اكتشاف ألماني يحسن حالة مرضى الشلل الرُعاشي
يعتبر مرض الشلل الرُعاشي (باركينسون) من أكثر الأمراض العصبية الشائعة، إذ أن عدد المصابين بهذا المرض يبلغ 2 مليون شخص في جميع أنحاء العالم. ويُرجع الأطباء أسباب هذا المرض إلى خلل في منطقة دقيقة في المخ تسمى"المادة السوداء". ويقع على عاتق هذه المادة تنسيق حركات الجسد. وفي أجسام المصابين بالمرض يؤدي تلف الخلايا العصبية في هذه المنطقة إلى فقدان المريض القدرة على تحريك جسده وصعوبة القيام بالحركات وارتعاش اليدين والرجلين. والآن اكتشفت مجموعة من الأطباء تعمل في جامعة كيل الألمانية علاجا جراحيا يستطيع تحسين أداء حركات المصابين بالمرض. ولم يتأخر الأطباء في تقديم نتائج بحوثهم وقاموا بعرض هذه النتائج في المؤتمر الدولي لمرض الشلل الرُعاشي الذي نظم في العاصمة الألمانية برلين.
عوارض المرض
ويقول ألأطباء إنهم قاموا في مايو/أيار في عام 2004 بتركيب جهاز دقيق لمريضة تعتبر العملية الجراحية بالنسبة لها آخر أمل للشفاء من المرض. ووصفت المريضة آنذاك حالتها قبل تلقي العلاج بالقول إنها لم تتوقف عن تناول الأدوية في العشرين سنة الماضية، وإنه كان عليها تناول أدوية جديدة كل سنتين. وأضافت المريضة أن حالتها ازدادت دائما سوءا عندما رجعت إلى البيت ولم تستطع النوم ليلا لأنها لم تستطع التحكم بحركة جسدها. وعندما ازدادت حالتها سوءا، نصحها الأطباء بإجراء عملية جراحية.
تشخيص المرض
وأثناء العملية يربط الأطباء دماغ المريض بإلكترود، إذ أن الدماغ هي مصدر هذا المرض. ويقول الأطباء إن المرضى يعانون من موت الخلايا العصبية في وسط الدماغ، الأمر الذي يؤدي إلى الارتجاج والشلل وظواهر أخرى. بعد ذلك تحاكي ذبذبات الإلكترود المنطقة المصابة وتكبت بذلك عوارض المرض. وبعد أكثر من سنة سئلت المريضة عن حالتها. وأجابت أنها جيدة جدا وأن حياتها تغيرت تغييرا جذريا بعد إجراء العملية. وأضافت أن باستطاعتها الآن القيام بنشاطات مختلفة والتبضع وزيارة الأصحاب والسفر. من جانبه يقول الدكتور غرنتر دويشل من جامعة كيل إن السيدة لم تكن المريضة الوحيدة التي استفادت من الاكتشاف العلمي، مضيفا أنه راقب حالة المرضى قبل وبعد إجراء العملية وذلك من أجل معرفة التغيرات التي تطرأ على حياة المريض بعد إجراء العملية. وعلّق الطبيب بالقول إن المراقبة تهدف إلى معرفة ما إذا استطاع المريض العمل بعد العملية أو ممارسة نشاطاته المعتادة أم أنه يبقى جالسا في البيت خوفا من ظهور عوارض المرض. تجدر الإشارة إلى أن 156 مريضا شاركوا في الدراسة وأن قسم منهم أجريت له العملية فورا، فيما يجب على القسم الثاني انتظار ستة أشهر.
نتائج إيجابية
وبعد العملية قال الطبيب دويشل إن العملية أجريت لمرضى يتناولون الأدوية، الأمر الذي يعتبره الطبيب شيئا إيجابيا، إذ أنه بهذه الطريقة يمكن اكتشاف الفروقات بين تأثير العلاج بالأدوية والعملية الجراحية. واعتبر الأطباء النتائج التي توصلوا لها بانها إيجابية، إذ أن النتائج ظهرت فورا في معظم الحالات. في هذا السياق يقول الطبيب إن العملية الجراحية تكبت المرض لمدة 15 إلى 20 سنة. وهذا يعني أن المرضى يستطيعون بعد العملية المشي وتتوقف أيديهم وأرجلهم جزئيا عن الارتعاش، في حين لا تتحسن حالة مرضى الشلل الرعاشي الذين يتناولون الأدوية، أو أن حالتهم تزداد سوءا في بعض الأحيان. ويؤكد الطبيب دويشل أن كثير من المرضى سيستخدمون في المستقبل هذه الوسيلة العلاجية، قائلا إن 10 إلى 15 بالمائة من المرضى تتحسن حالتهم بعد تلقي العلاج الجراحي وإن فريقه يعالج فقط المرضى الذين يستطيعون الاستفادة من هذه الطريقة العلاجية. ولكن هذه الطريقة لا تقضي على المرض كليا، ولكنها بالمقابل تضع حدا لمعاناتهم. علاوة على ذلك يتم معالجة مرضى في أعمار محددة. ووفقا للفريق الطبي فإنه عالج لغاية الآن مرضى مسنين، وذلك لأن هؤلاء لا تتحسن حالتهم الصحية من خلال تناول الأدوية. ويضيف الفريق الطبي أنه ينقل العلاج تدريجيا إلى مرضى أعمارهم أقل من أجل فتح المجال أمامهم لممارسة حياتهم المهنية. ويختم الطبيب بالقول إنه سيتم الآن إجراء البحوث من أجل معرفة تأثير هذا العلاج على الأجيال الشابة التي تعاني من المرض.