اضطرابات القاهرة تسحق الاقتصاد المصري
٢٢ نوفمبر ٢٠١١علقت البورصة المصرية تعاملاتها اليوم الثلاثاء لمدة ساعة عقب انخفاض المؤشر الأوسع نطاقا للسوق أكثر من خمسة بالمئة. وفشل المؤشر المصري الرئيسي في تحقيق أي مكاسب للجلسة العاشرة على التوالي حتى منتصف معاملات اليوم مع تجدد الاشتباكات بين قوات الأمن والمحتجين في ميدان التحرير بوسط القاهرة قبل ساعات من مظاهرات حاشدة دعا اليها نشطاء تحت اسم "مليونية الإنقاذ الوطني".
وسجلت البورصة المصرية امس أدنى مستوياتها منذ مارس آذار 2009 مع انعدام طلبات الشراء على كثير من الأسهم وفقدت القيمة السوقية للأسهم 10.1 مليار جنيه (1.7 مليار دولار) لتواصل الهبوط للجلسة التاسعة على التوالي اليوم الاثنين وسط مبيعات كثيفة من الأجانب على الأسهم القيادية.
كما انكمش الناتج المحلي الإجمالي بمعدل سنوي بلغ 2ر4% في الربع السنوي الممتد حتى آذار/ مارس الماضي، ونما بنسبة بلغت 8ر1% فقط في العام المالي المنتهي في حزيران/ يونيو الماضي، في أبطأ وتيرة خلال عشر سنوات على الأقل كما كشف تقرير نشرته وكالة أنباء بلومبيرغ الاقتصادية الأمريكية اليوم.
هروب الاستثمار وتراجع السياحة
ما يجري في ميدان التحرير منذ أيام سيدفع بالمستثمرين والسياح بعيدا عن مصر، و يمكن أن يضر ذلك إلى حد كبير بالاقتصاد المصري الذي يعاني من ركود.
الأنشطة الصناعية في مصر تراجعت بشكل ملحوظ وهو أمر أثر بشكل مباشر على احتياطي مصر من العملات الصعبة، وفي حديث مع دويتشه فيله رصد ناجي عبد العزيز رئيس قسم الاقتصاد في صحيفة المصري اليوم أسبابا أخرى لهذا التراجع في احتياطي العملات الصعبة: "أدى تراجع النشاط السياحي إلى انخفاض كبير في العملات الصعبة الداخلة إلى البلد، فالنشاط السياحي كان يحقق موارد من العملات العصبة تصل إلى 13 مليار دولار سنويا.
وكما هو معروف فان النشاط السياحي تراجع بشدة وبشكل حاد حاليا، وهذا يعني أننا سنواجه عجزا ضخما في موارد النقد الأجنبي، ورغم أن هناك زيادة في تحويلات المصريين العاملين في الخارج إلى داخل البلد، لكن هذه الزيادة علاوة على الرسوم المتأتية من قناة السويس لن تعوض على الإطلاق العجز في احتياطي البلاد من العملات الصعبة الذي يتآكل باستمرار والقدرة على تمويل الواردات تتراجع باستمرار، وبدورها تتراجع القدرة على توفير ائتمان خارجي وداخلي ."
وتمر مصر منذ سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك بمرحلة انتقالية فيها كثير من التغيرات، ويرى كثير من الخبراء أن تمدد الفترة الانتقالية على مساحة زمنية طويلة يمكن أن يضر بشدة في مجالي الاستثمار الخارجي والداخلي على حد سواء. وفيما يجد شباب الثورة المصرية أنفسهم مهمشين مرة أخرى في العملية السياسية الجارية يمكن للمراقب أن يتوقع بسهولة استمرار المرحلة الانتقالية إلى أجل غير معلوم وهو أمر له أبعاد اقتصادية خطيرة كما يقول الصحفي ناجي عبد العزيز:
" استمرار الجمود السياسي يعني استمرار نزيف الاحتياطي واستمرار تدهور القدرة الائتمانية للاقتصاد سواء من الجانب الحكومي أو على مستوى القطاع الخاص، الذي سيفقد حتما قدرته الائتمانية على الاقتراض من الداخل أو من الخارج، والبنوك المصرية قد تحجم عن التمويل بشكل كبير وعلى وجه الخصوص ستحجم عن تمويل الشركات الخاصة التي تمثل أكثر من 70% من النشاط الاقتصادي في البلد، وسيضرب كل هذا الاقتصاد المصري في مقتل".
الأزمة الاقتصادية: غياب الأمن، أم التظاهرات؟
ويعزو بعض المراقبين مشكلات الاقتصاد إلى حركة الاحتجاجات التي لم تتوقف تقريبا والتي عادت لتتخذ شكل مواجهات دامية خلال الأيام الأربعة الماضية، وقال رضا آغا كبير الخبراء الاقتصاديين لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى مصرف رويال بنك أوف سكوتلاند في لندن إنه "بالنسبة لاقتصاد له اعتبارات مهمة جدا وملحة كالاقتصاد المصري وفي ظل متطلبات تمويل مرتفعة، يكون لتلك الاحتجاجات والإضرابات اليومية تأثير ضخم على تصورات المخاطر"، مضيفا أن "الانتخابات البرلمانية مهمة لكنها ليست بالتأكيد نهاية لحالة عدم اليقين".
في الجانب الآخر، يعزو محللون ومختصون -وهم في الغالب من شباب الثورة- العجز الاقتصادي إلى فشل الحكومة في إعادة الأمن، أما الصحفي ناجي عبد العزيز فيرى: " أن الرأيين مرجحان ولكني أود أن أضيف أن الاقتصاد المصري لديه مشاكل في ميزان التجارة، وهناك حالة انفلات أمني، كما أن الأنشطة الصناعية في المدن الجديدة وحركة التصدير والاستيراد عبر الموانئ تعاني من مشاكل هذا الانفلات الأمني ، إضافة إلى أن فاتورة التامين على الصادرات والواردات ارتفعت بشكل كبير ما خلق ارتفاعا غير مفهوم في الأسعار".
ملهم الملائكة
مراجعة: منى صالح