إيران: من المناورة السياسية إلى سياسة إستعراض القوة
٥ أبريل ٢٠٠٦في الوقت الذي تسعى فيه الدول الغربية إلى ما تسميه إعادة إيران إلى الإلتزام بإتفاقية حظر إنتشار الأسلحة النووية، في ظل مخاوف من أن تكون الجمهورية الإسلامية تعمل على تصنيع أسلحة نووية، أعلنت إيران من جانبها عن قيامها باختبار أسلحة جديدة متطورة وقامت بمناورات عسكرية في منطقة الخليج، في خطوة أعتبرها بعض المراقبين إستمرارا لسياسة التصعيد الإيرانية مع الدول الغربية وتوجيها لرسالة إعلامية/عسكرية لهذه الدول، بينما رجح البعض الأخر بأن ذلك ربما لا يعدو أن يكون أكثر من مجرد مبالغة من طهران ودعاية مضادة في مواجهة الضغوط المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي. ولعل مضاعفة إيران للإعلان عن إجراء تجارب لأسلحة جديدة والتغطية الإعلامية الضخمة لذلك مع تشديدها على قدراتها الدفاعية في الخليج يعزز الرأي القائل بالطبيعة الدعائية لهذه الخطوة الإيرانية.
تطوير أسلحة متقدمة.....
هذا وكانت طهران قد أعلنت في الأيام القليلة الماضية أنها قامت بتطوير واختبار معدات عسكرية منها "زورقا طائرا حديثا للغاية"، وكذا صاروخا قادرا على إصابة أهدافه في البحر يمكنه تجنب الرادار والموجات الصوتية بحيث يتعذر التشويش على نظام توجيهه، أطلق عليه إسم "كوثر". ويقول محللون إن هذا الصاروخ يهدف لمهاجمة سفن بالخليج. كما جربت ذكرت إيران أنها طورت طوربيد "هوت" الذي يسير تحت الماء، والذي كشفت صحيفة "ازفستيا" الروسية بانه يشبه إلى حد بعيد صاروخا فائق القوة من صنع سوفياتي وروسي هو الطوربيد "شكفال". يذكر أن سرعة "شكفال" تصل إلى مئة متر في الثانية ويعتبر مدمرا للسفن الحربية. وأعربت الصحيفة عن اعتقادها بأن إيران قد تكون حصلت عليه من الصين التي اشترت عددا من هذه الطوربيدات في منتصف التسعينات، فيما قال مسئول عسكري إيراني إن خبراء محليين قاموا بتطويره "وبات في مرحلة الإنتاج الصناعي".
....ولكن ما الهدف؟ ولماذا الآن بالذات؟
هذا وقد جاء إعلان طهران عن قيامها بتطوير واختبار لمعدات عسكرية متقدمة في غمرة الأزمة بشان ملفها النووي، الأمر الذي يمكن تفسيره بأنه بمثابة ردة فعل على التهديدات الأمريكية وعلى دعوة مجلس الأمن الدولي لإيران بوقف نشاطها النووي. ويعزز هذا الاعتقاد أن الإعلان قد تزامن أيضا مع مناورات للقوات الإيرانية في الخليج، وهي المنطقة التي يتدفق منها معظم الاستهلاك العالمي من النفط، الامر يمكن أن يفُسر على أنه رسالة من إيران مفادها إن أي هجوم عليها من شأنه أن يحرم الغرب من مصادر الطاقة، رغم تأكيدها بأنها لن تستخدم هذا السلاح. في هذا السياق يعتقد محللون بإن إيران، التي يمكنها الاعتماد على قوة بشرية كبيرة بينما تعتبر تكنولوجيتها البحرية متقادمة إلى حد كبير، ليست بحاجة إلى مزيد من المعرفة التقنية لإشاعة الفوضى في الممرات الحيوية لشحن النفط. كما يعتقدون أنها ربما تكون تختبر أسلحة في مضيق هرمز، وهو ممر رئيسي لحوالي 80 في المائة من تصدير النفط للسوق العالمية، وذلك لإثناء إسرائيل والولايات المتحدة عن الإقدام على عمل عسكري ضد برنامجها النووي. يذكر أن واشنطن إذ تعلن أنها تعطي الأولوية للسبل السلمية في معالجة الملف النووي الإيراني، إلا أنها لا تستبعد الخيار العسكري، وهو ما كررته وزير الخارجية كوندوليزا رايس مؤخرا بأن "الرئيس الاميركي لا يستبعد أي خيار". وتتفق لندن مع هذا الرأي الأمريكي. كما إن هناك تهم أخرى لإيران من قبل واشنطن منها إنها بمثابة "مصرف مركزي لتمويل الإرهاب"، حسب تعبير رايس.
ردود الأفعال الدولية
أكد وزير الخارجية الإيراني، منوشهر متقي، إن هدف بلاده من تطوير واختبار هذه المعدات العسكرية هو الحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط، مشيرا بأن "إيران لم تهاجم أي دولة قط. عقيدتنا العسكرية عقيدة دفاعية". لكن الدبلوماسي الإيراني لم يوضح كيف ستساهم هذه الأسلحة في الحفاظ على الاستقرار، وإن كان ربما يلمح إلى أنها لردع أي هجوم قد يستهدف بلاده وما قد ينتج عن ذلك من أثار على المنطقة.
هذا وفي الوقت الذي أعربت فيه العربية السعودية، على لسان وزير خارجيتها، عن عدم قلقها من المناورات التي تقوم بها إيران في الخليج والتي اختبرت خلالها أسلحة جديدة، لم تستبعد الولايات المتحدة أن تكون إيران قد أنتجت الصاروخ "كوثر" غير أنها قالت إن الجمهورية الإسلامية لديها ميل "للتفاخر والمبالغة". من جانبه انتقد وزير الخارجية الألماني، فرانك ـ فالتر شتاينماير، ما اسماه "الاستفزاز الإيراني" معتبرا بان ذلك يضاعف من قلق المجموعة الدولية، حسب تعبيره. ودعا المسئول الألماني، الذي يزور واشنطن حاليا، الحكومة الأمريكية إلى مفاوضات مباشرة مع إيران حول البرنامج النووي الإيراني. يشار هنا إلى أنه وعلى الجانب الأخر قد تم الكشف عن التخطيط لمفاوضات مباشرة بين واشنطن وطهران حول الوضع في العراق قد تتم حسب مصادر إيرانية في بغداد. وفيما لو تمت هذه المفاوضات فإنها ستكون أول مفاوضات مباشرة بين الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ ما يزيد على سبعة وعشرين عاما، إذ أن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين مقطوعة منذ أزمة الرهائن الأمريكيين في السفارة الأمريكية في طهران.