الأكراد وأنقرة – تصعيد وسط مخاوف من نزوح جماعي
١٦ أغسطس ٢٠١٦بدأت السلطات التركية بعد المحاولة الانقلابية إخراج أوراق الأحكام القضائية والعقوبات في وجه خصومها داخل البلاد. ومؤخراً طالب المدعي العام في اسطنبول بسجن صلاح الدين دمرداش (43 عاماً) لمدة خمس سنوات، دمرداش المحامي السابق في قضايا حقوق الإنسان يتولى منصب رئيس حزب الشعوب الديمقراطي. ووجهت له السلطات التركية تهمة القيام بـ"الدعاية للإرهاب"، وبقربه من زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون عبد الله أوجلان، الحزب الذي صنفته تركيا والولايات المتحدة الأمريكية بالـ "منظمة الإرهابية".
السلطات التركية ترفع وتيرة استهداف الأكراد
وأمام هذه التطورات عبّر علي توبراك، ممثل الجالية الكردية في ألمانيا عن قلقه إزاء تعامل السلطات التركية مع الأكراد في تركيا. ويرى توبراك في مقابلة مع DW أن "الصراع بين قوات الأمن التركية وحزب العمال الكردستاني تفاقم في الوقت الحالي". مضيفاً أن "حزب العمال الكردستاني هدد بالقيام بهجمات جديدة في حال لم يتم الإفراج عن عبد الله أوجلان". وبالنسبة لعلي توبراك فهذا التصعيد الجديد ستكون له أيضا عواقب على ألمانيا. "في حال لم يهدأ الوضع في المستقبل القريب وفي حال نشوب حرب أهلية، يمكن أن تحدث هجرة جماعية من تركيا إلى أوروبا".
وبعد الانقلاب العسكري الفاشل بقيت المناطق الكردية في البداية بعيدة عن واجهة الأحداث. غير أنه سرعان ما عاد إلى الواجهة الصراع التركي - الكردي الذي أودى بحياة أكثر من 40 ألف شخص منذ اندلاعه قبل أكثر من ثلاثين عاماً. فلا حزب العمال الكردستاني ولا أنقرة يبديان استعدادهما للمصالحة بعد إلغاء اتفاقية وقف إطلاق النار العام الماضي. وحسب علي توبراك فالأكراد يعيشون في حالة طوارئ منذ النتائج الجيدة والمفاجئة التي حققها حزب الشعوب الديمقراطي الكردي في الانتخابات البرلمانية التركية العام الماضي.
مئات الأكراد ينزحون عن مدنهم
ويصف توبراك الأوضاع في شرق تركيا بـ" الكارثية". ويوضح ممثل الجالية الكردية في ألمانيا الأمر قائلاً: "هُدمت المدن والأراضي بشكل كامل، والآن هناك 500 ألف نازح كردي داخل التراب التركي". وتؤدي عملية "التطهير" التي تقوم بها الحكومة التركية بعد الانقلاب الفاشل إلى زيادة تفاقم الوضع. "أشرنا منذ أشهر إلى أن تركيا سوف تخلق أسبابا جديدة للجوء. ولم يكن أحد يريد وقتها أن يسمعنا. والآن فالأكراد ليسوا وحدهم من جمعواحقائبهم للرحيل، بل الكثير من المعارضين والديمقراطيين أيضاً"، يضيف توبراك.
حتى الآن لا يمكن الحديث عن تدفق كبير للاجئين، كما يخشى توبراك. فحتى أوائل شهر أغسطس/ آب الجاري وصل عدد طلبات اللجوء من تركيا إلى نفس عدد العام الماضي. وإلى حدود نهاية شهر يوليو/ تموز تراوح عدد طالبي اللجوء الأتراك في ألمانيا ما بين 308 و352 شخصاً، معظمهم من المناطق الكردية. وبعد محاولة الانقلاب في شهر يونيو/ تموز ووصل عددهم إلى 275 شخصاً، وفق إحصائيات المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين. ولم يقدم المكتب أي توقعات حول كيف سيتطور الرقم في المستقبل.
وتتواصل مشاعر القلق داخل المجتمع الكردي في تركيا. فالأمر بالنسبة لعلي توبراك "لا يقتصر على 500 ألف كردي نزحوا حتى الآن إلى الحدود مع بلغاريا، وبضع المئات الذين دخلوا إلى ألمانيا عبر بلغاريا". ويعتبر توبراك هذه الأعداد "مجرد طليعة أولى للنازحين".
فطلب النيابة العامة التركية سجن السياسي الكردي صلاح الدين دمرداش لم يكن مفاجئاً. ففي شهر مايو/ أيار الماضي قررت الحكومة التركية نزع الحصانة عن أكثر من ثلث أعضاء البرلمان، واستهدف هذا الإجراء بدرجة أكبر حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد، الذي يعد ثاني أكبر حزب معارض بتركيا.