أوروبا تنتظر الكهرباء من الصحراء.. هل فشل مشروع "ديزيرتك"؟
٢٣ مايو ٢٠٢٢قبل حوالي عشرين عاما، أشارت دراسات علمية إلى أن نقل الطاقة التي يتم توليدها من الطاقة الشمسيةفي صحراء أفريقيا إلى أوروبا، ممكن من الناحية التقنية.
انضمت شركات طاقة كبيرة ولاسيما من ألمانيا إلى مشروع شركة "ديزيرتك" للتعاون في تنفيذ خططه الطموحة لتوليد الطاقة النظيفة. ولكن حتى الآن لم يترجم شيء على الأرض، ولم تصل الكهرباء من الصحراء إلى أوروبا، بالرغم من الاستمرار في بناء المزيد من محطات الطاقة الشمية في صحارى أفريقيا والشرق الأوسط.
فبالقرب من مدينة سكاكا في منطقة الجوف، الحارة جدا، في جنوب السعودية، افتتح وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، محطة ضخمة للطاقة الشمسية، حيث الألواح الشمسية تمتد على مدى النظر وتغطي مساحة 6 كيلومترات مربعة. تبلغ طاقة هذه المحطة التي تعتمد على التكنولوجيا الكهروضوئية 300 ميغاواط، بما يكفي لتزويد 75 ألف منزل بالطاقة الكهربائية. ومحطة سكاكا هي واحدة من سلسلة محطات أخرى للطاقة الشمسية في السعودية، حيث من المقرر بناء سبع محطات أخرى، حسب ما أعلنه وزير الطاقة لدى افتتاح محطة سكاكا.
التعويل على الطاقة الشمسية
يزداد انتشار توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وخاصة في مصر والمغرب وعمان والسعودية، حيث المشاريع الكبرى. ويقول الهولندي باول فان سون، رئيس مجلس الإشراف فيشركة "ديزيرت إنرجي" التي مقرها دبي، "الطاقة المتجددة هي مستقبل المنطقة" والمشاريع في هذا المجال كثيرة جدا.
فان سون الذي كان مرافقا ومشاركا في تأسيس مشروع "ديزيرتك" منذ البداية، لا يرى أنه قد فشل، لكن كانت هناك أخطاء منذ ولادة المشروع عام 2008 "فقبل حوالي 14 عاما كان هناك تركيز شديد على توليد الكهرباء من أجلنا في أوروبا أو في ألمانيا"، يقول فان سون لإذاعة جنوب غرب ألمانيا "SWR" منتقدا المشروع.
مشروع من العهد الاستعماري؟
في دول مثل مصر والمغرب، لم تلق فكرة المشروع الترحيب، وبالتحديد بناء محطات الطاقة الشمسية على أراضيها وتوليد كهرباء منها لنقلها إلى أوروبا، دون الاستفادة منها رغم حاجة تلك البلدان الملحة للكهرباء، فدول مثل مصر والمغرب تشكوا من نقص الطاقة وانقطاع التيار الكهربائي باستمرار. ومن هنا بدا مشروع ديزيرتك لبعض المنتقدين، وكأنه مشروع استعماري!
والآن لإعادة إحياء مشروع ديزيرتك، ينبغي تغيير خطته ووضع استراتيجية جديدة للمشروع، "إذ لا يمكن التصدير من منطقة غير جاهزة لذلك"، يقول فان سون، ويضيف لـ SWR "يجب عليك الاهتمام أولا بجاهزية إمدادات الطاقة محليا، وأن يكون مزيج الطاقة خاليا من الانبعاثات. وبعد ذلك سيحين الوقت للقول: لدينا فائض من الطاقة في المنطقة ويمكن تصديرها".
ويشير فان سون في حواره مع الإذاعة الألمانية إلى أن محطات توليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح تنتشر في المغرب والجزائر ومصر، وهناك الكثير من المشاريع في هذا المجال، وشركة "ديزيرت إنرجي" التي يشرف فان سون على مجلسها لا تشارك في تلك المشاريع كمستثمر، وإنما تقدم المشورة والمساعدة لتنفيذ المشاريع، ويضيف موضحا دور الشركة "إننا ندفع المشاريع إلى الأمام أو نحث الحكومات على تسريع كامل عملية التحول (إلى الطاقة المتجددة)".
طاقة دائمة وزهيدة جدا
النفط محدود وسينضب في وقت ما، لكن الشمس دائمة. وتكاليف توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية قليلة جدا وخاصة في الصحراء. وقد أشار وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، إلى سعر عالمي قياسي للطاقة التي يتم توليدها في محطة سكاكا، إذ أن "انتاج كيلوواط ساعة من الكهرباء في المحطة يكلف 1,04 دولار. أنا وإخواني في قطاع الطاقة نقول للعالم: نحن الأرخص، نحن الأكفأ ونحن نقدر أن نكون وطنا للطاقة"، يقول الوزير السعودي.
كلام الوزير يدل على ثقة بالنفس، "فقد استوعبت السعودية بشكل جيد، أن هذا التحول في مجال الطاقة، هو مستقبل المملكة"، يقول فان سون. فالتحول في مجال الطاقة بالنسبة للدول العربية يعني تصدير الطاقة مستقبلا أيضا بعد أفول عصر النفط والطاقة الأحفورية. وتريد السعودية الاستفادة قريبا من الطاقة الشمسية في إنتاج الهيدروجين وتصديره إلى أوروبا.
ولذلك فإن أهداف مشروع ديزيرتك يمكن تحقيقها، ويمكن لألمانيا أن تؤمن حاجتها ونهمها للطاقة بالكهرباء القادمة من الصحراء.
توماس بورمان/ عارف جابو