المغرب يحبط خطط أوروبا للاستفادة من طاقة الصحراء
١٤ مايو ٢٠١٣في مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي عمت بهجة كبيرة، إذ كان المدير التنفيذي لمبادرة الطاقة الشمسية لمشروع ديزرتيك باول فون زون يأمل في التوقيع على بيان إعلان نوايا، أرادت المغرب أن تبرمه مع مجموعة من الدول الأوروبية لتنظيم بناء مشروع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتنظيم توريد الطاقة الخضراء لأوروبا.
وقال فون زون متحمساً في المؤتمر السنوي لمبادرة ديزرتيك الصناعية، الذي عُقد في العاصمة الألمانية برلين نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي: "ستكون أول اتفاقية بين حكومات أوروبية وأخرى من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تنظم نقل الطاقة الكهربائية من مصادر متجددة عبر حدود هذه الدول". وربما كان الأمر سيعد أهم نجاح لديزرتيك، المشروع الطموح لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في الصحراء، لكن بيان النوايا هذا لم يتحقق.
نكسة لأوروبا
وعوضاً عن ذلك أعطى الملك المغربي محمد السادس الجمعة الماضية (10 آيار/ مايو 2013) إشارة البدء لبناء محطة إنتاج الطاقة الشمسية في مدينة ورزازات، التي تعد بداية مشروع ضخم من خمس محطات. لكن الأوروبيين ليس لهم أي دور في هذا المشروع المغربي، الذي سيمكن المغرب من تقليص تبعيته في مجال الطاقة ويسد حاجته منها فقط، ما يجعل المملكة أحد أهم منتجي الطاقة النظيفة بحلول عام 2020.
وبات الدور الأوروبي يقتصر على المشاركة في تمويل المشروع الجديد فقط، إذ تساهم الحكومة الألمانية في تمويل مشروع ورزازات بمبلغ قدره 115 مليون يورو؛ بذلك تقدم الوزارة الاتحادية للبيئة وحماية الطبيعة وسلامة المفاعلات بالتعاون مع الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية دعماً للمغرب لتنفيذ مشروع الطاقة الشمسية المغربي وتجنب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المقدرة بـ230 ألف طن في العام.
دعم ألماني
وتدعم ألمانيا المغرب منذ 30 عاماً في قطاع الطاقة، وتُعد بمثابة الطرف الدافع والمحفز في مجال الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة. وترى المغرب أن التحول الألماني في الطاقة أمر مشجع لإستراتيجية الطاقة لديها والتي ترمي إلى استثمارات عالية في الطاقات المتجددة.
وتقدم وزارة البيئة الاتحادية في إطار المبادرة الدولية لحماية المناخ إسهاماً يقدر بـ 15 مليون يورو للوكالة المغربية للطاقة الشمسية كمساهمة رأس مال، وتتم هذه المخصصات عن طريق بنك التعمير والتنمية الألماني. أما الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية فتقدم قرضاً منخفض الفائدة قدره 100 مليون يورو، وذلك في إطار "مبادرة حماية المناخ والبيئة".
بهذا الإسهام تُعتبر ألمانيا أهم شريك أوروبي للمغرب في تحقيق مشروع الطاقة الشمسية ورزازات1. ومن مميزات مشروع الطاقة الشمسية ذلك انخفاض اعتماد المغرب على استيراد الطاقات الأحفورية. كما أن الطاقة الشمسية تُعد سوق المستقبل الذي يمثل أهمية كبيرة لدول مثل المغرب. وبحسب الخطط الراهنة فإن المغرب قد تصدر الطاقة إلى الدول الأوروبية ربما بعد اكتمال المرحلة الثانية من المشروع، كما أعلن المصرف الألماني.
ولم يعد أحد يتحدث عن حلم مشروع ديزرتيك، الذي كان يهدف إلى تغطية خمس حاجة أوروبا من التيار الكهربائي من خلال مصادر نظيفة للطاقة في شمال إفريقيا. عن ذلك يقول كلاوس شميدكته من مبادرة الطاقة الشمسية لمشروع ديزرتيك: "فكرة ديزرتيك تتعلق في وجود كم هائل من الطاقة في الصحارى، يمكن للدول التي تعاني نقصاً في الطاقة الكهربائية أن تستفيد منها". وبحسب شميدكته كان واضحاً من البداية أن هذه الدول هي دول منطقة شمال إفريقيا نفسها.
ويغطي المغرب بالفعل 20 بالمائة من احتياجاته للطاقة من خلال الاستيراد. والمغرب ليس وحدة من يعاني نقصاً في الطاقة الكهربائية، فمن الواضح أن دول شمال إفريقيا تطمح إلى تحقيق اكتفائها من الطاقة كمرحلة أولى، لكن حاجة هذه الدول آخذة في الاتساع بسبب نمو اقتصادياتها.
تراجع عدد الشركاء
ويبلغ عدد الشركات التي ما تزل تقف خلف مشروع ديزرتيك، عشرين شركة، ومنها مصرف دويتشه بنك وشركتا الطاقة أيون وأر في أيه أو وكالة إعادة التأمين أر أيه. لكن نهاية العام الماضي انسحبت شركتان كبيرتان من المشروع، وهما سيمنيس وبوش الألمانيتان. وبات الأمر أكثر سوءا من جانب الشركاء، إذ لم يتبق منهم سوى 18 شركة، عليها أن تدفع 75 ألف يورو سنوياً لهذه الشراكة. يُذكر أن عددهم كان يبلغ في البدء 35.
معالم واضحة
ويرى الخبراء أن الحاجة حاجة أوروبا من الطاقة الكهربائية من شمال إفريقيا ستكون على أشدها مع المرحلة الثانية من المشروع، خصوصاً وأن التوسع في استغلال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في ألمانيا مثلاً بدأ يشهد قفزات كبيرة مقارنة بالسنوات الماضية. فبعد كارثة مفاعل فوكوشميا في اليابان قررت ألمانيا التخلي عن الطاقة النووية بحلول عام 2022، أي بعد أقل من 10 سنوات. ومن غير الواضع بعد كيف سيكون لألمانيا التخلي عن مفاعلاتها النووية لسد حاجتها من الطاقة الكهربائية. وفي هذا السياق يرى هانس-ديتر كيتفيش، رئيس شركة إينيكرون لمنظومات توليد الكهرباء من طاقة الرياح أن " تخلي ألمانيا عن مفاعلاتها النووية سيتحقق من خلال منظومات طاقة متجددة غير مركزية".
وهذا الاتجاه لا يتناسب مع خطط مشروع ديزرتيك المركزية، لكن كلما تأخر توريد الطاقة المولدة في شمال إفريقيا، كلما أُقيم عدد أكبر من المصادر الأخرى للطاقات المتجددة، ما يجعل الاعتماد على مشروع ديزرتيك أصعب مستقبلاً، فقد تنتفي الحاجة إليه.