اختتام المنتدى الكاثوليكي الإسلامي الأول بإصدار بيان أخلاقي مشترك
٧ نوفمبر ٢٠٠٨أنهى المنتدى الكاثوليكي الإسلامي الأول مساء أمس (7 نوفمبر/تشرين الثاني) أعماله في الفاتيكان. وضم المنتدى 29 ممثلا عن الكنيسة الكاثوليكية برئاسة الكاردينال جان لوي توران وعدد مماثل من المندوبين المسلمين برئاسة مفتي البوسنة الشيخ مصطفى سيرتش، وضم الوفد الكاثوليكي مسؤولين من الفاتيكان وباحثين كاثوليك في الإسلام وأساقفة يرأسون الأقليات في العراق وسوريا وباكستان والدول الخليجية.
بيان كاثوليكي إسلامي مشترك
ناقش المشاركون على مدى ثلاثة أيام سبل دفع الحوار بين الكاثوليك والمسلمين تحت شعار "محبة الله ومحبة القريب"، تمخض عنها بيان يتضمن 15 بندا حول أهمية حرية الاعتقاد والحرية الدينية واحترام حقوق الإنسان. كما أكد البيان على أن كلا الجانبين من المشاركين الكاثوليك والمسلمين مدعوون إلى نشر قيم الحب والانسجام بين المؤمنين وفي شتى أنحاء العالم. وطالب البيان بنبذ كل أشكال القمع والعنف والإرهاب، خاصة ذلك الذي يُرتكب باسم الدين. وفي سياق متصل أعربت ممثلة مسلمي أمريكا الشمالية أنغريد ماتسون عن شعورها بالخجل عندما يتم استعمال الدين الإسلامي كسبب للتطرف أو كتبرير لأعمال عنف وإرهاب.
الجدير بالذكر أن البيان المشترك يتضمن نقاطا جديدة وصفها المراقبون بالجرأة والليبرالية في العلاقات بين الكاثوليك والمسلمين، من بينها حق الأقليات الدينية في أماكن عبادة خاصة بها وعدم تعريض الشخصيات المؤسسة والرموز التي تراها مقدسة لأي تهكم أو سخرية. وتشير هذه النقطة بالذات إلى رغبة المسلمين في التشديد على احترام مقدساتهم. وذلك خاصة عقب نشر صحيفة دنمركية عام 2006 رسوما كاريكاتورية للرسول محمد، أثارت موجة من الاحتجاجات العنيفة في العالم الإسلامي. من جهة أخرى يعكس هذا البند في نفس الوقت رغبة الفاتيكان في إعطاء عدد من البلدان الإسلامية الأقليات المسيحية حق ممارسة العبادة علانية وإقامة دور عبادة خاصة بهم.
البابا يدعو إلى تجاوز خلافات الماضي
من جهته، وصف البابا بينديكت السادس عشر المنتدى على أنه يُعد "مؤشرا واضحا على الاحترام المتبادل ورغبة كل طرف الإصغاء الى الآخر". وأكد في نفس الوقت على ضرورة تشجيع التعاون بين أتباع الديانتين الأكبر في العالم والعمل سويا بهدف تعزيز احترام حقوق الإنسان. كما دعا إلى تجاوز سوء الفهم وخلافات الماضي. وشدد على ضرورة تصويب الصور المشوهة لكل واحد عن الآخر، وقال إنها تمثل حتى اليوم عائقا دون قيام علاقات ثنائية صحيحة. وأشار البابا إلى أهمية توعية الناس والأجيال الناشئة لبناء مستقبل مشترك.
على صعيد آخر وصف رئيس الموفدين المسلمين مفتي البوسنة سيرتش المنتدى بأنه يُعد بمثابة خطوة كبيرة نحو الأمام ليس في العلاقات بين المسيحيين والمسلمين فقط بل في العلاقات اللإنسانية إجمالا. من جهته قال الكاردينال جان لوي توران المُكلف بشؤون الحوار بين الأديان لدى الفاتيكان إن المنتدى يُعد حدثا تاريخيا.
"هناك العديد من القواسم المشتركة بين الكاثوليك والمسلمين"
أما المندوبة الألمانية وباحثة في العلوم الإسلامية في جامعة بامبيرغ الألمانية روتراوت فيلاند، فقد أعربت عن ارتياحها بالنتائج التي توصل إليها المشاركون في المنتدى الكاثوليكي الإسلامي. وقالت إنه ليس أمرا بديهيا الاتفاق على بنود البيان الخمسة عشرة، مشيرة إلى أن الاتفاق على بعض منها تطلََب نقاشا حادا ومطولا. ولكنها أكدت في نفس الوقت على أن هناك وعيا لدى الطرفين بضرورة التقارب وتجاوز الخلافات وأن هناك العديد من القواسم المشتركة بينهما.
تجدر الإشارة إلى أن هذا منتدى قد انبثق عن دعوة إلى الحوار اُطلقت في 13 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي وجهها 138 من رجال الدين والمثقفين المسلمين من كل أنحاء العالم إلى المسيحيين، وذلك عقب موجة الاستياء التي أثارها خطاب ألقاه البابا بينديكت السادس عشر في 11 سبتمبر/ أيلول 2006 في جامعة ريغينسبورغ في جنوب ألمانيا واُعتبر مسيئا للإسلام. هذا، ومن المزمع إجراء المنتدى الكاثوليكي الإسلامي بصفة منتظمة كل عامين.