"الاعتكاف" امتحان لتحالف السيسي مع السلفيين
١٩ يوليو ٢٠١٤ضمن خطة وزارة الأوقاف المصرية لمنع استخدام أماكن العبادة للترويج لأفكار وتوجهات سياسية معينة، وضعت الوزارة شروطاً للاعتكاف بالمساجد خلال الأيام الأواخر من شهر رمضان؛ ومنها أن يكون الاعتكاف تحت إشراف إمام من أئمة الأوقاف أو خطيب مصرح له من الأوقاف، وأن يكون المعتكفون من أبناء المنطقة المحيطة بالمسجد، وأن يتقدم الراغبون في الاعتكاف بأسمائهم إلى الإمام المشرف على الاعتكاف قبل بداية الاعتكاف بأسبوع.
ومنذ وقت قريب، أصدرت وزارة الأوقاف قانون ممارسة الخطابة الذي يمنع غير الأزهريين من اعتلاء المنابر، لضبط الخطاب الدعوي، كما أنها تعمل منذ فترة على تأميم كل المساجد وجعلها تابعة للوزارة فقط، حيث أضحت "الجمعية الشرعية" التابعة للأزهر تسيطر على عدد كبير من المساجد و جمعية أنصار السنة المحمدية وكذلك الدعوة السلفية، مما يثير غضب التيار السلفي، الذي يعتبر أن الغرض من هذه المحاولات التضييق على تحركاتهم الدعوية، ولكن هل سيلتزم التيار السلفي بجميع القرارت التي تتخذها وزارة الأوقاف، أم أنه سيضيق ذرعاً؟. ويعرض بالتالي التحالف القائم بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والتيار السلفي منذ الإطاحة بحكم الرئيس الإخواني محمد محمد مرسي، لامتحان عسير.
إخضاع السلفيين لمعايير"الأوقاف"
كشفت مصادر مطلعة بوزارة الأوقاف، أن وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة اجتمع مؤخراً مع قيادات حزب النور والدعوة السلفية، بعد مناشدتها لرئيس الوزراء إبراهيم محلب وتواصلها معه لحل الأزمة. وذلك على اعتبار أن "الدعوة السلفية" لا تعارض الدولة.
وقال المصدر الذي رفض ذكر اسمه لـDWعربية أن الوزير وافق مبدئياً على السماح لشيوخ السلفية الحاصلين على شهادات أزهرية باعتلاء المنابر، بشرط خضوعهم للاختبارات والمقابلة التي ستجريها الأوقاف معهم. وبعدها سيتم منحهم تصاريح بالخطابة لمدة 3 أشهر قابلة للتجديد، بشرط ألا يكون قيادياً في حزب النور. مشيرا إلى أنه بالفعل تم إعطاء 10 تصاريح خلال الأسبوع الماضي لقيادات في الدعوة السلفية منهم؛ الدكتور ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية.
ومن جانبه، قال الشيخ جابر طايع وكيل وزارة الأوقاف لـDW "نحن نعطي تصاريح لكل من تنطبق عليهم الشروط الموجودة في القانون، من الممكن أن يكون من تنطبق عليهم الشروط سلفي". وتابع" من يخالف القانون نتخذ ضده الإجراءات القانونية، لكن من حصل منهم على التصاريح لا يخالفون وملتزمون بالقانون".
وأوضح الشيخ جابر أن قيادات الدعوة السلفية أكدوا موافقتهم على كافة بنود ميثاق الشرف للدعوة الملزم، وعلى ضوابط استخراج تصاريح الخطابة، التي أعلنها وزير الأوقاف بداية هذه الشهر. ورحبوا بالاختبارات التي ستجريها الوزارة لقيادات الدعوة من أجل الحصول على تصاريح بالخطابة بالمساجد. وحول أزمة الاعتكاف في رمضان قال "هناك 261 مسجد في القاهرة سيعقد فيها الاعتكاف و275 ساحة لصلاة العيد، مشيراً إلى أن مفتشي الوزارة هم من يبلغوا قيادات الوزارة بالمساجد التي سيكون فيها الاعتكاف".
مزيد من الاستقطاب؟
وقال الدكتور شعبان عبد العليم عضو المجلس الرئاسي لحزب النور"قرارات وزارة الأوقاف الأخيرة ليست حلاً للمشكلات لأن القيود يمكن أن تؤدي للمزيد من الاستقطاب والاحتقان، وشعور الناس بأن القصد منها هو تكميم الأفواه". وأضاف لـDWعربية يجب أن تكون هناك "حلول مبدعة وليس حلولا مانعة وكذلك ميثاق شرف للخطباء".
فيما قال جلال مرة الأمين العام لحزب النور لـDWعربية : "نحن كحزب سياسي جزء من منظومة الدولة لأن الدولة بالتأكيد تسعى للصالح العام ولمواجهة الفكر التكفيري والفكر المتطرف". وتابع"اعتراضنا على القانون من خلال الطرق الشرعية، وحل هذا الأمر والحصول على التراخيص يسير بشكل جيد".
ويعتبر حزب النور الحزب الإسلامي الوحيد في ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، وكان حليفا للسيسي في مواجهته للإخوان المسلمين، سواء في مرحلة الاطاحة بالرئيس الإخواني مرسي وصولا إلى الانتخابات الرئاسية التي أيد فيها حزب النور ترشيح السيسي.
التمييز بين السلفيين والجماعات الأخرى
وفي نظرة تحليلية للموضوع، يرى علي بكر، متخصص في الحركات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن هناك توجهات لدى وزارة الأوقاف ضد نشر أفكار غير وسطية، والتي تتصادم مع رغبة الدعوة السلفية في ممارسة دعوتها. بالاعتماد على المساجد من خلال خطب الجمعة والمواعظ.
ويشكل هذا الموضوع محور تجاذب مستمر بين الدولة والتيار السلفي، وداخل التيار السلفي نفسه. ويؤكد بكر أن أي صراع سينشب بين الطرفين، ستنتصر فيه وزارة الأوقاف، والسبب في ذلك رغبة التيار السلفي في الحصول على مكاسب أهمها وجود هامش من الحرية للدعوة في المساجد، وإلقاء الدروس الدينية، بالاعتماد على أعضائهم المعينين في الأزهر. كل ذلك دون الاصطدام بالدولة، حسب بكر.
ويندهش بكر في حديثه مع DWعربية من التضييق على السلفيين بدلاً من مكافئتهم لوقوفهم بجانب الدولة ضد حلفائهم الأخوان المسلمين، والمشاركة في جميع الاستحقاقات بعد 30 يونيو. مبرزا قوله:"لا يجب المساواة بينهم وبين الجماعات الإسلامية الأخرى التي تعادي الدولة، لذلك لابد من توسيع هامش الحرية للسلفية في ممارسة الدعوة".