إعدام شارمهد.. غضب في ألمانيا ودعوة لتشديد العقوبات ضد إيران
٢٩ أكتوبر ٢٠٢٤أدان مسؤولون وساسة بارزون في ألمانيا إعدام المواطن الألماني الأمريكي جمشيد شارمهد في إيران هذا الأسبوع، فيما أدانت ابنته غزال بشدة الحكومتين الألمانية والأمريكية لعدم بذلهما جهدا كافيا لإطلاق سراحه.
وكتب المستشار الألماني أولاف شولتس في تغريدة على على موقع إكس "إن إعدام جمشيد شارمهد من قبل النظام الإيراني فضيحة أدينها بأشد العبارات. لم يمنح جمشيد شارمهد حتى الفرصة للدفاع عن نفسه ضد التهم الموجهة إليه خلال المحاكمة. لقد وقفت الحكومة الألمانية مرارا وتكرارا إلى جانب السيد شارمهد. أتقدم بخالص التعازي لعائلته".
كذلك أدانت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك إعدام جمشيد، مؤكدة في تغريدة على موقع إكس أن وزارتها "دافعت بلا كلل عن جمشيد شارمهد وأرسلت فريقا رفيع المستوى من (وزارة الخارجية) إلى طهران مرات عديدة. وأوضحنا مرارا وبكل وضوح لطهران أن إعدام مواطن ألماني ستكون له عواقب وخيمة".
لكن رد فعل غزال شارمهد كان غاضبا، وقالت ابنته شارمهد في تغريدة على موقع إكس إنها ستتحدث مع ممثلي الحكومتين الألمانية والأمريكية. وأضافت "سنرى في غضون ساعات قليلة إذا كانت هاتان الحكومتان غير الكفؤتين والفاسدتين تستطيعان أن تخبراني الليلة: ماذا فعلتا (الولايات المتحدة وألمانيا) خلال 4 سنوات عندما اختطف مواطنهما الألماني الأمريكي في دبي وتم نقله إلىإيران بالقوة؟ إلى جانب التخلي عنه في كل المفاوضات بشأن الرهائن، ما الذي لديهما لإظهاره؟".
وقالت وزارة الخارجية الألمانية في بيان لها إن بيربوك تحدثت مع غزال شارمهد مساء الاثنين (28 تشرين الأول/ أكتوبر 2024) لتقديم التعازي لها، وأن الوزارة ستدعم جهودها لإحضار جثمان والدها إلى ألمانيا.
اختطاف جمشيد في دبي
يُعتقد أن قوات الأمن الإيرانية قد اختطفت جمشيد شارمهد (69 عاما) عام 2020 في دبي ونقلته إلى إيران عبر عُمان. وحكمت عليه محكمة إيرانية بالإعدام في أوائل عام 2023 بتهمة "إشاعة الفساد في الأرض" وتورطه في تفجير إرهابي مزعوم في شيراز عام 2008.
لكن شارمهد، الذي انتقل للعيش في الولايات المتحدة عام 2003، نفى أي تورط له في التفجير، ويعتقد أن اعترافاته في الفيديو الذي نشرته الحكومة الإيرانية قد انتزعت منه بالقوة.
ووصفت منظمة العفو الدولية محاكمته بأنها "غير عادلة بشكل فاضح"، قائلة إنه حرم من حق الدفاع المستقل عن نفسه. وقالت المنظمة إن شارمهد استُهدف لأنه أنشأ موقعا على الإنترنت لمجموعة معارضة تدعو إلى إنهاء الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ويعتقد أن شارمهد قد تعرض لانتهاكات جسيمة خلال السنوات الثلاث التي قضاها في أحد السجون الإيرانية. وفي مؤتمر صحفي عقدته ابنته غزال في برلين العام الماضي، تحدثت عن مكالمات هاتفية قصيرة أجرتها مع والدها قبل عامين، قال خلالها إنه تعرض للتعذيب، وأنه فقد كل أسنانه باستثناء اثنين، ولم يتلق الأدوية لعلاج مرض باركنسون الذي يعاني منه، ما أدى إلى آلام شديدة في صدره وأطرافه.
