أوسكار لافونتين: سياسي مشاكس يميل إلى الشعبوية
٢٠ يوليو ٢٠٠٥يعد أوسكار لافونتين الرئيس السابق للحزب الديمقراطي الاشتراكي سياسياً بالفطرة، إعلامياً، متفاخراً بذاته ولا يتردد في أن يشهر الحجج الأكثر شعبوية من أجل التلاعب بعواطف الناخبين، فهو متحدث بليغ يستطيع توظيف مخاوف الشعب واجتذاب مقاصده. ولكن حتى في قلب حزب الاشتراكية الديمقراطية (الحزب الشيوعي السابق في ألمانيا الشرقية) PDS لا ينسى أكثر الناس إخلاصاً لخطه السياسي بعض زلاته اللفظية مثل تعبير "العمال الأجانب" الذي استخدمه واستخدمه من قبله النازيون للتعبير عن الأجانب الذين عملوا بالسخرة.
وحتى في قلب حزبه الجديد "البديل من أجل العمل والعدالة الاجتماعية" أو الـWASG والمكون من العديد من النقابات العمالية والاشتراكيين الديمقراطيين المحبطين وبعض العاطلين عن العمل، يلاقي لافونتين بعض الاعتراضات، ففي رأي البعض لم يشارك لافونتين في الدفاع عن حقوق العاطلين عن العمل عندما كانوا يتظاهرون. وهم يجدونه قد انضم للحزب بعد أن تكون ويحاول الآن فرض سيطرته عليه.
تاريخ سياسي طويل
ولد أوسكار لافونتين في 16 سبتمبر/أيلول عام 1943، وهو أخ توأم لأبيه الخباز هانز لافنتين وأمه السيدة كاتارينا. ولقي أبيه حتفه في الحرب العالمية الثانية، تاركاً لأمه عناء تربيته. ومنذ أيام دراسته اهتم لافونتين بالسياسة، فانضم إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي في عام 1966. وكان عضواً نشطاً في منظمة "الشبيبة الاشتراكيين" التابعة للحزب. وفي عام 1969 أصبح عضواً في مجلس البلدية في مدينة ساربروكن "Saarbrücken". ومن عام 1970-1975 انتدبه الحزب الاشتركي الديمقراطي ليمثله في البرلمان المحلي في ولاية سارلاند "Saarland" وكان في الوقت نفسه رئيساً للحزب في مدينة ساربروكن. وانتقل من هذا الموقع ليشغل موقع رئيس بلدية مدينة ساربروكن.بعدها وفي عام 1977 وحتى عام 1996 شغل لافونتين موقع رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي لولاية السارلاند، وسعى في هذا الوقت إلى القيام بتحالف حكومي مع الحزب الديمقراطي الحر FDP ولكن دون جدوى. وكان أثناء ذلك عضواً في مجلس إدارة الحزب على مستوى الدولة.
وفي عام 1985 حقق الحزب الاشتراكي الديمقراطي أغلبية مطلقة في انتخابات البرلمان الإقليمي تحت قيادة لافونتين. وفي التاسع من أبريل من هذا العام أصبح لافونتين رئيس الوزراء في سارلاند. وفي عام 1998 كلفه مرشح الحزب الديمقراطي الإشتراكي لمنصب المستشارية جرهارد شرودر بتبني مهام الجانب الاقتصادي والسياسة الأوروبية، وعند فوزه عين لافونتين وزيراً للمالية،وانتقد بشدة سياسة البنك المركزي الألماني النقدية وسعى إلى تغييرها. وفي 11 مارس/أذار 1999 أعلن لافونتين استقالته دون إبداء أسباب ليعلن بعد أيام عن دوافعه التي تمثلت بـ"غياب روح العمل الجماعي في حكومة شرودر". ولكن في أكتوبر ومع صدور كتابه "القلب ينبض في جانبه الأيسر" بدا التحول في موقفه السياسي واضحاً وانتقده الكثيرون من داخل ومن خارج حزبه الاشتراكي الديمقراطي السابق نظراً لتهربه من مسؤوليته السياسية.
التحالف اليساري الجديد
في نهاية شهر مايو/أيار من هذا العام، ترك لافونتين الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وانضم إلى الحزب الجديد الذي يحمل اسم "البديل من أجل العمل والعدالة الاجتماعية" . وتحالف هذا الحزب الوليد مع حزب الاشتراكية الديمقراطية (الحزب الشيوعي السابق في ألمانيا الشرقية) وعلى رأسه جريجور جيزي. وسمي هذا التحالف بالتحالف اليساري. وٍبالرغم من شخصيته المثيرة للجدل، فإن أوسكار لافونتين هو الوحيد القادر على السيطرة على أصوات المعارضين لسياسية المستشار الإصلاحية. فمنذ استقالته المفاجئة من مهامه كوزير للمالية ورئيس للحزب الاشتراكي الديمقراطي في عام 1999 فقد كثيراً من مصداقيته السياسية، ولكنه ومع ذلك استطاع صياغة الخطاب السياسي الذي يحب اليساريون سماعه:"نحن وحدنا ضد الجميع."، ضد الحزب الاشتراكي الديمقراطي وضد مؤسسة صناعة القرار السياسي الألماني .
فحتى وإن كانت كتبه تباع بشكل كبير، ووسائل الإعلام تستضيفه بشكل مستمر، فهو يعتبر في الوقت الحالي خاسر مثلهم.
ويرى أخصائي العلوم السياسية والمتخصص في تحليل الأحزاب، كلاوس ديتربك أن أمام التحالف اليساري الجديد فرصة كبيرة للفوز في الانتخابات، ولكنه يعتبر فرص بقاءه على المدى البعيد ضئيلة. فالحزبان في رأيه غير متجانسين سواء من الناحية الإدارية أو من ناحية أهدافهما . فحزب الاشتراكية الديمقراطية (الحزب الشيوعي السابق في ألمانيا الشرقية) قائم على نظام الكوادر من أيام النظام الاشتراكي في ألمانيا الشرقية سابقاً، وحزب "البديل من أجل العمل والعدالة الاجتماعية" قائم على نظام النقابات، وهذان النظامان غير متجانسين. فكل ما يجمع الحزبان اليوم هو رفضهما للإصلاحات الاجتماعية الحالية ولكن اتفاقهما لن يدوم طويلاً كما يرى خبير الأحزاب.