اعتداءات جنسية في لايبزيغ تحرج مدافعين عن اللاجئين
٢٤ أكتوبر ٢٠١٦كونى أيلاند" هو مركز للشباب اليساري، يقع بعيدا في أحد الشوارع بين نهر صغير وطريق سريع للسيارات، على أطراف ضاحية "كونيفيتس" بمدنية لايبزيغ بشرق ألمانيا. القائمون على هذا المركز لديهم قناعات سجلوها على جدران المركز الداخلية والخارجية على حد سواء، يعبرون من خلالها عن انفتاح المركز على الجميع. هنا عُلِّقت أعداد كبيرة من اليافطات والملصقات، التي ترحب باللاجئين، وترفض وجود أصحاب النزعة العنصرية.
والآن وجد هذا المركز اليساري، بالذات، نفسه مضطرا لإصدار بيان صحفي، يسير من خلاله في ممر ضيق جدا، بين أولئك الذين كانوا يصفقون ترحيبا باللاجئين في صيف عام 2015، وبين الحشد الغاضب، المعادي للأجانب من أتباع حركة "وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب"، المعروفة اختصارا باسم "بيغيدا".
وجاء في البيان أن القائمين على مركز شباب "كونى أيلاند" يشعرون، كمجموعة يسارية من الدرجة الأولى، بارتباط مع اللاجئين، ولهذا السبب فتحوا المركز وجزءً من أنشطته أمام اللاجئين، ومن بينها مثلا الحفلات، وسمحوا لهم بدخولها مقابل سعر رمزي هو "خمسون سنتا". لكن سعر الدخول الرمزي، لم يسمح بدخول الناس أصحاب النوايا الطيبة فقط، حسب ما جاء في البيان. في العام الماضي، وبشكل متزايد "وقعت معاكسات جنسية واعتداءات جسدية، في كونى أيلاند وفي أندية أخرى، وكان من نتائجها أيضا تجنب الرواد من السيدات القيام بزيارات (للمركز)"، وفق البيان.
مشكلة كبيرة، خصوصا بالنسبة لجهة تقف منذ منتصف تسعينات القرن الماضي ضد أي تمييز من أي نوع، وتدافع عن مبادئ واضحة، وكتب مركز الشباب اليساري في بيانه الصحفي: "أن أي تصرف جنسي، أو معاد للمثليين، أو ينم عن العنصرية أو معاداة السامية لن يتم قبوله، ولن يقبل تبريره بمبررات الأصل أو التنشئة الاجتماعية ."
كيس "مرحبا باللاجئين" لن يحل كل المشاكل
وفسر مركز كونى أيلاند سلوك الرجال (اللاجئين) بأمور منها "التنشئة الاجتماعية المتأثرة بشدة بالسلطوية والأبوية في بعض البلدان الأصلية (للمهاجرين)، بمقابل حرية الاحتفال في الثقافة الغربية." والخلط بين الاثنين "يؤدي إلى تكوين مزيج انفجاري في بعض الأحيان." ووجد المركز نفسه مضطرا حتى لإبلاغ الشرطة في بعض الحالات، وهي خطوة غير محبذة بالنسبة للأوساط اليسارية، حسب البيان.
عرض المشكلة على الرأي العام لم يكن أمرا سهلا بالنسبة للنادي اليساري في لايبزيغ، فهو "لا يريد أن يأخذ نفس المسار العنصري لحزب البديل، ومسار الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي"، حسب البيان. لكن الأحداث أظهرت أيضا مدى صعوبة القيام بحملة تضامن مع اللاجئين لمواجهة الأجواء اليمينية، وفي الوقت نفسه الاعتراف بأن "حمل كيس (شنطة) مكتوبا عليه عبارة "مرحبا باللاجئين" لن يحل تلقائيا كافة المشاكل والنزاعات."
اعتداءات جنسية وسرقات في ناد في فرايبورغ
واقعة مركز الشباب اليساري في لايبزيغ ليست حالة فردية. ففي نادي "وايت راَبِيت" وهو أحد الأندية القريبة من الدوائر اليسارية أيضا في فرايبورغ، وقعت كذلك هجمات متزايدة من قبل اللاجئين، وبناء عليه تم حظر دخول اللاجئين النادي لفترة قصيرة. ورغم ذلك فقد أدان النادي في رسالة على موقع الفيسبوك، التغطية الإعلامية للأحداث، التي "خدمت التلصص لمحبي النميمة واليمين الشعبوي، ورضيت بإحياء صدمة نفسية، بدون مراعاة لضحايا العنف الجنسي عموما."
الطالب السوري، علي ن، يعيش منذ ثماني سنوات في لايبزيغ، وينشط أيضا في مساعدة اللاجئين، ولا يستغرب من وقوع مثل هذه الحوادث، ويوضح: "القول بأن جميع اللاجئين أبرياء، هو خطأ، وبنفس القدر فإن القول بأن كل اللاجئين سيئون خطأ أيضا."
ويعرف "علي ن." العديد من الأندية في لايبزيغ، التي تمنع الأجانب من دخولها، سواء أكانوا لاجئين أم لا. وقال إنه لا يرى الاختلافات الثقافية كسبب في السلوكيات غير المقبولة من بعض اللاجئين: "كثيرون لديهم مشاكل جنائية"، كما يقول، ويشير إلى لاجئين، يقومون ببيع مخدرات علنا عند محطة القطار الرئيسية. "أحيانا يساورني الاعتقاد بأن الشرطة تتركهم ببساطة يفعلون ذلك، حتى يعتقد الناس أن كل اللاجئين تجار مخدرات."
البعض ليس لديه ما يخسره
ويرى علي أن فرص الحصول على إقامة طويلة في ألمانيا والتي تختلف بشدة أحيانا بالنسبة للاجئين، لها تأثير بشكل خاص على سلوك بعض اللاجئين. فالسوريون، الذين تكون فرصتهم أكبر للحصول على اعتراف باللجوء في ألمانيا، لديهم على سبيل المثال ما يخسرونه، أكثر من الأفغان أو القادمين من شمال أفريقيا. ويقول علي ن. إنه يعرف شابا أفغانيا، أصبح أكثر عدوانية بعد أن علم أنه سيتم ترحيله.
سارة شافمايستر تدير مقهى "زود كافيه" في لايبزيغ، والذي يمنح اللاجئين والسكان المحليين الفرصة للالتقاء مرتين أسبوعيا. وتقول إن التحدي الأكبر الآن لجميع المشروعات الخاصة باللاجئين يتمثل في إطلاق عملية يمكن للجميع أن يتعلم منها. وتابعت شافمايستر "ومن خلال هذا المنظور، أعتقد أن قيام مركز كونى أيلاند بإخبار الرأي العام عن تلك الأحداث هو أمر صائب."
بن نايت/ ص.ش