زعيم المعارضة الألمانية يطالب برد صارم
وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك لم توضح بعد ما هي "العواقب الوخيمة" التي ستواجهها إيران بعد إعدامها شارمهد، لكن زعيم المعارضة الألمانية فريدريش ميرتس ، رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، طالب الحكومة باتخاذ تدابير صارمة تجاه إيران.
وأكد ميرتس في تغريدة على موقع إكس، أن على ألمانيا الآن دفع الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات أقوى على إيران وخفض التمثيل الدبلوماسي للبلاد إلى مستوى "قائم بالأعمال"، بدلاً من سفير.
لكن وزارة الخارجية الألمانية أوضحت في بيانها أنه حاليا ليس لإيران سفير معتمد في برلين، وأن القائم بالأعمال يتولى مؤقتا رئاسة السفارة. وتم استدعاء السفير السابق في يوليو/ تموز، ولم يتم إرسال خلف له حتى الآن. وقالت الوزارة إن القائم بالأعمال الإيراني تم استدعاؤه إلى الوزارة صباح الثلاثاء (29 تشرين الأول/ أكتوبر 2024).
وفي وقت لاحق قالت الخارجية الألمانية إنها استدعت سفيرها لدى إيران "للتشاور" بسبب إعدام شارمهد ، بعد أن قدم السفير للخارجية الإيرانية "احتجاجنا الشديد على أفعال النظام الإيراني".
من جانبها استدعت وزارة الخارجية الإيرانية سفير ألمانيا في طهران "احتجاجا على الموقف التدخلي لبعض المسؤولين الألمان بشأن القضاء في جمهورية إيران الإسلامية، استدعي السفير الألماني".
النظام الإيراني "تجاوز خطا أحمر آخر"
وقالت لمياء قدور، المتحدثة باسم حزب الخضر الذي تنتمي إليه بيربوك، إن الرد سيكون قويا. وأضافت في تصريح لـ DW عبر البريد الإلكتروني: "بهذا، تجاوز النظام خطا أحمر آخر لا ينبغي أن يمر دون رد". وتابعت قدرو "سوف نناقش التدابير المتاحة على مستوى الاتحاد الأوروبي، ولكن أيضا على المستوى الداخلي (الألماني)، لمواجهة انتهاكات إيران لحقوق الإنسان، والسياسة الإقليمية العدوانية والقمع العابر للحدود في جميع أنحاء أوروبا".
وقد تراجعت العلاقات الألمانية الإيرانية في السنوات الأخيرة، مع دخول العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ. وكان البرنامج النووي الإيراني حجر عثرة رئيسي. وكانت ألمانيا إحدى الدول الموقعة على الاتفاق النووي مع إيران عام 2015.
وأكدت الأمم المتحدة بعد التوقيع على الاتفاق بأن إيران ملتزمة ببنوده، وتم تخفيف العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في وقت لاحق. لكن الاتفاق، الذي عارضته إسرائيل والحزب الجمهوري الأمريكي بشدة، انهار فعليا عام 2018 عندما انسحبت الولايات المتحدة منه في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.
وبدأت إيران عام 2019 بانتهاك بنود الاتفاق، فزادت مرة أخرى إنتاجها من اليورانيوم المخصب، مما أدى إلى فرض عقوبات عليها من قبل الاتحاد الأوروبي.
وتشير الإحصاءات الرسمية للحكومة الألمانية إلى أن الصادرات الألمانية إلى إيران قد تراجعت نتيحه تلك العقوبات إلى 1,2 مليار يورو في عام 2023، بانخفاض نسبته 24 بالمائة عن العام السابق، في حين تراجعت الواردات الإيرانية بنسبة 18 بالمائة إلى 244 مليون يورو. وإن إعدام شارمهد يزيد من الضغوط على الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات أكثر صرامة على إيران.
أعده للعربية: عارف جابو