الإنترنت مرآة النزاعات الداخلية في تونس
١٨ أبريل ٢٠١٣يتم في غالب الأحيان النظر إلى مواقع إلكترونية مثل فيسبوك وتويتر وغيرهما من مواقع التواصل الاجتماعي كعامل مهم في سقوط الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي عام 2011. ووصفت بعض وسائل الإعلام الثورة في البلاد بأنها "ثورة المواقع الاجتماعية". تعقيبا على ذلك يقول البروفسور ريتشارد هيكس من جامعة مانشستر البريطانية في حديث معDW: "لا يزال هناك تصور مشوّه حول دور تكنولوجيا الإعلام والاتصال في الربيع العربي".
"فيسبوك لم يتسبب بالثورة"
درست أنيتا بروير من المعهد الألماني للمساعدات التنموية/DIE تأثير المواقع الاجتماعية على الانتفاضةالتونسية بالتفصيل. تقول بروير: "لم يتسبب فيس بوك في الثورة. إلا أنه ساهم في دفع الناس إلى الخروج إلى الشارع".
رغم أن خروج الناس إلى الشارع كان ضروريا لنجاح الثورة، إلا أن المواقع الاجتماعية لم تثر الحركة الاحتجاجية. إن استياء الشعب من البطالة والفساد والفقر في البلاد كان وراء الاحتجاجات. إلا أن الشبكات الإلكترونية والهواتف النقالة عجلت الحركة الاحتجاجية وأدت إلى تقويتها. وبسبب مراقبة وسائل الإعلام من قبل الحكومة، كانت شبكة الإنترنت أحد المصادر الإعلامية القليلة في أيدي منتقدي النظام إذ شكلت نوعا من لسان حال المعارضين.
علاوة على ذلك ساهمت المواقع الاجتماعية في توحيد مختلف فئات المجتمع التونسي، إذ اتحد منتقدو النظام من المثقفين داخل البلاد وخارجها مع الطبقة الوسطى وفئات الشعب الأكثر فقرا.
غير أن الاحتجاجات في تونس لم تكتسب أبعادها الكبيرة إلا بسبب وجود منظمات مدنية لا نجدها في دول أخرى ذات أنظمة مستبدة بشكل كلي، كما قالت أنيتا بروير في حديث معDW. ويشاركها ريتشارد هيكس في رأيها هذا إذ يقول: "يمكن أن تدفع مواقع اجتماعية حركة ديمقراطية إلى الأمام. إلا أنه لا يمكن بدون أساس مدني نشوء حركة ديمقراطية يمكن تعجيلها بعد ذلك".
ديمقراطية هشة
"لا يشك أحد في تأثير المواقع الاجتماعية إلى حد كبير على عملية تعبئة الناس وتعجيل حركتهم الاحتجاجية"، تقول أنيتا بروير، مشيرة إلى أنه يبقى السؤال عن مدى هذا التأثير على عملية توطيد الديمقراطية في تونس.
رغم أن الحكومة الانتقالية تراجعت بعد هرب بن علي عن مراقبة وسائل الإعلام، إلا أنها ألغت بعد ذلك بفترة قصيرة مواقع إلكترونية معينة. علاوة على ذلك تتم محاكمة صحفيين ومعارضين بتهمة إهانة الإسلام في حالات كثيرة، وحدث ذلك رغم أن القانون ينص على حرية الرأي والصحافة.
تنقسم تونس بعد مرور سنتين على إسقاط بن علي إلى مجموعات دينية وعلمانية، كما تقول أنيتا بروير. وتضيف بأن ذلك ينعكس على الإنترنت أيضا، إذ لا تستخدم مجموعات ديمقراطية فقط المواقع الاجتماعية مثل فيسبوك وتويتر، وإنما مجموعات متشددة أيضا. وتنظم مجموعات سلفية مثلا بالاعتماد على استخدام المواقع الاجتماعية احتجاجات عنيفة على قوى ليبرالية.
الجانب السلبي للمواقع الاجتماعية
يؤكد ريتشارد هيكس أيضا أنه يمكن استخدام المواقع الاجتماعية كوسيلة لقمع الشعب، مشيرا إلى أن زعماء جميع الدول أدركوا معنى المواقع الاجتماعية كوسيلة لتعجيل الحركات الاحتجاجية. وفي ضوء ذلك يقول هيكس: " تراقب حكومات وبشكل متزايد تكنولوجيا الإعلام والاتصال المحلية". ولا تلغي هذه الحكومات مواقع معينة فقط، بل تقوم أيضا منذ سنوات على إساءة استخدام المواقع الاجتماعية كوسيلة للمراقبة والقمع السياسي.