أوروبا تستثمر في المستقبل رغم إكراهات الأزمة
٩ سبتمبر ٢٠١٢من المعروف منذ فترة أن أوروبا تعاني من تداعيات الأزمة المالية، وفي الوقت الذي يبحث فيه الاتحاد الأوروبي عن الحلول للخروج من المأزق، تعتمد الشركات الأوروبية استراتيجيات خاصة بها، لأنه لا يمكن لها انتظار ما سيقوم به الفاعلون السياسيون، بل هي مجبرة على التحرك لبلورة برامج ذاتية للحفاظ على بقائها ضمن المنافسة العالمية الحادة. والمعيار الأساسي الذي تتبناه شركات أوروبا هو استثمار أموال أكثر في البحوث والابتكار رغم الورطة المالية للأسواق الدولية. وتكشف دراسة ُأجريت بتفويض من الاتحاد الأوروبي أن شركات رائدة تخطط للرفع من مستوى الاستثمارات حتى عام 2014 بنسبة سنوية يصل متوسطها إلى 4 في المائة. ويبدو أن قطاع صناعة الكومبيوتر وبرمجياته سيوظف أكبر قسط من الاستثمارات يزيد حجمها الإجمالي في المتوسط في السنة الواحدة ب 11 في المائة. ويؤكد أوليفر كوبيل من معهد الاقتصاد الألماني في كولونيا أن هذه الأنباء تبعث على التفاؤل، ويوضح: " لأنها تبرهن على أن الشركات تستثمر أيضا في فترات الأزمة الاقتصادية في البحوث والتنمية".
من جهة أخرى يشير كوبيل إلى أن الأزمة المالية كشفت أيضا ما يحدث لبلدان مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا التي قلما بذلت في السنوات العشر الأخيرة جهودا في مجال البحوث العلمية، وقال في هذا السياق :"بما أن البحوث هي ببساطة أكبر محرك للتنمية الاقتصادية، فلا غرابة أن لا تكون الأوضاع جيدة في هذه البلدان".
أوروبا تحافظ على قوتها التنافسية في البحث العلمي
وركزت دراسة الاتحاد الأوروبي على الشركات الكبرى التي تخطط على مدى بعيد لميزانياتها الخاصة بالبحوث والتنمية. وعلى هذا الأساس ُيلاحظ أن الأزمة المالية لم تؤثر بعد بقوة على ميزانيات هذه الشركات، فيما تلمس الشركات صغيرة ومتوسطة الحجم تداعيات الأزمة الاقتصادية، وبالتالي لا يمكن اعتماد نتيجة الدراسة الأوروبية كمسح يسري على الوضع العام للاستثمارات الأوروبية في البحوث.
ويكشف الاستعداد الحالي للشركات من أجل الاستثمار عن تحول جديد، لأن أوروبا كانت مهددة قبل فترة قصيرة بفقدان الركب في البحوث والابتكارات العلمية. وقبل سنتين أوردت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن ذلك التأخر بات يصيب بعض الشركات الكبرى في الولايات المتحدة الأمريكية واليابان. لكن مندوبة الاتحاد الأوروبي للبحوث والابتكار والعلوم، مير غيوغيغان كوين تحذر أوروبا هنا من التراخي عندما قالت:"أوروبا رائدة في عدة قطاعات، لكن لا يمكن لنا الاكتفاء بالنشوة الذاتية. نحن نصدر أعمالا علمية أكثر من الولايات المتحدة الأمريكية، لكن إصداراتنا لا ُتذكر مثل الأمريكية. هذا يعني أننا نبقى في الخلف عندما يتعلق الأمر بالبحوث ذات التأثير الأكبر، إضافة إلى أن المنافسة أصبحت أكثر حدة منذ أن التحقت الصين وبعض الدول الناشئة بالسباق".
تعاون أوروبي صيني حذر بسبب الملكية الفكرية
من جانب آخر يجب الإشارة الى أن الشركات الأوروبية تستفيد بالطبع من العولمة ليس فقط لأن الصين مثلا تشكل سوقا هامة للمنتجات الأوروبية، بل أيضا لوجود تعاون دولي أكبر في البحوث والتنمية بين الشركات. البروفيسور رادوز بوبيسكو زليتين، مدير معهد فراونهوفر الألماني الذي يهتم بتقنيات المعلوماتية والاتصالات يتساءل في هذا السياق، ويقول :"هل يمكن لنا الفصل بين أوروبا والصين؟ فكثير من الشركات الصينية استثمرت الكثير من الأموال نسبيا في شركات أوروبية تقيم بدورها علاقات تجارية مع الصين. نحن نتعاون كثيرا مع شركات صينية. أعتقد أن هذه المعركة تتم في مجال التعاون الذي هو قائم حاليا".
لكن سرعان ما يصطدم هذا التعاون الصيني الأوروبي بجدار منيع عندما يتعلق الأمر بحماية الملكية الفكرية، لأن الشركات الصينية لا تبالي بحماية الملكية الفكرية للآخرين، وعليه نجد أن رجال الأعمال الأوروبيين يشددون في الدراسة الأوروبية على مستقبل الاستثمارات ويصرفون أموالا طائلة في إجراءات حماية الملكية الفكرية من القرصنة.