إسلاميو مصر منقسمون حتى حول ضرب مواقع "داعش"
٢٠ فبراير ٢٠١٥رغم إدانة كل الأحزاب الإسلامية في مصر قتل 21 عاملا مصريا مسيحيا ذبحا من قبل تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف إعلاميا بـ"داعش"، فإن مواقفها تباينت تجاه التدخل العسكري المصري المباشر في ليبيا. فعقب بث فيديو الذبح بعدة ساعات وجهت مصر فجر يوم الاثنين الماضي ضربة جوية مركزة ضد أهداف تابعة لداعش في ليبيا، فيما حذر الرئيس عبد الفتاح السيسي من أن مصر سترد على أي تهديدات لأمنها من جانب المتشددين، وذلك أثناء تفقده المنطقة الحدودية مع ليبيا.
وكعادة أجواء الانقسام في مصر جراء أي موقف للدولة، فإن المعارضين للتدخل العسكري في ليبيا تساءلوا عن مصير مئات الآلاف المصريين العاملين هناك، بعد الضربات الجوية وما إن كانت مثل هذه الخطوات قد تعرضهم للخطر. المؤيدون للسيسي يتحدثون عن أن النظام –بخبرته العسكرية- "يعرف أكثر من الأحزاب السياسية".
أما الإخوان فيعتبرون التدخل في ليبيا بمثابة "هروب من الفشل داخليا عبر اصطناع معارك خارجية"، حسب أحمد رامي القيادي بجماعة الإخوان، مضيفا أن التحالف الدولي يقصف "داعش" منذ شهور ولم ينتج عن ذلك تغييرا ملموسا على الأرض، مثلما يحدث في سيناء "فضلا عن أن جعل حدودنا كلها ملتهبة في غزة وليبيا أمرا ليس بالصحيح فضلا عما يدور قرب باب المندب في اليمن".
ويقول رامي في حوار مع DW عربية "في ذات الوقت الذي نحزن فيه لمقتل الـ 21 مصريا فإننا وبذات الدرجة قلقون على مصير ما يقارب المليون ونصف مصري هناك أثناء هذا القصف الذي لم يراعي واجب الدولة الذي يقتضي حال الأقدام على مثل هذا الإجراء (بفرض صحته) أن يتم إجلاؤهم".
ويشير إلى أنه كان من الأولى أن يكون هناك تحرك سياسي عند بداية الأزمة لتجنب ما آلت إليه الأمور، على غرار ما حدث في تركيا، بل وفي مصر في عهد مرسي، أو حتى التحرك العسكري المبكر". ويشير إلى أنه كان من الممكن أن ينتج عنه تحرير هؤلاء الضحايا طالما أن "القوات الجوية لديها مواقع الجماعات التي قامت بهذه الفعلة بدليل أنه تم قصف أماكنها خلال ساعات من بث الفيلم الذي أظهر إعدام المصريين".
النور: "القرار للقيادة"
في المقابل أكد رئيس حزب النور يونس مخيون أنه يجب أن نترك للقيادة السياسية اتخاذ القرار المناسب بشأن ما حدث في ليبيا. وقال مخيون في بيان أصدره عقب بث فيديو ذبح المصريين "لا يجب الضغط على القيادة السياسية للقيام بعمل في تجاه معين لأن المسؤول قراره لا يكون كقرار الفرد العادي باعتبار أنه يتحمل مسؤولية شعب بأكمله".
وحول موقف الحزب بعد الضربات الجوية المصرية في داخل ليبيا قال الدكتور شعبان عبد العليم عضو المجلس الرئاسي لحزب النور في تصريح لـ DW عربية "إن هذه الضربات جاءت بالتأكيد بناءا على معلومات من الأمن الوطني والقوات المسلحة.. هم لديهم معلومات ليست متاحة للأحزاب السياسية".
الوطن: "النظام يريد دعم حفتر"
أما حزب الوطن –المنشق عن حزب النور- وكان أحد أحزاب ما يسمى بـ"التحالف الوطني لدعم الشرعية، فإنه هاجم عدم جدية التعامل مع خطف المصريين طوال أكثر من 45 يوما. وقال الدكتور يسري حماد نائب رئيس حزب الوطن لـDW عربية إن "نظام السيسي لم يفكر في أي حلول دبلوماسية، خاصة أن أسرهم أعلن منذ 45 يوما، وكأنه كان ينتظر قتلهم، ليتخذها ذريعة للتدخل العسكري ووصم كل ثوار ليبيا بالتطرف، والانتماء لداعش". كما أشار إلى أنها نية " لإخراج المساعدات العسكرية لحفتر إلى العلن بعد أن كان ينكرها ويخفيها، بالرغم من أن حفتر متهم بالخروج عن الدولة الليبية وقتل المدنيين وقصف المطارات المدنية كما حدث لمطار طرابلس".
يشاركه الرأي أحمد إمام المتحدث باسم حزب "مصر القوية"، مطالبا الدولة بالإجابة على بعض الأسئلة أهمها "هل تم حساب تأثير الضربات الجوية في خلال 6 ساعات فقط؟، وهل تم تأثيرها على المصريين العاملين هناك؟". وأشار في حديثه لـDW عربية إلى أنهم (مصر القوية) يرون أن العلاقة مع الجيران يجب أن تكون عن طريق السياسة الناعمة وتجميع الفرقاء والحل السياسي لأن الحل العسكري لا يخدم الأزمة الليبية ولا حتى السياسة المصرية. واقترح إمام حلا بأنه "من الممكن أن تتعاون مصر مع طرفي الأزمة المتصارعين في ليبيا من أجل تجفيف منابع الإرهاب".
تهدئة الأجواء الداخلية وحسم المعركة الليبية
ويحلل سامح راشد الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية مواقف الإسلاميين قائلا "الإسلاميون ليسوا كيانا واحدا فالإخوان والأحزاب الإسلامية الذين شكلوا "التحالف الوطني لدعم الشرعية" عقب عزل مرسي من منصبه كرئيس للجمهورية في 3 تموز/ يوليو 2013 يرون أن السيسي حاكم مغتصب للسلطة وكل مواقفه يرفضونها حتى ولو كانت صحيحة، في المقابل فإن حزب النور والجماعات الصوفية يؤيدون نظام السيسي بشكل مفتوح وليست لديهم رؤية واضحة محددة لكل موضوع وهم يرون أن السيسي "حاكم متغلب يفعل ما يراه في صالح الأمة".
وحول رؤيته للتدخل العسكري المصري المباشر في ليبيا قال " التدخل المصري ليس ردا على عملية قتل المصريين ولكنه أتى في سياق مسارين، أحدهما مسار داخلي يتعلق بتهدئة الأجواء الداخلية المحتقنة في أوساط مختلفة في الشارع المصري، واستعادة بعض الشعبية للسيسي"، وأما المسار الثاني فإن "التدخل أتى في سياق رؤية مصر للوضع في ليبيا وحسم عدم سيطرة الإسلاميين على الحكم هناك في ظل فشل حفتر وعجزه عن إحكام السيطرة وإلحاق هزيمة جذرية بفجر ليبيا".
وأضاف أن الدليل على ذلك هو "قتل 7 مصريين منذ نحو شهرين في ليبيا داخل بيوتهم، واختطاف مصريين آخرين ولم تتحرك مصر، فالموضوع ليس جديدا، أما الجديد فهو التحرك المصري".