اجتماع قمة مسكوني مع بابا روما في إرفورت
٢٠ سبتمبر ٢٠١١كانت المفاجأة كبيرة في الكنيسة الإنجيلية عندما عُلِم قبل بضعة أشهر أن قداسة البابا بنديكت السادس عشر دعا شخصياً لإعطاء الاجتماع المسكوني اهتماماً كبيراً. هذا ما أدهش في البداية زعماء الكنيسة الإنجيلية، دهشة تحوّلت مع الوقت إلى فرح، كونهم سيتحدثون مباشرة إلى البابا.
وبدوره أكد نيكُولاوس شنايدر، رئيس مجلس الكنيسة الإنجيلية في ألمانيا في حديث إلى دويتشه فيله أن "لقاء البابا مع كنيسة الإصلاح سوف يحمل دلالات هامة جداُ". فمثل هذا الحدث لم يحصل من قبل في هذا الإطار. والأهم من ذلك أن اللقاء سوف يكون في إرفورت أي في قلب ألمانيا، معقل الإصلاح البروتستانتي وبالتحديد في دير "أوغوستينيان" الذي عاش فيه آنذاك الراهب الشاب مارتن لوثر، مؤسس الكنيسة الإنجيلية بين عامي 1505 و1511 لإتمام دراسته اللاهوتية. هناك نضجت عنده أولى رؤى "الكنيسة الجديدة"، ومن ثم انطلقت حركة الإصلاح البروتستانتي إلى أرجاء العالم. وعلاوة على ذلك سوف يجيب قداسة البابا في اللقاء بشكل عفوي على أسئلة الوفد الإنجيلي.
قداس مميز
وسيُتوّج اللقاء بقداس كلمة مشترك يعظ فيه قداسة البابا في الكنيسة تحديداً التي أقام فيها مارتن لوثر قداسه الأول. وسيحتفل بالقداس من دون سر الإفخارستيا أو سر التناول، والذي يرجع في التقليد المسيحيّ إلى العشاء الأخير أو ما يسمى بالعشاء السري ليسوع المسيح مع تلاميذه عشية صلبه. والطوائف مختلفة في تفسير هذا السر الديني.
ويعد هذا أحد الفروق الجلية بين الكنيستين، ففي حين أن الكنيسة البروتستانتية تفتح المجال لأي مسيحي معمّد لأن يشارك في سر المناولة أي العشاء الأخير، ترى الكنيسة الكاثوليكية أن القربان المقدس هو طقس مقدس يخص الكاثوليكيين فقط، وهو أمر متعلق بالاختلاف حول تعريف السلطة الروحية. ولا يعتقد نيكُلاوس شنايدر رئيس مجلس الكنيسة الإنجيلية في ألمانيا أنّ هذا الجدار الفاصل سيسقط خلال اللقاء المسكوني في إرفورت، لكنه يأمل في التوصل إلى اتفاق بشأن القربان المقدس فيما يتعلق بالأزواج المختلفي الطوائف، كشريك بروتستانتي لآخر كاثوليكي، فيقول: "نحن بحاجة إلى إصلاح كبير في العلاقة بين الكنيستين، لأنّ هؤلاء الناس يعيشون في حياتهم المشتركة اليومية مفهوم الكنيسة أيضاً، فلا نستطيع أن نختصر مفهوم الكنيسة بما يدور فقط في القدّاس".
إنجازات الحوار المسكوني
ويبقى السؤال إذا ما كان لقاء ارفورت سيشكل بداية حقبة جديدة في التفاهم المسكوني.
ورغم أن هناك قفزات نوعية في العلاقة بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة البروتستانتية، فإنّ شنايدر الممثل الأعلى لحوالي 25 مليون عضو في الكنيسة الإنجيلية يحذر عموما من المبالغة في عقد الأمل حول الحوار المسكوني. ويضيف: "إن العداء قد اختفى تماما، ونحن نتعامل بودّ وأخوة مع بعضنا البعض." ومن بين الإنجازات الرئيسية للحوار المسكوني هو تفسير عقيدة الغفران منذ عام 1999، فقد كان السؤال عن معنى الغفران وكيفية إيجاده من الأسباب الرئيسية لانقسام الكنيسة قبل 500 سنة. وهناك نجاح آخر يعود إلى عام 2006، فمنذ ذلك الحين تقر الطوائف لبعضها البعض بطقس المعمودية، السرّ الأساسي للوجود المسيحي.
تصريحات قاسية من الفاتيكان
لكن العديد من الإنجيليين مازالوا يشعرون بالألم بعدما نُشر عام 2000 في"وثيقة الفاتيكان" التي تحمل ختم رئيس المجمع الكاثوليكي الروماني آنذاك الكاردينال جوزف راتسينغر والبابا الحالي، والتي أقر فيها أن الكنيسة الإنجيلية الإصلاحية ليست كنيسة كاملة ذات قيمة مقارنة مع الكنيسة الرومانية الكاثوليكية. وفي هذا الصدد تأمل "ايلزه يونكرمان" كاردينالة الكنيسة الإنجيلية في مناطق وسط ألمانيا أن يكون هناك تعديل في النظرة إلى الكنيسة الإنجيلية، لا سيما أن البابا بنديكتوس السادس عشر قد صحح موقفه في المجلد الثاني من كتابه "يسوع" في ما يتعلق بهذا الشأن وفي بعض التصريحات الأخرى المثيرة للجدل. وتضيف في حديثها: "لو أنه يفعل ذلك علناً أمام الناس ستكون زيارته ناجحة لأننا سوف نتحدث مع بعضنا البعض على مستوى واحد". فهل يريد الفاتيكان ذلك؟
كلاوس كريمر / فؤاد آل عواد
مراجعة: سمر كرم