كما أن المادة 98 تنص على عقوبات مخففة إذا ارتكب الجاني جريمته وهو في حالة من "الغضب" العارم.
ويقول المحامي الأردني فارس عازر في مقابلة مع موقعنا أن تطبيق هذه المواد يجعل الجاني يفلت من العقاب الحقيقي، والاكتفاء بالسجن لمدة ستة أشهر فقط كأقصى تقدير. كما انتقد المحامي التعديل الأخير لهذه المواد والتي أعطت للزوجة الحق في العذر المخفف في حال قتلت زوجها، وقال إن هذه التعديلات التي أقرت في 2001 شجعت على وقوع المزيد من هذه الجرائم.
"القانون الحالي ... تصديق لقتل النساء"
وكانت منظمة "هيومن رايتس وتش" بعثت برسالة إلى وزارة العدل الأردنية مطالبة بإصلاح أحكام قانون العقوبات المتعلق بالعنف ضد المرأة، وذلك بدلا من إنشاء محاكم خاصة للنظر في قضايا "جرائم الشرف" في وقت أعلنت فيه وزارة العدل في عمان أنها بصدد إنشاء محكمة خاصة للاستماع ومتابعة مثل هذه القضايا.
من ناحيتها علقت الناشطة الحقوقية نادية خليفة على هذا القرار بأن إنشاء مثل هذه المحاكم الخاصة ليس حلا كافيا، خصوصا عندما يستثني قانون العقوبات الحالي إصدار أحكام مشددة بحق مرتكبي "جرائم الشرف"، وقالت "إن النساء في الأردن بحاجة إلى الحماية من هذه الجرائم المنصوص عليها في القانون، وليس معاملة تفضيلية لقاتليهم"، مضيفة أن"القانون الحالي لا يقل عن كونه تصديقا على قتل النساء والفتيات". كما أكدت الحقوقية أن الأردن بحاجة إلى إرسال رسالة قوية لمرتكبي مثل هذه الجرائم مفادها أنهم لم يعودوا قادرين من الإفلات من العقاب. بيد أن مجلس النواب الأردني رفض مرتين تعديل هذه المادة من قانون العقوبات التي تفرض عقوبة مخففة على مرتكبي جرائم الشرف رغم ضغوط تمارسها منظمات تعنى بحقوق الإنسان لتشديدها.
جرائم باسم "الدفاع عن الشرف"
وبحسب دراسة حول جرائم قتل النساء أعدتها مديرية الأمن العام بالأردن بالتعاون مع دائرة الطب الشرعي فإن 97 في المائة ممن يرتكبون هذه الجرائم تربطهم صلة قرابة بالضحية ونصفهم أشقاء و26 في المائة من دوافع تلك الجرائم هي "شكوك أخلاقية".
غير أن المحامي فارس عازر المتخصص في مثل هذه القضايا يقول إن كثير من جرائم القتل في الأردن يدعي الجاني فيها ارتكاب جريمته "دفاعا عن الشرف"، إلا أن التحقيقات تكشف في ما بعد أن الأسباب تعود إلى دوافع أخرى كالخلافات العائلية أو الميرات. و بذلك يفلت الجاني من عقوبة السجن التي قد تصل إلى 15 عاما ليكتفي بعقوبة مخففة لا تزيد عن ستة أشهر. وفي ضوء ذلك طالب المحامي الأردني المشرع برفع مستوى العقوبة لدرجة قصوى حتى لا ترتكب جرائم أخرى باسم هذا البند.
الكاتب: يوسف بوفيجلين
مراجعة: طارق أنكاي