استثمار المليارات في مجال البحث العلمي لتوفير ملايين فرص العمل
٢٨ سبتمبر ٢٠٠٦
طرحت أنيته شافان، وزيرة التعليم والبحث العلمي الاتحادية في ألمانيا، مؤخراً خطة أمام البرلمان الألماني لاستثمار قرابة 15 مليار يورو في مجال التقنيات المتطورة مع حلول عام 2010. وأكدت شافان على أن هذه الخطة ستوفر مستقبلاً 1,5 مليون فرصة عمل جديدة. وأصرت الوزيرة الاتحادية على أن هذا العدد لا ينطوي على أي نوع من المبالغة، إذ أن العدد المتوقع في الحقيقة يبلغ 1,8 مليون وظيفة جديدة. وأضافت شافان أن "90000 فرصة عمل ستكون في مجال صناعة التكنولوجيا المتطورة، في حين ستكون فرص العمل الأخرى من نصيب المجالات، التي تقدم الدعم لهذه التكنولوجيا." ومن المقرر أن يتم استثمار القسم الأكبر من المبلغ في قطاعي الأبحاث الفضائية والطاقة، كما سيتم استثمار قدر لا بأس به في قطاع الصحة والأبحاث الطبية والبيئية، لاسيما في قطاع التكنولوجيا البيولوجية.
علاقات شراكة
تهدف خطة الاستثمار الجديدة إلى إقامة علاقات شراكة بين معاهد الأبحاث العلمية والشركات المختلفة وذلك بغية مساعدة الباحثين ودعمهم في عملهم وفي تحقيق أفكارهم في سبيل وصول اختراعاتهم بشكل أسرع إلى الأسواق. والجدير بالذكر أن مثل هذه العقبات، التي تواجه الباحثين الألمان في طريقهم لتحقيق أفكارهم ليست جديدة، كما رأينا في مثال MP3 وهو برنامج لتخزين وتشغيل الموسيقى الرقمية اخترع في ألمانيا، غير أنه لم يسوق فيها، بل في الخارج. وألمانيا كما نعلم تحتل المركز الثاني عالمياً بعد الولايات المتحدة الأمريكية من حيث عدد براءات الاختراع المسجلة، لذا يرى الباحثون أنه لا بد من تمهيد الطريق إلى السوق أمام أفكارهم.
زيادة الاستثمار في الأبحاث العلمية
وكجزء من خطة الاستثمار في قطاع التكنولوجيا المتطورة ترعى الوزيرة شافان بالتعاون مع اتحاد مؤسسات الأبحاث العلمية الألمانية مسابقة يمكن لخمس جامعات ألمانية من خلالها الحصول على مبلغ 250000 يورو نظير مشاريع بحث علمية تجريها الجامعات بالتعاون مع شركات مختلفة. ورحب اتحاد شركات الإلكترونيات الألمانية بقرار الوزارة اتخاذ إجراءات من شأنها توفير عناء البيروقراطية على الباحثين، لكي يتمكنوا من الاستفادة من هذا الوقت في أبحاثهم وتحقيق أفكارهم. في هذا السياق قال إدوارد كروبازك رئيس الاتحاد: "ليس من واجبنا فقط أن نشجع إجراء الأبحاث، بل وأن نبذل قصارى جهدنا للتوصل إلى تحقيق أسرع للفرص التكنولوجية في ألمانيا، فهذا هو الطريق الوحيد من أجل توفير فرص عمل جديدة ودائمة."
الجدير بالذكر أن هذه الاستراتيجية الجديدة تعني بالنسبة لألمانيا أيضاً رفع الاستثمارات، التي تقدمها الدولة لمجال الأبحاث في القطاعين العام والخاص من 2,5 بالمائة حالياً إلى 3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في الأعوام الأربعة المقبلة ـ وهو هدف تسعى كافة الدول في الإتحاد الأوروبي إلى تحقيقه.
"مناطق الصناعات التكنولوجية هي المستفيدة الوحيدة"
إن الخطة التي قدمتها الوزيرة شافان، والتي تهدف على حد قولها إلى "جعل ألمانيا من أكبر الدول المشجعة للأبحاث العلمية في العالم"، لا تحظى فعلا باقتناع الجميع. فالأمل بتوفير أماكن عمل جديدة يقتصر في الحقيقة على تلك المناطق، التي تتركز فيها الصناعات التكنولوجية مثل جنوب ألمانيا وقلة قليلة من المدن في شمالها. ويعتبر بعض الخبراء أن هذه المناطق هي المستفيدة الوحيدة من هذه الخطة، لأن فيها جامعات أو معاهد للبحث العلمي، تسعى إلى ربط الفروع العلمية المختلفة بالصناعة وتطوير منتجات جديدة لكي تحافظ على قدرتها على المنافسة العالمية. كما يتوقع الخبراء فضلاً عن ذلك أن إنتاج العديد من السلع التي تحمل شعار "صنع في ألمانيا" سينتقل حتى عام 2030 من دول غرب أوروبا إلى دول آسيوية وذلك لتدني تكاليف الإنتاج فيها.