الآمال تتجدد بتحقيق السلام في الشرق الأوسط
شرم الشيخ - أعلن كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون اليوم الثلاثاء وقف العنف من الجانبين بعد أكثر من أربع سنوات من الانتفاضة الفلسطينية. وقال عباس في كلمته أمام قمة شرم الشيخ: "اتفقنا مع رئيس الوزراء ارييل شارون على وقف كافة أعمال العنف ضد الفلسطينيين والإسرائيليين أينما كانوا. إن الهدوء الذي سيسود أراضينا بداية من اليوم هو بداية لحقبة جديدة، بداية للسلام والأمل." ثم أكد شارون هذا المعنى في كلمته التي ألقاها بعد الزعيم الفلسطيني بقوله : "اتفقنا اليوم في الاجتماع مع الرئيس عباس على أن يوقف الفلسطينيون كافة أعمال العنف ضد الإسرائيليين أينما كانوا، وأن توقف إسرائيل من جانبها نشاطها العسكري ضد الفلسطينيين أينما كانوا. لأول مرة منذ وقت طويل تظهر بوادر الأمل في منطقتنا بمستقبل أفضل لنا ولأحفادنا. يجب أن نمضي في هذا الطريق ولكن بحذر." وأكد شارون إن السلام لا يمكن أن يتحقق إلا إذا "تم القضاء كاملا على العنف والإرهاب."
وكانت أعمال قمة شرم الشيخ الرباعية قد انطلقت بعد ظهر اليوم في وسط أجواء من التفاؤل بوقف دوامة العنف في الشرق الأوسط. ويشارك في القمة اضافة الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) ورئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون الرئيس المصري حسني مبارك والعاهل الأردني الملك عبد الله. وكان الوفدان الفلسطيني والإسرائيلي قد وصلا ظهر اليوم إلى منتجع شرم الشيخ وباشرا بعقد لقاءات ثنائية مع الرئيس مبارك والملك الاردني. ووفقا لمصادر فلسطينية فإن الوفد الفلسطيني يتكون من رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع ووزير الشؤون الخارجية نبيل شعث ووزير شؤون المفاوضات صائب عريقات وعضو لجنة المفاوضات العليا محمد دحلان ومستشار الأمن القومي جبريل رجوب والناطق الرسمي بإسم السلطة الفلسطينية نبيل أبر ردينة والسفير الفلسطيني في القاهرة زهدي القدرة.
ترحيب ألماني وأوروبي واسع بنتائج القمة
رغم أن الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لم يوقعا رسميا اتفاق سلام في القمة، فان البيانات والتصريحات الصادرة عن جميع الأطراف اعتبرت بمثابة خطوة مهمة للعودة إلى طاولة المفاوضات وتنفيذ خارطة الطريق. فقد اعتبر المستشار الألماني غيرهارد شرودر اتفاق وقف إطلاق النار بين الفلسطينيين والإسرائيليين بأنه "خطوة في طريق العودة إلى خارطة الطريق وتحقيق السلام لشعبين مستقلين يعيشان جنبا إلى جنب ضمن حدود آمنة." واضاف شرود قائلا: "الرئيس الفلسطيني تحدث عن فرصة تاريخية سانحة الآن لتحقيق السلام، وأنا أشاركه الرأي تماما." وأعرب مسؤولون في الاتحاد الأوروبي عن أملهم الكبير في أن تعطي قرارات قمة شرم الشيخ دفعة لعجلة المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل. إلى ذلك طالبت وزيرة الخارجية النمساوية السابقة ومفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي بيتينا فيريرو ـ فالدنر باغتنام الفرص المتوفرة وتقديم جميع سبل الدعم اللازمة للطرفين المتفاوضين. واعتبرت المسؤولة في مقالة نشرتها في يومية "زود دويتشه" الألمانية أن قمة شرم الشيخ هي تحول مهم على طريق الرجوع إلى طاولة المفاوضات وتفعيل عملية السلام في الشرق الأوسط. وقالت فيريرو ـ فالدنر إن آخر استطلاعات الرأي التي أعربت فيها غالبية الفلسطينيين والإسرائيليين عن تأييدها لحل سلمي للصراع في المنطقة هي أكبر مثال على ضرورة عقد الآمال على إنهاء العنف في الشرق الأوسط.
من جانبها أكدت الولايات المتحدة التزامها الجديد بمساعي السلام بعد وفاة الزعيم ياسر عرفات الذي كانت تراه واشنطن واسرائيل عقبة. وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس للتلفزيون الإيطالي في روما خلال توقفها بعد زيارة للمنطقة: "للتفاؤل ما يبرره في هذه اللحظة فيما يتعلق بالشرق الاوسط، نعلم أنه لا يزال أمامنا طريق طويل، لكن يتعين القول انه في اجتماعاتي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون والرئيس عباس رأيت أن هذين الزعيمين أدركا أن الوقت قد حان للمضي قدما."
إعادة السفيرين الأردني والمصري إلى إسرائيل
خيبة أمل من قبل حماس
تعزيزا للشعور بالتفاؤل الذي أعقب القمة أعلنت القاهرة أن مصر والأردن سيعيدان سفيريهما إلى الدولة العبرية لأول مرة منذ سحبهما عند بدء الانتفاضة عام 2000 اثر انهيار محادثات السلام. لكن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وهي من الفصائل الرئيسية التي تشن هجمات على إسرائيل قالت أنها شعرت بخيبة الأمل من القمة. وقال مشير المصري المتحدث باسم الحركة في غزة ان الموقف الإسرائيلي لم يتغير رغم مبادرات حسن النية من الجانب الفلسطيني. وكانت حماس وبعض الفصائل الأخرى قد أوقفت أعمال العنف منذ بضعة أسابيع بطلب من عباس كي تساعده على بدء التفاوض على قيام دولة فلسطينية لكنها حددت شروطا لتطبيق هدنة رسمية استبعدتها إسرائيل مسبقا. وتشمل هذه الشروط انسحاب إسرائيل الكامل من الضفة وغزة والقدس الشرقية ومنح حق العودة للاجئين. لكن اسرئيل سارعت إلى رفض هذه الشروط.
مظاهرات واحتجاجات في مصر
رافقت أعمال القمة في شرم الشيخ مظاهرات واحتجاجات ضد زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون إلى مصر. ففي الإسكندرية خرج أكثر من 3 آلاف طالب إلى شوارع المدينة وطالبوا بمغادرة شارون الأراضي المصرية. كما شهدت منطقة الزقازيق مظاهرات مشابهة. وطالبت اللجان الطلابية المصرية في المظاهرات النيابة المصرية العامة باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بتهمة التورط في جرائم حرب. يذكر أن شارون متهم بالمشاركة في مجزرة صبرا وشاتيلا التي تعرض لها المخيمان الفلسطينيان في حرب عام 1982 في لبنان.