افتتاح مهرجان برلين السينمائي اليوم وسط حضور قوي للافلام السياسية
٩ فبراير ٢٠٠٦تحتضن العاصمة الألمانية كل عام نحو 150 ألف محب للسينما لحضور فعاليات مهرجان برلين السينمائي الدولي، من بينهم 16 ألف من العاملين في المجال السينمائي والصحفيين من ثمانين دولة مختلفة. ومهرجان برلين الدولي، المسمى "برليناله" يعد واحداً من أهم ثلاثة مهرجانات سينمائية في العالم بجانب مهرجاني كان وفينيسيا. بدأ مهرجان برلين في 6 يونيو/ حزيران عام 1951، وكان فيلم الافتتاح هو فيلم "ريبيكا" للمخرج العبقري هيتشكوك، واستقبلت بطلته النجمة المتألقة جوان فونتين استقبالاً حافلاً، لتكون واحدة من أوائل من ساروا على البساط الأحمر. آنذاك أرادت ألمانيا، بعد ستة أعوام من انتهاء الحرب العالمية الثانية، اللحاق بالركب الثقافي العالمي عن طريق هذا المهرجان، وإعادة أهمية برلين الثقافية. المدينة التي كانت في العشرينيات إحدى مراكز الفن والثقافية العالمية. منذ ذلك الحين، تطور المهرجان سريعاً ليصبح واحداً من أهم المهرجانات السينمائية العالمية. كما شهدت السينما الألمانية إقبالاً جماهيرياً غير مسبوق. يذكر أنه تعرض خلال البرليناله في كل عام نحو 380 فيلماً أوروبياً وعالمياً، ما بين أفلام داخل المسابقة الرسمية وفي الأنشطة الموازية المختلفة.
تنافس قوي بين الشرق والغرب
تستقبل برلين العديد من النجوم العالميين في دورتها السادسة والخمسين لمهرجان برلين السينمائي الدولي، وتسود أفلام هذا العام الطابع السياسي والواقعي. من جانبه علق مدير المهرجان ديتر كوسليك عن هذا الأمر قائلاً: "التركيز انصب على المشاكل الحقيقية للناس أكثر من الخيال". ويفتتح المهرجان بعرض الفيلم الرومانسي "كعكة الجليد" للنجمة الأميركية سينجوري ويفر والممثل البريطاني آلان ريكمان. ويتنافس 19 فيلماً على الدبين الذهبي والفضي، من بينها "نشوة السلطة" للمخرج الفرنسي كلود شابرول، وهو الفيلم الفرنسي الوحيد المشارك في المسابقة ويتناول فضيحة شركة الف الشهيرة. كما يتناول الفيلم السياسي "الطريق إلى غوانتانامو" للبريطاني مايكل وينتربوتوم القصة الحقيقية لثلاثة مسلمين بريطانيين احتجزوا لمدة عامين في القاعدة الأمريكية، ويمزج الفيلم الأحداث الخيالية بالوقائع الموثقة والتحقيقات الصحافية. أما ألمانيا، فقد قدمت عدد الأفلام الأكبر هذا العام، حيث شاركت بأربعة أفلام في المسابقة، على رأسها فيلم "الخصائص الأساسية" لأوسكار رولير، وهو مقتبس عن رواية للكاتب الفرنسي ميشال ويلبيك. كما يشارك الفيلم الأميركي "Find me Guilty" من إخراج سيدني لوميت البالغ من العمر 81 عاماً.
ولكن الأفلام القادمة من الشرق ليست أقل حضوراً هذا العام، فللمرة الأولى منذ 30 عاماً تشارك السينما الإيرانية في المسابقة الرسمية، بفيلمان يقدمان رؤية قاسية لحقوق الإنسان في الجمهورية الإسلامية. يصور "زمستان" لرافي بيتس ظروف الحياة القاسية في ضواحي طهران، في حين يتناول "اوفسايد" لجعفر بناهي جهود شابة صغيرة تتحايل على التقاليد لحضور مباراة كرة قدمومن آسيا تشارك تايلاند للمرة الأولى بفيلم "الأمواج الخفية" لبن ايك راتانا روانج، كما تعرض الصين أغلى فيلم في تاريخها وهو "وحي أسطورة فرسان الريح" لشين كيج مخرج "وداعاً خليلتي". !! وتمثل هذه الأفلام فرصة للعالم الغربي للتعرف على الحياة اليومية في مثل هذه البلدان التي يسمع عنها كثيراً ولكن لا يعرف كيف يعيش سكانه في حياتهم اليومية.
