إسدال الستار رسمياً على حرب العراق
١٥ ديسمبر ٢٠١١تغلق القوات الامريكية مركزها الرئيسي في بغداد اليوم الخميس ( 15 ديسمبر/كانون)، لتسدل بذلك الستار على تسعة اعوام من حرب لم تتوقف منذ اجتياح البلاد عام 2003 لاسقاط نظام صدام حسين. ويمثل الاحتفال الذي أقيم بهذه المناسبة اليوم الفصل الاخير في قصة دامية بدأت باقتناع الولايات المتحدة بأن اسقاطها لنظام صدام حسين سيجعلها تفوز تلقائيا بقلوب وعقول العراقيين، الا ان القصة اتخذت منحى مختلفا عندما قتل عشرات آلاف العراقيين وأكثر من اربعة آلاف جندي امريكي.
وأقيم في مطار بغداد الدولي اليوم الحفل الختامي لانسحاب القوات الأمريكية من البلاد. ويمثل الحفل الذي تخلله إنزال العلم الأمريكي ورفع العلم العراقي خطوة أخيرة في مسار الانسحاب العسكري الأمريكي الكامل.
وستنسحب آخر دفعة من القوات الأمريكية وقوامها 4000 جندي من العراق بحلول نهاية العام تاركة البلاد في مواجهة تمرد مستمر وتوترات طائفية وتشوش سياسي، في حين يبقى نحو 150 جندياً أمريكياً فقط ملحقين بالسفارة الأمريكية، وسيتولى متعاقدون مدنيون مهمة تدريب القوات العراقية على المعدات العسكرية الأمريكية.
وقال وزير الدفاع الأمريكي، بانيتا خلال مراسم إنزال العلم: "بعد إراقة دماء الكثير من العراقيين والأمريكيين أصبحت مهمة إقامة عراق قادر على حكم وتأمين نفسه بنفسه أمرا واقعا." واعتبر أن "القوات الأمنية العراقية قادرة على مواجهة أي تهديد إرهابي"، مشيرا إلى أنه "في الفترة المقبلة سيكون العراق مسؤولا عن أمنه ومستقبله".
وشارك في الاحتفال قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال لويد اوستن، والسفير الأمريكي في العراق جيمس جيفري، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال مارتن ديمبسي، وقائد المنطقة الوسطى الجنرال جيمس ماتيس، ورئيس هيئة الأركان العراقية المشتركة الفريق بابكير زيباري والمتحدث باسم وزارة الدفاع العراقية اللواء محمد العسكري، إضافة إلى حوالي 160 من الجنود الأمريكي.
تحديات كبيرة أمام العراق بعد انسحاب القوات الأمريكية
وقال السارجنت لون بينيش وهو يحزم متعلقاته بعد انتهاء مهمته في العراق: "هل كان الأمر يستحق؟ أنا متأكد أنه كان كذلك. عندما جئنا لأول مرة هنا كان الشعب العراقي يبدو سعيدا برؤيتنا... أتمنى أن نكون بصدد ان نترك وراءنا بلدا يقول 'نحن الآن أفضل حالا مما كنا عليه من قبل'."
يذكر أن نحو 4500 جندي أمريكي وعشرات الآلاف من العراقيين فقدوا أرواحهم في حرب بدأت بحملة "الصدمة والرعب" من قصف بغداد بالصواريخ والقنابل وتحولت لاحقا إلى صراع طائفي دموي بين الأغلبية الشيعية التي ظلت مقموعة لزمن طويل والسنة الذين كانت لهم اليد العليا سابقا في البلاد.
لكن انسحاب القوات الأمريكية يترك العراق أمام عشرات التحديات، من تمرد مستمر وسياسة هشة إلى اقتصاد يعتمد أساسا على النفط ويعاني من انقطاع الكهرباء والفساد. وفي الفلوجة، المعقل السابق للتمرد الذي كان يقوده تنظيم القاعدة والتي شهدت بعضا من أسوأ معارك الحرب، احتفل عدة آلاف من العراقيين بالانسحاب أمس الأربعاء وأحرق بعضهم الأعلام الأمريكية ورفعوا صور أقاربهم القتلى.
وترقب الدول المجاورة للعراق عن كثب كيف ستواجه بغداد مشكلاتها بدون وجود عسكري أمريكي كان يقوم بدور المنطقة العازلة في الوقت الذي تهدد فيه الأزمة في سوريا المجاورة بإحداث هزة في التوازن الطائفي والعرقي بالمنطقة. وإن كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد أبلغ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بأن واشنطن ستظل شريكا مخلصا بعد انسحاب آخر جندي أمريكي.
من جانبها ترى القيادة الشيعية في العراق الانسحاب كبداية جديدة لسيادة البلاد، لكن الكثير من العراقيين يتساءلون عن الاتجاه الذي ستأخذه البلاد بمجرد مغادرة القوات الأمريكية.
ويخشى البعض اندلاع المزيد من الصراع الطائفي أو عودة تنظيم القاعدة ليعيث خرابا في المدن. كما أن خلافا بين الأكراد في منطقة كردستان العراق والحكومة المركزية في بغداد حول أراض متنازع عليها والنفط يمثل نقطة توتر أخرى.
(س.ك/أ.ف.ب، رويترز، د.ب.أ)
مراجعة: عبده جميل المخلافي