أوروبا: تدعم الديمقراطية ولا تصدرها
٢٠ فبراير ٢٠١٣الصحفيون والمدونون والمنظمات الأهلية والتجمعات النقابية والحركات السياسية (بما فيها تلك الحركات الموجودة في المهجر) وأيضا الناشطون الأفراد، هذه بعض الجهات التي يمكنها أن تتقدم بطلب الحصول على دعم مالي وتقني من الصندوق الأوروبي للديمقراطية، الذي تم تأسيسه مؤخرا بميزانية مبدئية قدرها 14.2 مليون يورو. مفوضية الاتحاد الأوروبي أسهمت بـ 6.2 مليون يورو منها، فيما قدمت بعض الدول الأعضاء إضافة لسويسرا 8 ملايين يورو.
تأسس الصندوق بشكل رسمي وأصبح مسجلا وفق القانون البلجيكي قبل أسابيع قليلة فقط، ولكن انطلاقته العملية ستكون منتصف العام الجاري، وإن كان بوسع الراغبين التقدم بمشاريعهم من الآن.
ينتظر القائمون على الصندوق أن تكون هذه البادرة نافذة جديدة تضاف إلى نوافذ عدة لمد الجسور مع الدول المحيطة بالاتحاد الأوروبي والتي يحتاج مواطنوها إلى دعم يعينهم في دخول حياة سياسية واجتماعية جديدة، بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها بلدانهم، ومنها بلدان المنطقة العربية.
"لا نريد أن نصدر الديمقراطية للآخرين"
"الصندوق موجه لدعم أولئك المستعدين لتلقي المساعدة، والمصممين على النضال من أجل القيم الديمقراطية في أممهم وبلدانهم" كما يقول جيرزي بوميانوفسكي نائب وزير الخارجية البولندي والمدير التنفيذي للصندوق الأوروبي من أجل الديمقراطية في حوار مع DWعربية مضيفا: "لا نريد أن نصدر الديمقراطية للآخرين أو أن نعمم تجاربنا. نريد أن نسمع منهم ما يحتاجون، ما هي تجاربهم وسنكون إلى جانبهم .. سنقدم خبرتنا والدعم المالي وهم يقررون ما هو مناسب وما هو غير مناسب".
الجديد في هذا الصندوق، بحسب القائمين عليه، هو أنه سيكون بعيدا عن البيروقراطية والتعقيدات الموجودة في بعض جهات الدعم الأوروبية الموجودة حاليا. وسيكون الحسم فيه سريعا من حيث تقديم الدعم اللازم، دون الانتظار لمواعيد محددة ولفترات طويلة، كما يقول الدبلوماسي البولندي: "خلال أسبوعين فقط -على سبيل المثال- سيكون من الممكن تقديم مساعدة ببضعة آلاف يورو". هذا المبلغ ليس قليلا في دول الجوار الأوروبي، وسيكون مساعدة جيدة للحركات والتنظيمات والمبادرات الشبابية والمهنية الناشئة في دول الربيع العربي على وجه الخصوص.
بالمقابل فهناك دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي تحفظت مبدئيا على الصندوق المُنشأ حديثا ولم تنضم له، أبرزها ألمانيا وإسبانيا وفرنسا، وهو ما يطرح تساؤلا حول سبب التحفظ.
نائب وزير الخارجية البولندي أرجع ذلك إلى أمرين: الأول هو أن الدول المتحفظة ربما لديها "صعوبة في اتخاذ قرار سريع" وهو ما تقوم عليه آلية عمل الصندوق، والثاني لأن تلك الدول تملك مبادرات وجهات دعم للديمقراطية بمبالغ ليست قليلة.
أهمية خاصة لدول الربيع العربي
جهود الصندوق في المرحلة الراهنة موجهة بشكل أساس للدول المجاورة لدول الاتحاد الأوروبي، أي إلى منطقتي شرق أوروبا والدول العربية، وهذا يعني أنها لن تشمل حاليا جميع الدول العربية، وإنما فقط دول الجوار الأوروبي أي تلك المطلة على البحر الأبيض المتوسط.
ولدت الفكرة الأساسية للمشروع خلال التظاهرات الاحتجاجية الحاشدة في بيلاروسيا على خلفية اتهام المعارضة للرئيس ألكساندر لوكاشينكو بتزوير الانتخابات. ولكن الفكرة توارت لفترة، ثم عادت مجددا عبر النقاش الجدي داخل دوائر السياسة الأوروبية خلال الأشهر الأخيرة، في ظل مناخ التطورات السياسية غير المسبوقة في العالم العربي.
وهنا يولي صندوق الدعم أهمية خاصة لدول ما يعرف بالربيع العربي، وذلك لوجود حركات وجمعيات ومؤسسات ونقابات جديدة قيد التأسيس والتشكل جديرة بأن تحظى بأولوية المساعدة، بحسب بوميانوفسكي، الذي يؤكد بأن المساعدة ستكون مفتوحة لجميع التوجهات السياسية طالما أنها تقبل بالمبادئ الديمقراطية وتعمل لأجلها.
المجموعات التي تشكلت عبر شبكات التواصل الاجتماعي قد تحظى بدعم الصندوق بحسب القائمين عليه. كما أن المشاريع الديمقراطية لا يجب بالضرورة أن تكون مشاريع كبرى حتى تحصل على الدعم.