البرليناله: ملتقى نجوم الأمس بنجوم الغد
يجمع المهرجان بين نجوم مثل جورج كلوني وميرل ستريب، وبين أفلام الشباب والمجددين. فكما يهتم المهرجان بتكريم النجوم الكبار وصناع السينما الكلاسيكية، بالإضافة إلى أفلام الشباب.وسيقدم المهرجان هذا العام دبين ذهبيين تكريميين، أحدهما للممثل البريطاني بان ماكيلين بطل ثلاثية "سيد الخواتم" والآخر للمخرج البولندي أندريه فايدا مخرج "دونتون". أما قسم البانوراما فيهتم صناع السينما المشهورين تماماً كما يهتم بأفلام المبتدئين والاكتشافات السينمائية الجديدة. ويتم اختيار الأفلام ذات الطابع الفني أكثر من الطابع التجاري. يختار قسم البانوراما جميع أنواع الأفلام، الروائية الطويلة والأفلام القصيرة والسينما الوثائقية. وإضافة إلى الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية وفي قسم بانوراما الموازي، يقدم المهرجان تظاهرة استعادية، حيث يعاد اكتشاف كلاسيكيات السينما، وتحمل هذا العام عنوان "فتيات أحلام" للتذكير بكبار نجمات الشاشة الفضية في الخمسينات مثل اليزابيث تيلور وجريس كيلي ومارلين مونرو وبريجيت باردو، وأفلام في بانوراما السينما، كما تهتم بقسم أفلام للأطفال، هذا إلى جانب القسم المخصص للسينما الألمانية تحت اسم "منظور على السينما الألمانية". يذكر أن تكريم الفنانين الذين أثروا السينما الكلاسيكية يعد من أهم جوانب المهرجان. لكن المهرجان يهتم أيضاً بالتعرف على الأفلام من الثقافات المختلفة والأفلام التجريبية، كما يهتم بالشباب الجدد العاملين في السينما، ويشجعهم عبر ملتقى المواهب الشابة والذي يجمع نحو خمسمائة مخرج مبتدئ من كل أنحاء العالم.
فيلم واحد يمثل العالم العربي
أما المشاركة العربية فهي ضعيفة كالعادة، تمثلت في فيلم مصري واحد اختارته إدارة المهرجان ليمثل مصر في قسم البانوراما وهو فيلم "عمارة يعقوبيان" ليمثل مصر في قسم البانوراما. وهو بذلك يعتبر أول فيلم مصري يشارك في هذا المهرجان منذ مشاركة فيلم "اسكندرية ليه" للمخرج يوسف شاهين في عام 1979. "عمارة يعقوبيان" فيلم ذو إنتاج ضخم، تعدى 22 مليون جنيه مصري (أي نحو 4 ملايين دولار)، واستغرق تصويره 500 يوم. يجمع الفيلم بين كوكبة كبيرة من النجوم من بينهم عادل إمام ونور الشريف ويسرا وهند صبري وسمية الخشاب وإسعاد يونس وأحمد بدير، وهو عن قصة علاء الأسواني وسيناريو وحوار وحيد حامد، أما الإخراج فقد قام به المخرج الشاب مروان وحيد حامد، في أول فيلم طويل من إخراجه. لكن مروان سبق وشارك بفيلم روائي قصير في مهرجان برلين وهو فيلم "لي لي" الذي فاز بإحدى جوائز المهرجان.عن الرواية المأخوذ عنها الفيلم، فقد أثارت جدلاً كبيراً في الشارع المصري. وتحكي الرواية عن المتغيرات الاجتماعية في مصر بعد الثورة، من خلال شخصيات مختلفة يقطنون في عمارة يعقوبيان بوسط المدينة بالقاهرة. ويتنافس الفيلم مع 22 فيلماً آخرين في قسم البانوراما في المهرجان، والذي يكون الحكم فيه للجمهور، ويتضمن أربعة جوائز، من بينها جائزة أفضل مخرج.