إنترنت المستقبل وغيمة هارون الرشيد
٤ يناير ٢٠١٠هل تتذكرون عالم ما قبل الانترنت؟ حين لم يكن هناك بريد اليكتروني ولا أجهزة MP3 ولا يوتيوب ولا حتى التعرف على آخر الأخبار بـ "كبسة فأرة"؟ لقد غيرت شبكة الانترنت عالمنا من أساسه، وستواصل هذه الشبكة التأثير علينا وعلى مجتمعاتنا، لأن السنوات العشر القادمة لن تكون أقل إثارة من السنوات العشر الماضية.
إمكانيات الانترنت لم تنضب بعد، والانجاز الذي حققته شركة أبل مؤخرا شكّل بداية ثورة في هذا المجال. فالآيفون iPhone جعل شبكة الانترنت متحركة. وكل من كان يحتاج إلى مكتبه أو منزله لتصفح الانترنت وكتابة الرسائل الاليكترونية بات بإمكانه فعل ذلك من أي مكان آخر تتوفر فيه شبكة. وثورة الآيفون تبدو جلية حين ننظر إلى الشركات المنافسة: فنوكيا وموتورولا وغيرهما من شركات الهاتف الجوال طرحت في الأسواق هواتف انترنت.
بيانات الانترنت وغيمة هارون الرشيد
لا تقتصر الحركة على الهاتف الجوال فقط، وإنما طالت البيانات أيضا. هذه التكنولوجيا بدأت منذ سنوات قليلة وستواصل تطورها في السنوات القليلة القادمة. إذ لم تعد أجهزة الانترنت وحدها متحركة بل البيانات والمعلومات الشخصية أيضا. ويمكن طلب هذه البيانات من أي مكان لأنها لم تعد مخزنة على الكمبيوتر الشخصي أو كمبيوتر المكتب وإنما باتت مخزنة في شبكة الانترنت العالمية. وهي بذلك كغيمة هارون الرشيد، لا تمطر فوق رأسه، لكن خارجها وأينما هطلت، عائد إليه. لذلك يطلق على هذه التكنولوجيا اسم " Cloud Computing" لأن البيانات التي كانت موجودة على الكمبيوتر أو القرص الصلب فقط، أصبحت كالغيمة التي تسبح في الفضاء والموجودة في كل مكان، وصار يمكن الوصول اليها عبر الكمبيوتر المحمول أو هاتف الانترنت والكمبيوتر في المكتب.سيتحول الانترنت في السنوات القادمة إلى شبكة موجودة في كل مكان وبسرعة أعلى من السرعة الحالية. لكن هذا التطور سيجلب معه ازديادا في عدد منتقدي الانترنت والمتوجسين منه، لان شبكة الانترنت ستعرف عنا كل كبيرة وصغيرة.
تزايد النقد لغوغل وأخواتها
لهذا السبب تتعرض شركة غوغل لنقد متزايد وأصبح البعض يطلقون عليها اسم أخطبوط المعلومات. فهي تقوم بجمع شتى أنواع المعلومات وغربلتها وتصنيفها. وبعد الفضائح الأخيرة المتعلقة بأمن المعلومات بات كثيرون يدركون أهمية الآثار التي يتركونها وراءهم حين يتصفحون شبكة الانترنت أو حين يضعون فيها معلومات وصورا شخصية. لذلك من المتوقع أن تزداد الضغوط على شركة غوغل ومثيلاتها في المستقبل. أما الكمبيوترات والهواتف المحمولة فمن المنتظر أن تشهد تطورات تقنية جديدة في السنوات القادمة، وليس بالضرورة أن تواصل الأسعار انخفاضها مع تنامي سرعة هذه الأجهزة وقدراتها.
ثورة النتبوك
هذا التطور نلمسه منذ بضع سنوات فيما يدعى بالنتبوك "Netbook" ، وهو جهاز يشبه الكمبيوتر المحمول، إلا أنه أصغر وأرخص ولا يحظى بالمزايا التقنية المتطورة للكمبيوتر المحمول. فبعد أن كان الجميع في الماضي يبحثون عن كمبيوتر سريع ومتعدد الوظائف، بات كثيرون اليوم يبحثون عن أجهزة كمبيوتر تفي باحتياجاتهم الشخصية ويقدرون على دفع ثمنها. والنتبوك يناسب الشخص الذي يكتفي بكتابة النصوص والرسائل الاليكترونية وتصفح الانترنت، رغم استخدامه لتقنيات الأمس. ومن المتوقع أن تتواصل الثورة في عالم القدرة على تخزين البيانات الكبيرة كالموسيقى والفيديو والصور، خاصة مع تزايد استخدام التقنيات الرقمية وتزايد الحاجة إلى حفظ هذه البيانات من الضياع.
الكاتب: يورغ برونسمان/ عبد الرحمن عثمان
مراجعة: طارق أنكاي