إيغول أوتسكان أول وزيرة من أصول مسلمة في ألمانيا
٢٧ أبريل ٢٠١٠يتم اليوم الثلاثاء (27 نسيان/ أبريل 2010) بشكل رسمي تعيين السيدة إيغول أوتسكانAygül Özkan وزيرة للأسرة والشؤون الاجتماعية والاندماج في حكومة ولاية سكسونيا السفلى، التي تعد واحدة من أكبر الولايات في ألمانيا والتي يحكمها الحزب المسيحي الديمقراطي. وأثار خبر التعيين الذي أُعلن عنه في الأسبوع الماضي الكثير من ردود الأفعال في وسائل الإعلام الألمانية، وذلك لاعتبارات عدة، فأوتسكان البالغة من العمر 38 سنة مسلمة الديانة وتنحدر من أبوين تركيين، قدما إلى ألمانيا في ستينيات القرن الماضي. وهي تعد بذلك أول امرأة من أصول أجنبية، يتم تعيينها كوزيرة في تاريخ الدولة الألمانية.
أوتسكان ترفض أن يكون تعيينها لأسباب حزبية
ويخشى العديد من المحللين أن يكون إقدام الحزب المسيحي الديمقراطي على تعيين وزيرة من أصول تركية هو بغرض كسب ود الناخبين من ذوي الأصول الأجنبية في ألمانيا. خاصة وأن استطلاعاً للرأي في أوساط الأتراك الحاملين للجنسية الألمانية بين أن 10 في المائة فقط منهم يرغبون في منح أصواتهم للحزب المسيحي الديمقراطي مقابل 55 في المائة للحزب الاشتراكي الديمقراطي و23 لحزب الخضر.
من جهتها ترفض أوتسكان هذا الإدعاء القائل باستعمالها وسيلة لتلميع صورة الحزب لدى الألمان من أصول أجنبية. وصرحت بأنها كانت سترفض تماماً هذا التعيين لو كان لديها إحساس بذلك. لكنها بالمقابل لا ترفض بأن يفسر هذا التعيين على أنه تشجيعاً على إتاحة الفرص للأشخاص ذوي الأصول الأجنبية لتقلد مناصب عليا في ألمانيا، مضيفة بالقول: "وأنني حصلت على تعليم جيد جداً في ألمانيا وأريد استثمار ذلك كما أريد أن أكون قدوة لجيلي".
أما رئيس الوزراء في ولاية سكسونيا السفلى كريستيان فولف فيؤكد أن تعينه لأوتسكان لم يكن بسبب أصولها التركية وإنما لقدراتها السياسية. وضرب فولف مثالاً على ذلك بفريق بريمن لكرة القدم، فهو يعتبر أن الفريق تعاقد مع اللاعب التركي المتألق أوزيل ليس بسبب أصوله الأجنبية ولكن لكونه لاعباً جيدا وهو "الأمر نفسه بالنسبة لنا".
وفي مقابلة مع راديو ألمانيا "دويتشلاندفونك" رحب كلاوس فوفرايت، عمدة برلين ونائب رئيس الحزب الديمقراطي الاشتراكي المنافس الرئيس للحزب المسيحي الديمقراطي، بتعين أوتسكان وزيرة في حكومة ولاية سكسونيا السفلى. لكنه شكك في قيمة هذا التعيين بقوله "ما الذي ينفع في تعيين وزيرة من أصول أجنبية في حكومة الحزب المسيحي الديمقراطي إذا كانت هذه الوزيرة لا تقاسم الحزب وجهة النظر نفسها في قضايا الهجرة".
منع تعليق الصليب في المدارس الألمانية
ولا يعد ملف الهجرة الموضوع الوحيد، الذي يمكن أن يشكل خلافاً في وجهات النظر بين الحزب ووزيرته التركية. فالأخيرة فجرت كذلك نقاشاً كبيراً وذلك قبل تقلدها لمنصبها كوزيرة بشكل رسمي، حينما طالبت بإزالة الصلبان من المدارس الألمانية باعتبارها مؤسسات عمومية لا تقبل تواجد رموز دينية تروج لهذا الدين أو ذاك، الأمر الذي اعتبرته جمعيات مسيحية تابعة للحزب إعلاناً لفشل تجربة إدماج وزيرة مسلمة في حزب مسيحي.
غير أن مفوضة شؤون الاندماج لدى الحكومة الاتحادية الألمانية ماريا بومير، والتي تنتمي هي الأخرى إلى الحزب الديمقراطي المسيحي، ترفض هذا الحكم المسبق حول عدم جدوى إقحام مسلمة في حزب مسيحي. لكنها تعترض أيضاً بشدة على مشروع الوزيرة الجديدة الذي يهدف إلى حظر تعليق الصلبان في المدارس، معتبرة أن الأمر يتعلق بتقاليد مسيحية في ألمانيا ممتدة عبر مئات السنين. وأضافت بومير قائلة: "إن تعليق الصليب في المدارس الألمانية يعد تعبيراً عن هذه القيم والتقاليد".
أوتسكان تتراجع عن مشروعها
وانضمت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ووزير داخليتها توماس ديميزير إلى قائمة منتقدي مشروع أوتسكان. واعتبرا أن مثل هذه التصريحات لا تشجع على العمل المشترك معها. وأمام ارتفاع حدة الانتقادات تراجعت أوتسكان عن رأيها وقدمت أمس الاثنين اعتذاراً أمام ممثلي الحزب المسيحي الديمقراطي في ولاية سكسونيا السفلى.
لكن عمدة برلين كلاوس فوفرايت دافع عن اقتراح الوزيرة الجديدة على اعتبار أن هذا الأمر مبني في الأساس على حكم للمحكمة الدستورية الاتحادية الذي يمنع تواجد أي رموز دينية في المدارس. وقال فوفرايت إن الوزيرة الجديدة وجدت أن الصليب هو الآخر رمز من هذه الرموز كما أُعتبر الحجاب رمزاً دينياً حينما أعلنت المحكمة الدستورية الاتحادية منع معلمة مسلمة من التدريس في المدارس العمومية بسبب ارتدائها للحجاب.
عدد النواب ذوي الأصول الأجنبية في ألمانيا مازال قليلاً
وبغض النظر عن الهدف وراء تعيين وزيرة مسلمة ذات أصول تركية على رأس وزارة في ولاية ألمانية وعن مدى إمكانية نجاحها في ذلك، يجمع المراقبون في ألمانيا أن هذا التعيين يعد خطوة مهمة في فتح المجال أمام الكفاءات من أصول أجنبية لدخول الساحة السياسية في البلاد. خاصة وأن تمثيل هذه الفئة من المواطنين الألمان على الخارطة السياسية في ألمانيا مازال ضعيفاً مقارنة مع دول أوروبية أخرى. فمن بين 2500 نائب برلماني ألماني سواء تحت قبة البرلمان الألماني "بوندستاغ" أو في البرلمان الأوروبي، لا يتعدى عدد النواب من أصول أجنبية 100 شخص. وهو رقم ضعيف خاصة إذا علمنا أن 20 في المائة من الألمان ينحدرون من أصول أجنبية. ويرى المحللون أنه كلما ازداد إقبال الأجانب على صناديق الاقتراع للانتخاب كلما اضطر أصحاب الأحزاب لتقديم مرشحين ذوي أصول أجنبية للفوز بهذه الأصوات.
الكاتب: كابارينيس باناكيوتيس/ هشام الدريوش
مراجعة: عماد مبارك غانم