إقصاء المغرب.. أسباب متعددة للكبوة ولإخفاق "عرب إفريقيا"
٣١ يناير ٢٠٢٤في نتيجة مفاجئة وصادمة، خرج المنتخب المغربي، رابع العالم في مونديال قطر 2022، من دور الـ16 في منافسات كأس أفريقيا، إثر هزيمة أمام منتخب جنوب إفريقيا 2-0، ما شكّل استمراراً للخيبات المغربية في كؤوس إفريقيا، التي يملك لقباً وحيداً فيها منذ 1976.
وكان أسود الأطلس (13 عالميا) على فرصة كبيرة لتحقيق التأهل لدور الربع، بحكم أنهم يلاقون منتخبا يحتل المركز 66 عالميا، لم يتأهل لآخر نسخة من أمم أفريقيا، تتكون تشكيلته الأساسية في ثماني لاعبين من النادي المحلي ماميلودي صن داونز، ولا يتوفر على أيّ نجوم في الكرة العالمية، وأشهر لاعب محترف في المنتخب هو بيرسي تاو، المحترف في الأهلي المصري.
لكن لاعبي جنوب إفريقيا قدموا مباراة تاريخية، ووقفوا الند للند للمنتخب المغربي، وتمكنوا من تسجيل الهدف الأول في الدقيقة 57 عن طريق اللاعب إيفيدينس ماكجوبا، ليركنوا إلى دفاع منظم، معتمدين على الهجمات المرتدة، التي أسفرت عن هدف ثاني عن طريق ضربة خطأ، نفذها ببراعة تيبوهو موكوينا.
وباتت جنوب إفريقيا تشكل مشكلة حقيقية لمنتخب المغرب، فهي الوحيدة التي هزمت المغرب في المنافسات الرسمية بعد مونديال 2022، وحققت عليه انتصارين، واحد في تصفيات أمم أفريقيا والثاني في دور الـ16. كما سبق لها أن أقصت المنتخب ذاته في دور الثمانية خلال نسخة 1998، ومنعته من بلوغ الدور الثاني في نسخة 2002، وحدها نسخة 2019 من شهدت انتصاراً للمنتخب المغربي، مقابل تعادل في نسخة 2004.
اختيارات مثيرة للجدل
أضاع المنتخب المغربي ضربة جزاء عن طريق أشرف حكيمي كانت كفيلة بعودته للمباراة، في الدقيقة 84، كما أضاع بعض الفرص الذي لاحت لمهاجميه، لكنه عموماً لم يخلق فرصاً كثيرة، وفقط محاولتان من كانتا بين العارضة والقائمين، كما لم يستحوذ على اللعب، وكانت النسبة متقاربة مع جنوب إفريقيا.
لكن متابعون كثر انتقدوا بعض اختيارات المدرب وليد الركراكي، خصوصاً إدخاله اللاعب نصير مزواري، في مركز الظهير الأيسر، وهو العائد من إصابة دامت أسابيع، محلّ اللاعب يحيى عطية الله، الذي لعب مباراة زامبيا في دور المجموعات، رغم أن هذا الأخير متعود على الأجواء الإفريقية، وتحديدا ضد نادي صن داونز، الذي أقصاه عطية الله، رفقة الوداد البيضاوي، من نصف نهائي أبطال إفريقيا قبل أشهر.
كما أثارت طريقة لعب المنتخب الكثير من الانتقادات، بعدما منح الكرة لمنتخب جنوب إفريقيا في فترات كثيرة من المباراة، ولم يضغط عليه بقوة في مناطقه للتسجيل. وركز الركراكي، قبل تسجيل جنوب إفريقيا لهدفها الأول، في بناء الكثير من الهجمات، على قطع الكرة من لاعبي وسط وهجوم المنتخب المنافس، بدل إبقاء الضغط ضمن منتصف ملعب هذا الأخير.
الركراكي وصعوبة التحدي
كما شكلت المباراة تحديا كبيراً لوليد الركراكي في طريقة قلب التأخر في النتيجة، إذ كانت ردة فعل المنتخب المغربي متوسطة بعد تلقي الهدف، ولم يهدد بشكل قوي مرمى منتخب جنوب إفريقيا، وهو ما يعاكس طريقة لعب الركراكي في المونديال، بحكم اعتماده بشكل جلي على الدفاع المتقدم وعلى الارتداد الهجومي السريع.
كما أدى عدد من اللاعبين مباراة متواضعة، ومنهم رأس الحربة يوسف النصيري، الذي بقي ينتظر وصول الكرة إليه، وكذلك لاعب الوسط يونس أملاح، الذي أضاع هدفا محققا، وكانت مساهمته الهجومية ضعيفة، كما خيّب اللاعب أمين عدلي التوقعات بأداء متوسط، وهو من لعب محلّ النجم حكيم زياش، الذي أصيب في آخر مباراة.
غير أن كبوة الإقصاء قد تكون مجرد مرحلة سيتجاوزها منتخب المغرب، بحكم أدائه المستقر عموما، وتوفره على لاعبين نجوم في أكثر من مركز، وتعويل الجامعة على اختيارات وليد الركراكي للتأهل لمونديال 2026 وحتى المنافسة على لقب كأس إفريقيا 2025 التي ستنظم في المغرب.
ورفض الركراكي الحديث حول مستقبله مع المنتخب، وقال في الندوة الصحفية بعد المباراة، إنه سيتحدث مع رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم لمناقشة الأمر، مؤكد أنه "يتحمل كامل المسؤولية عن الإقصاء". وكان الركراكي قد وعد سابقاً بأنه سيرحل إذا لم يصل إلى نصف نهائي كأس أفريقيا، ما خلق مخاوف متتبعين من تنفيذ المدرب لوعده مع ما ستكون لذلك من تداعيات مؤثرة على المنتخب.
شمال إفريقيا خارج المنافسات
غير أنه ليس المنتخب المغربي، وحده بين الكبار، من أخفق مبكراً في هذه النسخة. فقبله بيوم، خرج منتخب السنغال، حامل اللقب، من الدور ذاته أمام صاحب الأرض كوت ديفوار رغم الظروف الصعبة التي عاشها هذا الأخير.
كما خرج المنتخب المصري، وصيف بطل النسخة الماضية، وخرجت الكاميرون، وكذلك غينيا الاستوائية الذي قدّمت أداء باهراً في دور المجموعات، وخرجت كذلك منتخبات الجزائر وغانا وتونس في الدور الأول.
وفي حالة نادرة، سوف تُلعب مباريات دور الثمانية دون أيّ منتخب من شمال إفريقيا، ما يبين صعوبة المنافسات الإفريقية، والتطور الكبير الذي وصلت إليه منتخبات في وسط وجنوب وغرب القارة، مقابل تراجع مستويات الجزائر وتونس ومصر تحديدا، إذ غادرت المنافسات دون تحقيق أيّ فوز، مع ضرورة الإشارة إلى المفاجأة الإيجابية لمنتخب موريتانيا الذي قدم نسخة ممتازة.
ولم يعد مستبعدا أن يفوز منتخب جديد بكأس أفريقيا لهذا العام، وبين الكبار المرشحين، لم يبق حاليا سوى الكوت ديفوار ونيجيريا، لكن حظوظ منتخبات أخرى قائمة كالرأس الأخضر ومالي، وأكدت المنافسات أن نجومية اللاعبين لا تعني الكثير، وإلا فمنتخبات كجنوب إفريقيا وأنغولا كانت لتقصى مبكراً.