ارتياح كبير للعفو عن صحفيين في المغرب ومطالب بـ"طي الصفحة"
٣٠ يوليو ٢٠٢٤خلق العفو الملكي في المغرب عن مجموعة من السجناء والمعتقلين، من ضمنهم صحفيون ومدونون ونشطاء، ارتياحا كبيراً في وسائل التواصل الاجتماعي. وعبّر المعنيون بالقرار وأصدقاؤهم عن فرحة كبيرة، لكن عدداً منهم أكد في الوقت نفسه على أن الفرحة لم تكتمل بحكم استمرار وجود معتقلي حراك الريف، وكذلك آخرين تعتبرهم المنظمات الحقوقية معتقلين سياسيين، وضمنهم المحامي محمد زيان، البالغ من العمر 80 عاماً.
وبمناسبة عيد العرش الذي يخلد هذه المرة مرور 25 عاماً من حكم الملك محمد السادس، تم العفو عن 2476 شخصا، وفق بيان لوزارة العدل، وضمنهم الصحفي توفيق بوعشرين الذي حكم عليه سابقاً بـ15 سنة سجنا نافذا، وعمر الراضي، الذي حكم عليه بست سنوات، وسليمان الريسوني بخمس سنوات، ويشترك الثلاثة في إدانتهم بتهم جنسية، يؤكد محاموهم على براءتهم منها.
وقال توفيق بوعشرين، الذي أثارت قضيته جدلا واسعا محليا ودوليا، بعد الإفراج عنه في تصريحات للصحافة: "أشكر صاحب الجلالة على هذا العفو الكريم، أسفي واعتذاري لكل من تضرّر من هذا الملف من قريب وبعيد"، وأضاف: "أتمنى أن نعيش جميعا في كنف الحرية وتحت سقف القانون".
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية قد أشارت في تقريرها لعام 2023 إلى وجود "العديد منالتكتيكات الملتوية التي استخدمتها السلطات المغربية ضد الصحفيين الثلاثة، وبشكل أعم لسحق المعارضة والمعارضين، ومن ذلك الاتهامات الجنائية ذات الطابع الجنسي، والمحاكمات الجائرة، وأحكام السَّجن الطويلة".
بينما قالت عائشة الكلاع، التي ترأس جمعية تأسست للدفاع عن المشتكيات والمشتكين في هذه الملفات أن "الجمعية متشبثة بحقوق الضحايا في التعويض عن الضرر، وأن العفو لا يلحق ضرراً بحقوق الغير"، لافتة إلى أن العفو يدخل ضمن الصلاحيات المخولة دستورياً للملك.
كما تم العفو عن الناشط يوسف الحيرش الذي حوكم بسنة ونصف، والناشطة سعيدة العلمي التي حُكم عليها بثلاث سنوات، ثم سنتين لاحقاً، واليوتوبر محمد رضا الطاوجني بأربع سنوات. كما تم العفو عن آخرين، وإيقاف المتابعة بحق نشطاء وصحفيين آخرين في ملفات لا تزال معروضة أمام القضاء.
وكتب الأستاذ الجامعي والمؤرخ المعطي منجب، الذي تم إيقاف متابعته في ملف معروف باسم "المس بسلامة الدولة"، يحاكم فيه منذ عام 2015 رفقة صحفيين وناشطين آخرين: "هنيئا لكل معتقلي الرأي الذين أطلق سراحهم (..)، كما لا يمكن أن أنسى من لا يزالون وراء القضبان كناصر الزفزافي ومحمد زيان ونبيل احمجيق ومحمد جلول وغيرهم كثير".
وأضاف: "شكرا لكل من ناضل من أجل إطلاق سراحه، وشكرا كذلك لمن عمل من داخل الدولة لتصبح هاته المبادرة المنتظرة منذ شهور واقعا يفتح باب الأمل نحو ديمقراطية مغربية حقيقية".
وكتب عماد استيتو، الذي حكم عليه غيابياً بالسجن عاما، ضمن ملف الصحفي عمر الراضي، والموجود خارج المغرب: "زملائي المسجونون أحرار أخيرا، ومعهم الكثير من الأحرار مسجونين أو مغادرين للبلاد قسريا من كافة الحساسيات والتعبيرات الوطنية المختلفة في قضايا التعبير والرأي".
وتابع: "تنفيس وتصحيح إيجابي كانت تحتاجه البلاد والوطن وجاء في وقته. نأمل بطي ملف معتقلي حراك الريف قريبا وباقي الملفات، وأن ننصرف نحن والمغرب معا إلى أشياء أهم حتى باختلافات مواقعنا وتقديرنا".
وقالت خلود المختاري، زوجة سليمان الريسوني في تصريحات صحفية، بعد صدور خبر العفو: "الخبر مفرح جدا. أتمنى أن تعطي هذه المبادرة نسبيا الأمل في اتجاه انفراج سياسي كبير في المغرب، أتمنى كذلك أن من لم يشملهم العفو، أن يستفيدوا بدورهم من الإفراج عنهم في القريب".
بدورها قالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أكبر منظمة حقوقية في المغرب، إنها "تهنئ المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي المفرج عنهم، وعائلاتهم، وتؤكد عزمها مواصلة النضال الوحدوي من أجل مغرب خال من الاعتقال السياسي".
وأضافت الجمعية في بيان لها إن "معتقلي الرأي تمت متابعتهم بتهم ملفقة ومفبركة، وإدانتهم ظلما وانتقاما بأحكام ثقيلة متفاوتة المدة"، وأشارت إلى أن هذا الإفراج يعد "مكسبا هاما تحقق نتيجة النضال".
وأكدت في المقابل على أنّ الفرحة "تظل منقوصة ما لم يتم إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، وفي مقدمتهم معتقلي حراك الريف وفجيج والمدونين وغيرهم" وفق البيان الذي شدد على ضرورة "طيّ ملف الاعتقال السياسي بصفة نهائية".
ومن ضمن معتقلي حراك الريف الذين لا يزالون في السجن، هناك قائد الحراك ناصر الزفزافي المحكوم عليه بالسجن عشرين عاما منذ اعتقاله عام 2017.
ودعت عدة منظمات حقوقية محلية ودولية لإطلاق سراح الزفزافي ومن معه، خصوصا أن المغرب تولى هذا العام رئاسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف.
ع.ا